مع عودة التحكيم الأجنبي.. تعيينات حكام الجولة 5 "بلاي أوف" الرابطة الاولى    استقالة متحدثة من الخارجية الأميركية احتجاجا على حرب غزة    الرابطة الأولى.. تعيينات حكام مباريات الجولة الأولى إياب لمرحلة "بلاي آوت"    ماذا في لقاء سعيد برئيسة اللجنة الوطنية الصلح الجزائي..؟    أخبار المال والأعمال    سليانة .. رئس الاتحاد الجهوي للفلاحة ...الثروة الغابية تقضي على البطالة وتجلب العملة الصعبة    وزير السّياحة: تشجيع الاستثمار و دفع نسق إحداث المشاريع الكبرى في المجال السّياحي    «الشروق» ترصد فاجعة قُبالة سواحل المنستير والمهدية انتشال 5 جُثث، إنقاذ 5 بحّارة والبحث عن مفقود    تنزانيا.. مقتل 155 شخصا في فيضانات ناتجة عن ظاهرة "إل نينيو"    زيتونة.. لهذه الاسباب تم التحري مع الممثل القانوني لإذاعة ومقدمة برنامج    لدى لقائه فتحي النوري.. سعيد يؤكد ان معاملاتنا مع المؤسسات المالية العالمية لابد ان يتنزل في اختياراتنا الوطنية    اليابان تُجْهِزُ على حلم قطر في بلوغ أولمبياد باريس    سوسة.. دعوة المتضررين من عمليات "براكاجات" الى التوجه لإقليم الأمن للتعرّف على المعتدين    إثر الضجة التي أثارها توزيع كتيّب «سين وجيم الجنسانية» .. المنظمات الدولية همّها المثلية الجنسية لا القضايا الإنسانية    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    حركة النهضة تصدر بيان هام..    بالثقافة والفن والرياضة والجامعة...التطبيع... استعمار ناعم    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    تراجع الاستثمارات المصرح بها في القطاع الصناعي    جندوبة.. المجلس الجهوي للسياحة يقر جملة من الإجراءات    منوبة.. الإطاحة بمجرم خطير حَوّلَ وجهة انثى بالقوة    برنامج الجولة الأولى إياب لبطولة الرابطة الاولى لمحموعة التتويج    اقتحام منزل وإطلاق النار على سكّانه في زرمدين: القبض على الفاعل الرئيسي    قبلي: السيطرة على حريق نشب بمقر مؤسسة لتكييف وتعليب التمور    الفنان رشيد الرحموني ضيف الملتقى الثاني للكاريكاتير بالقلعة الكبرى    من بينهم أجنبي: تفكيك شبكتين لترويج المخدرات وايقاف 11 شخص في هذه الجهة    البطلة التونسية أميمة البديوي تحرز الذهب في مصر    مارث: افتتاح ملتقى مارث الدولي للفنون التشكيلية    تحذير من هذه المادة الخطيرة التي تستخدم في صناعة المشروبات الغازية    وزيرة التربية : يجب وضع إستراتيجية ناجعة لتأمين الامتحانات الوطنية    وزارة التعليم العالي: تونس تحتل المرتبة الثانية عربيًّا من حيث عدد الباحثين    سليانة: أسعار الأضاحي بين 800 دينار إلى 1100 دينار    الرئيس الفرنسي : '' أوروبا اليوم فانية و قد تموت ''    تتويج السينما التونسية في 3 مناسبات في مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة    جريمة شنيعة: يختطف طفلة ال10 أشهر ويغتصبها ثم يقتلها..تفاصيل صادمة!!    قبلي : اختتام الدورة الأولى لمهرجان المسرحي الصغير    باجة: تهاطل الامطار وانخفاض درجات الحرارة سيحسن وضع 30 بالمائة من مساحات الحبوب    وزير الشباب والرياضة يستقبل اعضاء فريق مولدية بوسالم    الڨصرين: حجز كمية من المخدرات والإحتفاظ ب 4 أشخاص    قيس سعيّد يتسلّم أوراق اعتماد عبد العزيز محمد عبد الله العيد، سفير البحرين    الحمامات: وفاة شخص في اصطدام سيّارة بدرّاجة ناريّة    التونسي يُبذّر يوميا 12بالمئة من ميزانية غذائه..خبير يوضح    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 25 أفريل 2024    سفينة حربية يونانية تعترض سبيل طائرتين مسيرتين للحوثيين في البحر الأحمر..#خبر_عاجل    بطولة مدريد للماسترز: اليابانية أوساكا تحقق فوزها الأول على الملاعب الترابية منذ 2022    كاس رابطة ابطال افريقيا (اياب نصف النهائي- صان داونز -الترجي الرياضي) : الترجي على مرمى 90 دقيقة من النهائي    هام/ بشرى سارة للمواطنين..    لا ترميه ... فوائد مدهشة ''لقشور'' البيض    أكثر من نصف سكان العالم معرضون لأمراض ينقلها البعوض    الجزائر: هزة أرضية في تيزي وزو    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    تونس: نحو إدراج تلاقيح جديدة    هوليوود للفيلم العربي : ظافر العابدين يتحصل على جائزتيْن عن فيلمه '' إلى ابني''    في أول مقابلة لها بعد تشخيص إصابتها به: سيلين ديون تتحدث عن مرضها    دراسة تكشف عن خطر يسمم مدينة بيروت    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    خالد الرجبي مؤسس tunisie booking في ذمة الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قراءة جديدة للعلاقات الأردنية الحمساوية في ذكرى محاولة اغتيال مشعل: شاكر الجوهري

محاولة الإغتيال اطلقت سراح الشيخ ياسين وأشعلت التنافس على القيادة
نشر صورة مشعل غائبا عن الوعي ضاعف ضغط الملك حسين على نتنياهو وسرّع وصول الترياق الإسرائيلي لإنقاذه
صالح القلاب وافق على نشر الصورة في الأردن ليعين لاحقا وزيرا للإعلام مكافأة لحملته الإعلامية على "حماس"..!
