عن دار الجنوب للنشر صدرت رواية «الحرقة» للشاذلي مبارك في عشرين فصلا قدم لها الاستاذ جمال الخليفي... تستمد الرواية شرعيتها من «النبوءة » ...فصدورها الذي تزامن مع فاجعة ابتلاع البحر لزهرات الوطن ...بدا كانه نبوءة بغض النظر عن القيمة الابداعية لهذا العمل. «الحرقة» أم الفواجع وإذا لم يكن غير الاسنة مركبا فما حيلة الملهوف غير ركوبها..... واذا لم يكن من الموت بد... فمن العبث ان تكون طعما لاسماك القرش ومن افلت من انياب البر لن ينجو من انياب البحر.... شباب عاطل ومعطل حالم وطامع ومحتاج .... يا حارق لا تطمع.... اكتب على الشراع هذه الحكمة لتكتب لك السلامة...... الموج وحش يعلو الرواية قامت على الموجود الذي يمكن تغييره والمحلوم به الذي يمسك بناصيته الآخرون...والبحر لاعب لم يقرا له حساب.... لغة الرواية مزجت بين العامية والفصحى ...ومن خلال المدونتين ابحر المؤلف في عالم الحراقة.... الموج وحش يعلو...وتجف شجرة العمر في البحر وتتحطم كل الاحلام على الامواج العاتية.... «الناس كالسردين» فصل البداية و«الحي يروح» خاتمة المطاف لكن اذا كان «الحبس كذاب والحي يروح « فان البحر لا يكذب.... ان غدر صدق... وان توعد نفذ وعده.... رهانه على الغفلة واللهفة لا يخطف الا من كان غرا.... مهمشون مهملون ارادوا البحث عن معنى ان يكون الانسان انسانا... يبتلع البحر ما تيسر منهم ويترك للتشرد نصيبا كي تقتات الزوايا المظلمة مما بقي لديهم من احتياطي يأس.... وداعا ايها الحلم تاهت الناهد الجميلة المحلوم بها وضاعت السيارة الفارهة في خيال الحارق.... ليس هناك اصدق من الوطن...... المعاجم مع الحارقين جاء في « المخصص « لابن سيده : « الحراقات : سفن فيها مرامي نيران وقيل هي المرامي أنفسها» وجاء في اساس البلاغة للزمخشري : «وماء حراق زعاق: شديد الملوحة، كأنما يحرق حلق الشارب. وفرس حراق العدو: يكاد يحترق لشدة عدوه، ومنه ركبوا في الحراقة وهي سفينة خفيفة». انها الغصة الماثلة في الحلق .... «حرق احترق اخترق ... الموج العازل غاب ... كبر الفتى... شاب... أخذ معه أرواح الأحبة وبقي الحريق... دون دخان !!» (من كتابي «مراسم الكذب»)