رأى اللواء والخبير العسكري المصري طلعت مسلم في حديث ل «الشروق» من القاهرة أن التغييرات الجذرية التي طرأت على المؤسسة العسكرية المصرية في الآونة الأخيرة كانت أساسا نتيجة «انقلاب هادئ» قاده الرئيس محمد مرسي... لكن اللواء طلعت مسلم، القيادي السابق في الجيش المصري وأحد أبطال نصر أكتوبر لم يستبعد في نفس الوقت وجود دور أمريكي خفي في هذا الانقلاب. وفي مايلي هذا الحوار :
ما تفسيرك سيادة اللواء للتغييرات التي شهدتها المؤسسة العسكرية المصرية مؤخرا... وماالذي جرى لهذه المؤسسة بالضبط في اعتقادك؟
أعتقد أن هذه المسألة اتسمت بالكثير في الارتباك على اعتبار أنه كان هناك منذ البداية اتفاق يقضي بأن يسلم المجلس الأعلى العسكري السلطة في 30 جوان الماضي...وبالتالي كان من المفترض هنا أن يترك المجلس العسكري السلطة للرئيس المنتخب ويعود الى عمله.. لكن الذي حصل أنه قبل 30 جوان الماضي صدر قرار بالمحكمة الدستورية يقضي ببطلان مجلس الشعب...وبالتالي كان لا بد من تعيين مجلس يتولى السلطة التشريعية الى حين انتخاب مجلس جديد يمثل الشعب...وقد صاحب ذلك بعض التعديلات وبعض القوانين وخاصة قانون الدفاع عن الدولة...بعد ذلك جرى انتخاب رئيس للجمهورية وجرت بعض المماحكات حول الاعلام المكمل ووجود المجلس الأعلى بينما المجلس الأعلى عمل كل ما يمكن حتى يعطي الرئيس المنتخب سلطاته وصلاحياته لكن هذا لم يرح على ما يبدو رئيس الجمهورية الذي اعتبر المذبحة التي جرت على الحدود المصرية الاسرائيلية فرصة مهمة ليلقي بالمسؤولية على المجلس الأعلى للقوات المسلحة وللقيام بالتغييرات التي قال إنها ضرورية وأساسية في صلب المؤسسة العسكرية... في هذا الوقت حدث نوع من الاختراق من قبل الاخوان المسلمين داخل المؤسسة العسكري وأدى ذلك الى حصول تلك التغييرات وتمت إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة وتعيين وزير دفاع جديد وتغيرت المؤسسة العسكرية بأكملها تقريبا من خلال السلطة المدنية الجديدة.
تحدثت عن حصول اختراق... تشرح لنا كيف وقع مثل هذا الاختراق؟
من الملاحظ أن الذي تم تعيينه وزيرا للدفاع واضح أن له ميولا إسلامية إضافة الى أنه جرت اتصالات سرية تم خلالها إغراء بعض القيادات العسكرية للقيام بانقلاب هادئ على القيادة العسكرية القديمة...
لكن هناك رواية تقول بأن هذا «الانقلاب» الهادئ الذي أشرت إليه جاء ردا على انقلاب آخر كان يعتزم المشير طنطاوي القيام به...فأين الحقيقة من ذلك؟ لا أعتقد أن المشير طنطاوي كانت له نوايا في هذا الاتجاه...فلو كانت لديه النية في الانقلاب لكان قد نفذه...فالأمر لم يكن يحتاج الى أكثر من إشارة لتنفيذه...لكنه كان يرفض مثل هذا الأمر وكان تعهد منذ البداية بتسليم السلطة العسكرية الى سلطة مدنية...وقد كان صادقا في ذلك.
هل ترى سيادة اللواء بأن الولاياتالمتحدة كان لها دور غير مباشر في ما جرى؟
من المعروف أن الولاياتالمتحدة تعارض أي تدخل عسكري في الحكم...وهي تحدثت حتى قبل انتخاب رئيس الجمهورية بمصر عن ضرورة انتقال السلطة العسكرية الى سلطة مدنية...لكن أعتقد أنه كان هناك خلاف بين المؤسسة العسكرية المصرية والادارة الأمريكية...وهذا الخلاف وصل ذروته خلال عهد الرئيس السابق حيث أن الولاياتالمتحدة لم تكن راضية على إعداد وتدريب القوات المسلحة المصرية وكانت تطالب بإدخال تعديلات على عقيدة الجيش العسكرية وخاصة في ما يتعلق بمسألة مكافحة الارهاب وانتشار أسلحة الدمار الشامل لكن المشير طنطاوي رفض هذا الأمر وظل مصرّا على تدريب القوات المسلحة على صدّ الهجومات المعادية...وبالتالي كان هناك خلاف متشعب حول هذه القضية...وربما دفع تمسك المشير طنطاوي بموقفه الادارة الأمريكية الى اعطاء الضوء الأخضر للرئيس مرسي للتخلي عن قيادة طنطاوي.
لكن ، في هذه الحالة ، كيف تفهم وتحلل الرسالة التي وجهها وزير الدفاع المصري الجديد الى أمريكا حال تعيينه حين طالبها بالرحيل من الشرق الأوسط؟ أعتقد أن هذه كانت كلمات عامة كان الهدف منها إرضاء الرأي العام فقط ولكنها لم تكن تكتسي طابعا جديا...فالقيادة العسكرية المصرية الجديدة لم تكن في يوم من الأيام بعيدة عن أمريكا بما أن وزير الدفاع الجديد كان مديرا للمخابرات العسكرية مع طنطاوي وله اتصالات متقدمة مع الأجهزة الأمنية الأمريكية.