البطيخي أمر بنفي تعرض مشعل لمحاولة اغتيال حرصا على معاهدة السلام وتفضيلا للإتصالات الدبلوماسية وكرها بالإسلاميين
مدير المخابرات الأسبق ل "حماس": إن وافقتم على العملية السياسية نضمن لكم تولي القيادة الفلسطينية بدلا من عرفات"..!
مشعل تابع قضية اعتقال أبو مرزوق في اميركا فقاد عملية انقاذ حياته ولم يطالب باستكمال ولايته رئيسا للمكتب السياسي
الفجرنيوز/شاكر الجوهري
تتزامن الذكرى الحادية عشرة لمحاولة الإغتيال الإسرائيلية التي تعرض لها خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" في العاصمة الأردنية عمان بتاريخ 25/9/1997 مع منعطف جديد في العلاقات بين حركة "حماس" والأردن، يتمثل في الحوار المتجدد بين الجانبين، وإن كان هذا الحوار يشهد تباطؤا، يرى المراقبون أنه مؤقت، آخذين بعين الإعتبار تعاقب وتباين أطوار العلاقة بين "حماس" والأردن.
الحوار الجاري بمبادرة اردنية، تستجيب لعرض حمساوي دائم، ينطلق من رؤية استراتيجية اردنية مفادها أن "حماس" تمثل صمام أمان بالغ الأهمية للأمن الإستراتيجي الأردني.
وهذا ما ينطلق منه الحوار الراهن، وعلى قاعدة "الأردن هو الشقيق الأقرب والأحب"، وفقا لمقولة اطلقها خالد مشعل نفسه من دمشق في السادس من آذار/مارس 2007، عبر ناهض حتر، الكاتب الأردني الموغل في وطنيته.
هل هو فقط الوفاء لموقف العاهل الأردني السابق الملك حسين، الذي تجلى في بذل كل جهد مستطاع من أجل انقاذ حياة مشعل من محاولة الإغتيال الآثمة..؟
السؤال على أهميته تتفرع عنه ثلاثة أسئلة لا تقل أهمية عنه:
السؤال الأول: لم لم يتخذ الأردن موقفا مماثلا من اسرائيل حين تعرض ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، القائد العام السابق لحركة "فتح" حين تعرض لأكثر من محاولة اغتيال اسرائيلية فوق الأرض الأردنية..؟
كان بالإمكان في حينه وقف الإتصالات السرية بين الجانبين، وهي الإتصالات التي سأل الرئيس كلينتون عنها الملك الراحل حسين واسحاق رابين لدى توقيعهما بوجوده معاهدة السلام بين البلدين.
السؤال الثاني: هل خص مشعل بذات الوفاء اطرافا أخرى لعبت دورا ما في انقاذه من الموت..؟
السؤال الثالث: هل مشعل هو الذي يحدد مواقف حركة "حماس" منفردا..؟
مؤسسة قيادية لا قائدا
ولنجب على آخر الإسئلة من واقع مقابلة غاية في الأهمية نشرتها صحيفة "الأيام" الفلسطينية مع مشعل بتاريخ 2/4/2008 واجراها معه في دمشق عبد الرؤوف الأرنؤوط..
سأل الأرنؤوط مشعل: في الآونة الأخيرة كان ثمة الكثير من التقارير الإسرائيلية (تتحدث) بأن خالد مشعل ليس هو المسيطر على "حماس" وأن المسيطر هو أحمد الجعبري..؟
قال مشعل ضمن اجابة مطولة: "باختصار حماس مؤسسة لها رأس ولها قيادة ولها مؤسسة قيادية، وهي تدير القرار بطريقتها الخاصة، فالقرار ليس مرتهناً لشخص، وإنما هناك مؤسسة قيادية، وأنا أقف على رأس هذه المؤسسة القيادية، وعلى الآخرين أن يفهموا الحقيقة".
مشعل بهذه الإجابة يزاوج بين امرين:
الأول: الإقرار بواقع الحال الذي يؤكد أنه ليس صاحب قرار منفرد في "حماس".
الثاني: الحرص على مظهره كرأس لهذه القيادة، ومن ضمنها أحمد الجعبري القائد الميداني لكتائب الشهيد عز الدين القسام في قطاع غزة.
لنخلص من ذلك إلى أن الموقف الذي عبّر عنه مشعل هو موقف قيادة "حماس"، لا موقف مشعل بمفرده، دون نفي لأهمية عنصر الوفاء في الأمر، ما دام مشعل جزءا من هذه القيادة، أو أنه يجلس على رأسها، كما قال.
