انعقدت يوم الأحد الفارط الجلسة الإقليمية الثانية للجنة الفنية للإشراف على الحوار الوطني حول العدالة الانتقالية بالمركز الجهوي للتربية والتكوين المستمر بسليانة، هذه الجلسة حادت عن أهدافها الحقيقية وتحوّلت إلى صراع إيديولوجي. الافتتاح كان على إيقاع نغمات النشيد الوطني الأمر الذي استحسنه جميع الحاضرين ورسم على وجوههم علامات الرضا, ثم ألقى الأستاذ طارق الزكراوي رئيس الجلسة كلمة الافتتاح, التي تعرض فيها إلى الأهداف من جلسات الحوارية تلك وأهم محاولات تحديد العدالة الانتقالية والغاية الأساسية لهذه اللجنة المستقلة التي تسعى لسبر اراء المواطنين وانتظاراتهم من العدالة الانتقالية ورفع تلك التقارير للجنة الفنية المشرفة على اللجان الإقليمية لصياغة مشاريع قوانين تتماشى مع تطلعات المواطن العادي من العدالة الانتقالية يقع عرضها على المجلس التأسيسي للمصادقة عليها.
المداخلة الأولى كانت للسيد نصر الدين اللواتي التي تمحورت أساسا حول ضرورة تمثيل عائلات الشهداء في جلسة مخصصة لموضوع هم أهم المعنيين به.وقد لقيت هذه المداخلة استحسانا من الحضور ومن اللجنة.
بعض المداخلات الأخرى كانت في الإطار ورسمت على ملامح اللجنة علامات الرضا لكن ومع تواتر التدخلات فٌتح الباب للصراعات الإيديولوجية وتحولت الجلسة من جلسة حوار حول مفهوم العدالة الانتقالية إلى جلسة إبداء رأي حول مسألة التعويضات.
فهذا يريد «الانتفاع» بالعدالة الانتقالية وأخر يريد استعادة حقه في الدراسة فورا بينما يطالب أخر الحكومة بإعادة منحة البطالة ليتدخل أخر لتوضيح موقف حكومي. والأكيد أن مطالب الكل مشروعة خاصة ممن يستحقون حلولا عاجلة مثل التمكين من حق الدراسة أو الذين يعانون من مشاكل صحية عاجلة لا تحتمل التأجيل لكن الإشكال في فهم طبيعة عمل اللجنة.
ورغم أن العديد من التدخلات كانت في غير موضوع الجلسة إلا أن بعض التدخلات كانت على قدر كبير من الأهمية مما جعل السيد عمر الرواني المنسق الإقليمي للجنة يقول بأن هذه الجلسة «جلسة مثمرة وكانت تحتوي على مقترحات ثرية».
و عن الصعوبات التي تعرفها اللجنة يقول السيد عمر الرواني إن أهم المشاكل تتمثل في ضعف الموارد البشرية حيث يقول بأن عدد أفراد اللجنة قليل جدا بالمقارنة مع المهام الموكلة لها بالإضافة إلى غياب المختصين خاصة في الأمور التقنية.
حالات تشنج المتدخلين متأتية أساسا من سوء فهمهم للجنة والأهداف من الجلسات ويواصل السيد المرواني ليقول أن سوء الفهم ذاك يرد ضرورة إلى التقصير الإعلامي وعلى حد تعبيره «لو كان عمل هذه اللجنة الآن في دولة متقدمة لكان البث مباشرا في أكثر من قناة تلفزيونية».
وبعد تواتر التدخلات وكثرة الخلافات التي امتدت إلى جزء من الحصة المسائية تم المرور إلى عمل اللجان حيث توزع الحضور على خمس لجان هي لجنة كشف الحقيقة, لجنة جبر الضرر, لجنة المحاسبة, لجنة الإصلاح المؤسساتي ولجنة المصالحة وهذه أساسا مراحل العدالة الانتقالية المعمول بها في أكثر البلدان التي عرفت انتقالا ديمقراطيا والمتبعة تقريبا في كل الأدبيات الصادرة عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان.
الحضور والنقاشات داخل اللجان كان متفاوتا حيث كانت الأغلبية في لجنة جبر الضرر أين احتد النقاش حول طريقة جبر الضرر والغوص في تحديد المفاهيم, الجيد أنه داخل هذه الورشة التزم الحضور بجدول العمل وتم تجاوز الخلافات التي طرحت أثناء الجلسة وكانت المرتبة الثانية من حيث الحضور لورشة لجنة المحاسبة.