ذكرت مصادر فلسطينية أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» قرر تحت ضغوط ايرانية سورية التخلي عن قيادة الحركة بعد فشله في حفظ توازنها فيما يتعلق بالأزمة السورية. نقلت صحيفة «العرب» اللندنية عن مصادر فلسطينية اعتقادها ان مشعل، لم يتخل (طوعا) عن قيادة حركة «حماس»بسبب ما قيل عن رغبته في «استراحة محارب» بل ان قراره أتى تلبية لرغبة طهران ودمشق في التخلص من توجهاته السياسية ومن كلّ ما يمثله داخل «حماس» وعلى الساحة السياسية الفلسطينية.
ثمن الموقف
وأشارت تلك المصادر الى ان مشعل دفع ثمن دوره في امتناع «حماس» عن تقديم أي دعم للنظام السوري منذ اندلاع الأزمة قبل سنة ونصف السنة. وقالت «العرب» إن مشعل استند في موقفه، الذي دفع بقيادات كثيرة في «حماس» على مغادرة الأراضي السورية، الى عاملين: الأوّل تحيّزه الكامل الى الموقف القطري والاخر الرغبة في مسايرة الاخوان المسلمين السوريين.
ووقف «إخوان سوريا» منذ البداية ضد النظام السوري لأسباب عقائدية وأخرى مرتبطة بتصفية حسابات قديمة مع النظام الذي جعل من الانتماء الى حركة «الاخوان» أمراً محرّماً بموجب القانون عقوبته الاعدام.
وأوضحت المصادر نفسها أن ايران التي استثمرت في «حماس» مباشرة أو بواسطة «حزب الله» منذ ما يزيد على عشرين عاما وأقامت شبكات داخلها، ردّت على مواقف مشعل الذي فتحت له قطر أبواب الاردن مجددا بالدعوة الى عزله. وقالت ان مشعل شعر بمدى المعارضة التي يواجهها داخل «حماس»، ففضّل التخلي عن موقعه القيادي داخل الحركة من منطلق أن الوقت يعمل لمصلحته. وقال قيادي فلسطيني مطلع على خبايا «حماس» ان مشعل «فضّل في الوقت الراهن الانحناء أمام العاصفة في انتظار اليوم الذي سيسقط فيه النظام السوري.
حسابات فلسطينية
وأضاف القيادي أن مشعل سيكون قادرا، بعد سقوط النظام السوري، على مواجهة خصومه والقول لهم ان خياراته كانت «صائبة» وانها كانت في مصلحة «حماس» خصوصا وحركة الاخوان المسلمين عموما وهذا ما ينتظره مشعل.
ويذكر أن مشعل الذي يترأس «حماس» منذ عام 1996 وصل الى موقعه إثر تسوية استبعدت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي والدكتور موسى أبو مرزوق لمصلحته. وكان الرنتيسي يمثل الجناح القوي في الداخل (أي في قطاع غزة)، فيما كان أبو مرزوق، المقيم في الخارج والمبعد من الولاياتالمتحدة» ، يعتبر «رجل ايران»» لدى «حماس».
واغتيل الرنتيسي عام 2004 في غزة في غارة جوية اسرائيلية استهدفت سيارته، في حين بقي أبو مرزوق يمارس دوره في الحركة ويوطد علاقاته أكثر بطهران. وكان لافتاً في الاشهر القليلة الماضية المساعي التي بذلتها ايران في غزة لاستعادة المبادرة وذلك عن طريق تحريك مجموعات تابعة لها تحظى بعلاقات مع بدو سيناء. وشنّت تلك المجموعات سلسلة من العمليات في سيناء أحرجت السلطات السلطات المصرية وحكومة حماس التي يرأسها اسماعيل هنية في الوقت ذاته. وقتل في احدى تلك العمليات عدد من الجنود المصريين كانوا متمركزين في موقع قرب معبر رفح.
واكتشفت السلطات المصرية أخيرا أن ايران لا تزال موجودة بقوّة في غزة وذلك ليس عبر «حركة الجهاد الاسلامي» التابعة لها كلّيا فحسب، بل عبر عائلات لها نفوذ كبير في القطاع وتعتبر موالية ل«حماس»، ظاهريا على الأقل.
وخلصت المصادر الفلسطينية الى القول «ان مشعل ذهب ضحية الضغوط الايرانية وان ابعاده جاء انعكاسا للدعم الايراني للنظام السوري من جهة وتأكيدا للسيطرة الإيرانية على توجهات «حماس» ومواقفها من جهة أخرى.
ورأت المصادر أن الأمر يتضمن رسالة موجهة الى مصر فحواها أن ايران شريك في اتخاذ القرار الحمساوي وأن الحركة ليست تحت سيطرة قطر وحدها أو الاخوان في مصر.