وفاء منقطع النظير
هنا يفرض حديث الوفاء نفسه، ليس فيما يتعلق بوفاء مشعل، وإنما بوفاء منقطع النظير خص (بضم الخاء) به مشعل من قبل الدكتور موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، ومحمد نزال عضو المكتب السياسي، لدى تعرض مشعل لمحاولة الإغتيال الإسرائيلية في عمان.
ولا نقدم وفاء أبو مرزوق فقط استنادا إلى التقاليد البروتوكولية، التي تتعلق بموقعه المتقدم باعتباره الرجل الثاني في المكتب السياسي للحركة، وإنما إلى امرين آخرين:
الأول: محدودية العلاقة الزمنية بين مشعل وأبو مرزوق في ذلك الوقت. بخلاف تاريخية العلاقة بين مشعل ونزال.
فوفقا للمعلومات المتوفرة، فإنه ربما يكون أبو مرزوق تعرّف إلى مشعل بشكل عابر أثناء اقامته في دولة الإمارات خلال الفترة بين 1977 1982 قبل توجهه للعمل ومواصلة الدراسة في الولايات المتحدة الأميركية، التي ظل مقيما ويعمل فيها حتى سنة 1993..ذلك أن مشعل كان طالبا في مدارس الكويت، ثم عمل مدرسا في مدارسها، في حين كان أبو مرزوق يعمل مهندسا في دولة الإمارات العربية المتحدة.
فقد يكون العمل في إطار تنظيم اسلامي واحد، وإن تباين مكان إقامة كل منهما، ساهم في جمعهما، ولو بشكل عابر..في هذه الدولة الخليجية أو تلك.
غير أن الأرجح أن يكونا قد التقيا وتعارفا مطلع التسعينيات، بعد تأسيس حركة "حماس" أواخر سنة 1987، مع انطلاق الإنتفاضة الفلسطينية على يدي نواة "حماس" المبكرة التي شكلها الشيخ أحمد ياسين، وعدد من شباب قطاع غزة، كان أبو مرزوق واحدا من اوائلهم، حيث نشط وهو في سن يتراوح بين الخامسة عشرة والسادسة عشرة، مع الشيخ ياسين في إعادة بناء تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في القطاع، عقب هزيمة حزيران/يونيو 1967، وخروج الإدارة المصرية من القطاع، التي فككت تنظيم الجماعة في القطاع، وكانت تذيق الإسلاميين أنواع العذاب.
فمع انطلاقة "حماس" من غزة، تم توحد تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في القطاع مع تنظيم الجماعة في الأردن، في إطار تنظيم بلاد الشام، الذي اتخذ مكتبه التنفيذي برئاسة المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين الأردنية قرار تشكيل حركة "حماس".
وقد تشكل أول مكتب سياسي للحركة في مطلع التسعينيات برئاسة أبو مرزوق، حين كان الشيخ قد أصبح أسيرا لدى اسرائيل.
الثاني: أن أبو مرزوق كان الرجل الأول في المكتب السياسي للحركة قبل اعتقاله في الولايات المتحدة الأميركية بتاريخ 25 تموز/يوليو 1995، بعد أن تم ابعاده من الأردن في آيار/مايو من ذات العام. وكان من شأن وفاة مشعل (لا سمح الله) أن تعيده لموقعه السابق.
تصريح الرنتيسي
ومهما كان السبب الذي برر تصعيد خالد مشعل من نائب رئيس المكتب السياسي للحركة بعد أيام قليلة من اعتقال أبو مرزوق، ودون انتظار تطورات الحدث، إلى رئيس المكتب السياسي، فإن أبو مرزوق، ومهما كان ملائكيا في تفكيره وسلوكه، يفترض أن المسألة قد حزّت في نفسه، خاصة وأن اعتقال الشيخ أحمد ياسين، والحكم عليه بالسجن لأكثر من مؤبد واحد، لم يؤد إلى تعيين رئيس بديل للحركة..!
بعد ذلك، تم اعتقال أحمد سعادات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الذي دخل الآن عامه السابع في الأسر، دون تعيين عبد الرحيم ملوح نائب الأمين العام، أمينا عاما بدلا عنه. كما أنه حين أصبح ملوح أسيرا مع سعادات، وعلى مدى خمس سنوات كاملة، لم يفكر الدكتور ماهر الطاهر، مسؤول قيادة الخارج في أن يطالب بضرورة انتخاب أمين عام ونائب للأمين العام لملء الفراغ الكبير في قيادة الجبهة..!
ومع ذلك، فإن أبو مرزوق حين فوجئ بعيد اطلاق سراحه من السجن الأميركي بتصريح أدلى به الشهيد الرنتيسي يقول فيه إن أبو مرزوق عائد لرئاسة المكتب السياسي، سارع للإتصال بالرنتيسي من عمان إلى غزة نفيا صحة المعلومة التي صرح بها.
ولكن ما الذي جعل الرنتيسي يدلي بذلك التصريح..؟
وما الذي جعل أبو مرزوق يمتنع عن المطالبة باستكمال ولايته على رأس المكتب السياسي..؟
تقول المصادر إن الرنتيسي استند في ذلك إلى أن مشعل لم يكن قد انتخب رئيسا للمكتب السياسي، وإنما هو كان يكمل ولاية أبو مرزوق الذي خرج الآن من الأسر الأميركي. في حين أن أبو مرزوق امتنع عن المطالبة باستكمال فترة ولايته في رئاسة المكتب السياسي من قبيل الوفاء لمشعل الذي لم يتخل عنه أثناء فترة أسره في مانهاتن الأميركي.
أما محمد نزال، فهو صديق العمر لمشعل، حيث تزاملا على مقاعد الدراسة في مدارس الكويت، ولعبا معا أيام طفولتهما..ولذلك فقد كان وفاء نزال مشهودا، بقدر ما كان مبررا ومفهوما..
أبو مرزوق، الذي كان قد عاد للأردن من سجنه الأميركي في أواخر آيار/مايو 1997، قبل فقط اربعة أشهر من تعرض مشعل لمحاولة الإغتيال، ليحل ضيفا شخصيا على العاهل الأردني السابق الملك حسين، الذي قبل استضافته في عاصمته عمان كشرط لإطلاق سراحه من سجن مانهاتن بولاية نيويورك، لم يكن في وضع يسمح له بتحدى الموقف الرسمي الأردني، الذي مثلته تصريحات الدكتور سمير مطاوع وزير الدولة لشؤون الإعلام، والذي نفى فيها تعرض مشعل لمحاولة اغتيال، مؤكدا في معرض نفيه بيانا اصدرته "حماس" بالخصوص، أن ما حدث إنما هو شجار بين مرافقي مشعل وسائحين اوروبيين..!
أبو مرزوق وضع في اعتباره فقط أمرا واحدا، هو انقاذ مشعل، غاضا النظر عن أي شيئ سواه..
وتمثلت آلية تنفيذ هذا القرار في تولي الإشراف المباشر على معالجة مشعل في المستشفى الإسلامي أولا، ثم في المدينة الطبية، حين أمر الملك حسين بنقله إليها، ليكون تحت اشراف أمهر الأطباء.
كما تمثلت هذه الآلية في سعيه إلى تأكيد حقيقة تعرض رفيقه لمحاولة اغتيال..
حدث ذلك من خلال الكاتب نفسه..إذ زوده أبو مرزوق بأول صورتين نشرتا لمشعل وهو في حالة غيبوبة يصارع السم الفتاك من أجل البقاء، قبل وصول الترياق الإسرائيلي، الذي رهن الملك حسين مصير معاهدة السلام مع اسرائيل بوصوله، ملوحا بتمزيقها في حالة عدم الحصول عليه..!
الفريق سميح البطيخي، مدير المخابرات الأردنية في حينه، الذي لم يكن راضيا عن وجود قيادة "حماس" في الأردن، ابتداء..وهو الوجود الذي ورثه عن سلفه الفريق مصطفى القيسي، ارتأى عدم الإعلان عن وقوع المحاولة..ونفذ هذه الرغبة الوزير مطاوع.
لم يبح البطيخي يوما بسبب قراره. غير أنه يمكن تصور اربعة أسباب أملت ذلك القرار:
1. عادة التعتيم على الأخبار التي تمثل أحد أهم أسس العمل الأمني.
2. المباغتة التي مثلها الحدث، في وقت كان الأردن يبدي فيه حرصا كبيرا على معاهدة السلام مع اسرائيل.
3. تفضيل الإتصالات الدبلوماسية البعيدة عن الأضواء في حل الإشكال مع اسرائيل، ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو الذي اتخذ قرار الإغتيال، وارغامه على ارسال الترياق.
4. موقفا شخصيا مناوئا لحركة "حماس" ابتداء، مبني على كراهية شخصية يكنها البطيخي للإسلاميين على وجه العموم.
الصور تتكلم
الصورتان اللتان زود بهما أبو مرزوق الكاتب، نشرتا على صدر الصفحة الأولى لصحيفة "العرب اليوم" الأردنية، في اليوم التالي لوقوع محاولة الإغتيال، وعلى صدر الصفحة الأولى لصحيفة "الخليج" الإماراتية، حيث كان الكاتب مديرا لمكتبها في العاصمة الأردنية. ونقلا عن هاتين الصحيفتين، أعادت وكالات الأنباء العالمية، ثم جميع صحف العالم، فضلا عن الفضائيات نشر الصورتين.
وقد كان للنشر المصور تأثيرا كبيرا في المساعدة على تعظيم الضغوط على اسرائيل لإرسال الترياق، وإنقاذ مشعل من الموت، الذي كان يقترب منه.
وقد آن الأوان الآن للكشف عن إسم الرجل الذي وافق على نشر الصورة في صحيفة اردنية، متحديا الموقف الرسمي الأردني..لقد كان ذاك الرجل هو صالح القلاب، رئيس التحرير الثاني في الصحيفة، وطاهر العدوان رئيس التحرير المسؤول. والقلاب هو وزير الإعلام الأردني اللاحق، والذي تولى موقعه كوزير ويا للمفارقة مكافأة له على حملته الإعلامية اللاحقة على حركة "حماس"، وتسويق قرار ابعاد قادتها من الأردن في آب/اغسطس 1999..!
على كل حال، فقد كان نشر الصورتين في صحيفة "الخليج" كافيا..إذ أن وكالات الأنباء والفضائيات كانت ستنقل الصورتان عنها، وسيطلع عليها الرأي العام الأردني من خلال الفضائيات.
النشر المصور مثّل حافزا اضافيا للملك الراحل حسين ليصر على طلبه الترياق من اسرائيل تحت طائلة تمزيق المعاهدة، بعد أن أصبح الأمر الإسرائيلي مفضوحا..!
وفيما بعد رهن الملك تسليم عميلي الموساد اللذين وقعا في الأسر الأردني بفضل يقظة، ورجولة محمد أبو سيف، المرافق والحارس الشخصي لمحمد نزال، الذي صدف يومها أن رافق مشعل بسبب انشغال أحد مرافقيه..!
ومنذ ذلك اليوم تنازل نزال، في لمسة وفاء أخرى، عن أبو سيف لمشعل، ليظل مرافقه الدائم حتى الآن.
رجولة أبو سيف
ولم تقتصر رجولة وشجاعة أبو سيف على دفع عميلي الموساد اللذان هاجما مشعل بالآلة المحقونة بالسم، بحيث لم ينجحا في زرق كمية سم كافية لقتله خلال دقائق، لكنها تجاوزت ذلك إلى اللحاق بهما راكضا على قدميه مسافة تزيد عن الكيلومترين..من أواخر شارع وصفي التل لجهة الغرب، عبر شارع المدينة المنورة، وحتى "إشارة الكيلو" منتصف شارع مكة، حيث اشتبك معهما، وسيطر عليهما كليهما، ليساعده في نهاية الأمر أحد ضباط جيش التحرير الفلسطيني الذي كان يستقل سيارة أجرة، وهو في لباسه المدني..وهو إبن شقيق القائد الأسبق للجيش. فقد نجح الرجلان في ادخال عميلي الموساد إلى داخل سيارة الأجرة، والذهاب بهما إلى مركز أمن البيادر القريب، وتسليمهما هناك للشرطة الأردنية.
اهتمام استثنائي
الذين رأوا نزال قبيل شفاء مشعل ادركوا حجم المحبة التي يكنها لصديق العمر..
حين سألته، قبيل وصول الترياق، وكانت حالة مشعل تزداد سوءا، عن حالة صديقه وقائده، أجابني شبه باك "مبين صاحبك مش راح ينفد منها، مش راح يحصل على فرصة ليثبت قدراته القيادية في خدمة القضية".
"صاحبك" هذه كانت اشارة إلى أن نزال الذي عرّفني على الدكتور أبو مرزوق يوم وصوله الأردن عائدا من السجن الأميركي، كان رتب أول لقاء لي مع مشعل في مكتبه بعمان، الذي كنت قد عرفته من خلال الهاتف قبل ذلك، حين تكرم بمعاودة الإتصال بي على الرقم الذي تركته له حين لم أجده في منزله.
كان نزال يقترب من لحظة الإنهيار في حالة وفاة مشعل.
ولكن ما هي أسباب الإهتمام الأردني البالغ بحياة مشعل، وكيف يتم بعد ذلك ابعاد قادة "حماس"، بمن فيهم مشعل إلى خارج الأراضي الأردنية، بعد حبسه والتلويح بمحاكمته..؟
المسألة لم تقتصر فقط على تعرض مشعل لمحاولة الإغتيال الإسرائيلية فوق الأراضي الأردنية، إذ سبق أن تعرض ياسر عرفات لعدد من محاولات الإغتيال الإسرائيلية داخل الأراضي الأردنية، قبل طرده وقواته من الأردن سنتي 1970/1971، وقبل توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل، دون أن يصدر أي رد فعل رسمي اردني.
كما تم اغتيال المهندس عبد الفتاح الحمود، أحد أبرز اعضاء اللجنة المركزية لحركة "فتح" في الأردن، بحادث سيارة مدبر سنة 1968، دون صدور أي بيان اردني عن الحادث..!
أحد أهم العوامل التي جعلت الملك الراحل حسين يبدي كل الإهتمام الذي تابع الرأي العام تفاصيله في حينه يكمن فيما كشف عنه الملك نفسه في خطاب القاه بمدينة الزرقاء بالتزامن مع وقوع محاولة الإغتيال وبعد تكشف وقوعها..
كشف الملك في معرض توبيخه لرئيس الوزراء الإسرائيلي إن محاولة اغتيال مشعل وقعت بعد يومين فقط من ارساله رسالة إلى نتنياهو نفسه يبلغه فيها موافقة "حماس" على الإنخراط في عملية التسوية السياسية..!
رسالة الملك لنتنياهو
من أبلغ الملك بهذا الموقف غير المسبوق لحركة المقاومة الإسلامية..؟
الملك نفسه لم يضف شيئا إلى ما قاله في ذلك الخطاب. وحركة "حماس" التزمت الصمت التام. فهي لم تنف، ولم تصدر أي موقف، وكأن الملك لم يقل شيئا..!
غير أن حشرية الصحفي تفرض السؤال..؟
أحد مقربي مشعل من اعضاء المكتب السياسي أجاب في حينه إن المكتب السياسي لم يتخذ مثل هذا القرار، وإن هناك شكوكا في أن يكون أبو مرزوق هو من فعل ذلك. وأضاف أنه تم سؤال أبو مرزوق من قبل المكتب السياسي عما إذا كان فعل ذلك، فأجاب نافيا. وبالطبع، لم يكن هذا تصريحا للنشر في ذلك الوقت. ولهذا نمسك عن نشر إسم القيادي المعني.
لم يكن تصديق الأمر سهلا..
فقيادة "حماس" جماعية، وليس معقولا أن يتخذ أبو مرزوق قرارا من هذا الطراز دون معرفة وموافقة المكتب السياسي، ورئيس المكتب السياسي، فضلا عن الشيخ أحمد ياسين، الذي قال للكاتب حين زاره في منزله بغزة، بعد أيام من إطلاق سراحه من الأسر الإسرائيلي، ومغادرته المدينة الطبية في عمان، أنه ليس الأب الروحي ل "حماس"، ولا أمها، في سخرية واضحة مما كان يروج له في ذلك الحين، لكنه التزم الصمت حين تدخل الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، بوجود اسماعيل هنية، مدير مكتب الشيخ في حينه، قائلا للكاتب في حضرة الشيخ، وقد كان الوحيد الذي يفتح فمه في حضرة الشيخ: "ما تردش..الشيخ هو القائد العام"..!
ثم إن أبو مرزوق رجل عاقل متزن لا يمكن أن يقدم على مثل هذا التصرف من راء ظهر رفاقه، إذ ما عساه يقول للملك في حال تلقى ردا من نتنياهيو بالإيجاب، ليكتشف الملك أن أبو مرزوق زوده بمعلومة من عندياته، ولا أساس لها..!
قبل عدة أشهر، وكان السؤال لا يزال يدور في رأس الكاتب كل هذه السنين، سأل الكاتب أبو مرزوق، دون مزيد تفاصيل: هل أنت من أبلغ الملك حسين سنة 1997 موافقة "حماس" على الإنخراط في عملية التسوية السياسية..؟
نفى أبو مرزوق أن يكون فعل ذلك، أو أن تكون "حماس" اتخذت مثل هذا القرار.
الراجح لدينا هو استحالة أن يكون الملك حسين، وهو الرجل الحصيف، الذي خبر دهاليز السياسة الدولية، ولم يكتف فقط بدخول ابوابها، قد بعث لنتنياهو بمثل هذه المعلومة من فراغ. ثم ماعساه يقول لنتنياهو هو الأخر في حال تلقيه ردا ايجابيا منه، كان هو المطلوب والمنتظر من رئيس وزراء اسرائيل..؟ وذلك فضلا عن أن نتنياهو الذي كان في أمس الحاجة لنفي معلومة الملك التي احرجه جدا اعلانها، لم يفعل ذلك بالرغم من اشتداد الحاجة لرفع الحرج عن نفسه.
الراجح لدينا أيضا هو أن قرارا قد اتخذ فعلا من قبل "حماس" بالإنخراط في العملية السياسية، لكن التكتيك اقتضي نفي ذلك ما دام الأمر لم يسر إلى نهاياته.
أما تباين المعلومات المعطاة من قبل أبو مرزوق وعضو آخر في المكتب السياسي مقرب لمشعل، فإنه يعكس إن أحسنا الظن تباين الإجتهاد في كيفية إخراج النفي.
التنافس على القيادة
السؤال الذي وجهته للشيخ ياسين في منزله بغزة عما إذا كان هو الأب الروحي لحركة "حماس" تم في واقع الحال في إطار عمل استقصائي كنت قد بدأته في عمان تحت عنوان ما هو تأثير اطلاق سراح الشيخ على دور المكتب السياسي للحركة الذي بدا أنه كان يقوم بدور قيادة الحركة منذ تم تشكيله في غياب الشيخ في السجن الإسرائيلي..؟
حصلت يومها على اجابات غير متجانسة..
محمد نزال المقرب من مشعل، أكد أن المكتب السياسي هو قيادة الحركة، وستثبت الأيام ذلك.
الدكتور أبو مرزوق، ثاني رئيس للمكتب السياسي بعد الدكتور أمين الأغا، الذي تولى رئاسة المكتب لفترة سرية قصيرة، قال إن الشيخ هو الذي يمثل قيادة الحركة. لكن أبو مرزوق عاد للقول في وقت لاحق إن المكتب السياسي هو قيادة الحركة.
الشيخ نفسه حين وجهت له سؤالا مباشرا بالخصوص في منزله بغزة، قال إن المكتب السياسي هو مثله مثل المكتب المالي أو المكتب الإعلامي..أي أنه ليس قيادة الحركة.
قبل ذلك، قيض لي أن أشهد اللقاء الأول بين الشيخ ومشعل في الجناح الملكي الذي خصص للشيخ في المدينة الطبية بعمان، الذي أنزل فيه فور اطلاق سراحه من السجن الإسرائيلي وذلك من أجل اجراء الفحوص الطبية، وإعطائه العلاج اللازم، وهو الرجل الكهل العائد من الأسر الإسرائيلي لا يتحرك منه غير عينيه..!
حين أطلق سراح الشيخ كان مشعل لا يزال مقيما في إحدى غرف المدينة الطبية، وقد بدأ يصحو من الغيبوبة، وتتراجع حالة الغثيان التي أصيب بها جراء زرقه بالسم الإسرائيلي، لكنه لم يكن قادرا على الحركة ومغادرة فراشه..
وكان الكاتب نجح في عيادة مشعل، ثم الشيخ عدة مرات، متسللا مع زوار من كبار رجال الدولة الأردنية، كما مع الدكتور أبو مرزوق..حيث كانت الحراسات الأمنية الأردنية المشددة تمنع زيارة الصحفيين للقائدين الحمساويين.
لم يكن مشعل التقى الشيخ من قبل قط، بخلاف العلاقة التاريخية التي ربطت أبو مرزوق بالشيخ، الذي كان نمط التعامل بينهما مطابقا لنمط التعامل بين أبو مرزوق ووالده، الذي تسنى للكاتب ملاحظته خلال زياراته المتكررة لمنزل أبو مرزوق الذي أقام فيه فور إطلاق سراحه من السجن الأميركي، حيث جاء والده ووالدته من مخيم رفح (يبنا) بقطاع غزة لزيارته والإطمئنان عليه..
قبل مشعل ببعض الوقت دخل أحد مرافقي الشيخ ليبلغه بأن "أم الوليد" تقف بالباب تروم زيارته والسلام عليه..
وحين أذن لها الشيخ بالدخول طلبت من عدد من ابنائها رافقوها في الزيارة، حيث كان واضحا أنها قادمة من غرفة زوجها الكائنة في جناح آخر من المستشفى لزيارة الشيخ في الجناح الملكي..طلبت منهم تقبيل يد الشيخ الذي مدها لهم على عادة رجال الدين دون تردد.
وبينما كانت أم الوليد تغادر بعد برهة هنأت خلالها الشيخ بإطلاق سراحه، واطمأنت على صحته، كان الشيخ يسأل وهي تسحب الباب بيدها لمعاودة اغلاقه: من هذه..؟
اجابه أحدهم هذه أم الوليد..
كرر الشيخ ومن هو أبو الوليد..؟
أجابه ذات المرافق: خالد مشعل.
فسكت الشيخ.
في ذات اليوم، أو في اليوم التالي صادف أن كان الكاتب متسللا مرة أخرى إلى جناح الشيخ، حين فتح الباب ليدخل منه هذه المرة خالد مشعل..
سلم على الشيخ، وربما يكون قد قبل رأسه، ثم قال مخاطبا اياه، في دلالة أكيدة على أنه اللقاء الأول:
جئتك لأطمئنك إلى أن حركة "حماس" الآن هي أقوى مما كانت عليه في أي وقت..
فرد الشيخ من فوره باللهجة العامية "ولا ليش أنا متمدد على ظهري ومستريح..؟".
اجابة الشيخ لا تفهم في ضوء رده لاحقا على السؤال المباشر عن دور المكتب السياسي، وصمته على تعليق الشهيد الرنتيسي المشار إليه، بأنها تمثل مبايعة لرئيس المكتب السياسي بالقيادة.
إبعاد أبو مرزوق
وعودة إلى السؤال: ما هي أسباب الإهتمام الأردني البالغ بحياة مشعل، وكيف يتم بعد ذلك إبعاد قادة "حماس"، بمن فيهم مشعل إلى خارج الأراضي الأردنية، بعد حبسه والتلويح بمحاكمته..؟
ولم تم إبعاد أبو مرزوق من الأردن منفردا في آيار/مايو 1995، من دون بقية قيادة الحركة..؟ ولم أعاد الملك حسين استضافته في الأردن بعيد خروجه من السجن الأميركي..؟
لنبدأ بالأخيرة..
لقد تم إبعاد أبو مرزوق في ظل الظروف التالية:
1. بدء تنصل اسرائيل من اتفاق اوسلو.
2. تكثيف العمليات العسكرية لحركة "حماس" بالتزامن مع كل استحقاق يقع على اسرائيل في إطار اتفاق اوسلو وبرنامجه الزمني.
3. ازدياد ضغوط ياسر عرفات، وكل من اميركا واسرائيل على الأردن لإبعاد قادة "حماس"، تحت وطأة الإتهامات التي وجهت للأردن من الأطراف الثلاثة، باحتضانه قيادة حركة "حماس" بهدف تخريب اتفاق اوسلو، والحيلولة دون تطبيقه.
4. مبادرة سياسية اطلقها أبو مرزوق تقضي بقبول هدنة طويلة الأمد مع اسرائيل لمدة 15 20 سنة. وهي في واقع الحال، إعادة انتاج لتكتيك سبق للشيخ ياسين أن انتهجه قبل اعتقاله من قبل اسرائيل.
باختصار، لقد أطلق أبو مرزوق تلك المبادرة بهدف تنفيس الضغوط التي كانت تنصب على الأردن، وبهدف نفي وجود تواطؤ اردني مع "حماس" لتخريب اتفاق اوسلو، وبالتالي الغاء أية مبررات اردنية لطرد قادة "حماس" من الأردن.
محاولة للإغراء
هنا يستحضر الذهن معلومة غاية في الأهمية..
في إطار الضغوط التي كانت تمارس على "حماس" لقبول الإنخراط في العملية السياسية، تؤكد مصادر موثوقة أن الفريق البطيخي سعى لإغراء "حماس" قائلا لقادتها "إن وافقتم على الإنخراط في العملية السياسية، نضمن لكم تولي القيادة الفلسطينية بدلا من ياسر عرفات"..!
في ضوء ذلك، لقد أبعد الأردن أبو مرزوق منفردا في آيار/مايو 1995 للأسباب التالية:
أولا: تخففا من الضغط الأميركي الإسرائيلي، فضلا عن ضغط ياسر عرفات وتحريضه اميركا واسرائيل على الأردن.
ثانيا: سهولة تبرير طرد أبو مرزوق أمام الرأي العام الأردني، كونه ليس مواطنا اردنيا، فضلا عن أن شخصيته لم تكن معروفة أو ذائعة في الأردن، بسبب من سرية اقامته في عمان.
ثالثا: محدودية علاقاته مع جماعة الإخوان المسلمين الأردنية، بحكم كونه من سكان قطاع غزة، وأنه كان منتميا لتنظيم الجماعة في غزة، الذي ظل مرتبطا بتنظيم الجماعة في مصر، قبل أن يحصل على استقلاليته التنظيمية عن مكتب الإرشاد في القاهرة، بعكس مشعل الذي سيحل محله بعيد اعتقاله في اميركا، الذي كان ينتمي لفرع تنظيم الإخوان المسلمين الأردني في الكويت، بحكم العلاقة التاريخية بين تنظيم الجماعة في الضفتين الشرقية والغربية قبل وبعيد حزيران/يونيو 1967.
رابعا: المراهنة على امكانية توظيف قيادات من إخوان الأردن في الضغط والتأثير على قادة "حماس" الذين بدأوا حياتهم الحزبية في صفوف الجماعة الأردنية، وذلك من أجل الإستجابة لمطلب المرونة الذي تطلبه عمان، على طريق الإنخراط في العملية السياسية.
للتذكير، لقد تم تمرير معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية عبر مجلس النواب الأردني سنة 1994 بوجود 22 نائبا اسلاميا من أصل 80 نائبا، حيث اكتفى النواب الإسلاميون بتسجيل موقف معارض للإتفاقية دون تجاوز ذلك إلى اتخاذ موقف معاد لمن وقعها.
خامسا: التلويح لبقية قادة الحركة بإمكان اتخاذ قرار مماثل بحقهم إن هم لم يستجيبوا للمطلب الأردني.
هنا يجوز التساؤل: هل هنالك رابط ما بين إبعاد أبو مرزوق من الأردن، وبين تسرع خالد مشعل في إعلان نفسه رئيسا للمكتب السياسي بعيد اعتقال رئيسه (أبو مرزوق) في اميركا، الذي تم على كل حال بعد شهرين من مغادرة أبو مرزوق للأردن..؟!
لا معلومات في الخصوص.
غير أنه مهم هنا لفت النظر إلى أن شعور أبناء الضفة الغربية، وخاصة من كان منهم عضوا في جماعة الإخوان المسلمين بحميمية العلاقة مع الأردن، ومن بينهم خالد مشعل، غير متوفر لدى اخوان غزة..!
هذا لا ينعكس فقط على النظرة الإجتماعية، لكنه يتعداه إلى الموقف السياسي، وهو ما لاحظه ناهض حتر، كما سنشير لاحقا..
يتبع..
قراءة جديدة للعلاقات الأردنية الحمساوية في ذكرى محاولة اغتيال مشعل 2/2
مشعل: لا يمكن للأردن أن يلعب دوره الإستراتيجي في فلسطين بغير "حماس"
قائد "حماس" عمل على إعادة فتح ابواب الأردن عبر نافذة ناهض حتر وإدانة رافعي شعارات "الحقوق المنقوصة" بالأمركة
احتجاز غوشة في مطار عمان غيّر موقف "حماس" المطالب بعودة الضفة الغربية للأردن وحقق تجانساً في الموقف مع عرفات
الأردن طلب فك العلاقة التنظيمية مع الإخوان فاستجاب مشعل وسارع الفلاحات لاعتبارها شيئ عاطفي لا معنى له
"حماس" تستشعر كامل المسؤولية إزاء الأمن الأردني وهو "فوق كل الإعتبارات في العلاقة مع "الشقيق الأقرب والأحبّ"
مشعل لحتر عدم تبعيتنا لطهران يثبته توقيعنا لاتفاق مكة وموقفنا من المقاومة العراقية واستنكارنا اعدام الرئيس صدام حسين
الفجرنيوز/شاكر الجوهري
تناول القسم الأول من هذه القراءة الجديدة للعلاقات الأردنية الحمساوية في ذكرى محاولة اغتيال خالد مشعل في الأردن بتاريخ 25/9/1997، كيف أدت المحاولة إلى إطلاق سراح الشيخ أحمد ياسين مؤسس الحركة، وقائدها العام من سجن الأسر الإسرائيلي، وكشف كيف أن ذلك أشعل تنافسا على القيادة بين الشيخ والمكتب السياسي برئاسة مشعل.
وأشار إلى أن نشر صورة مشعل غائبا عن الوعي، وهي الصور التي سربها الدكتور أبو مرزوق للكاتب، ضاعف ضغط الملك حسين على بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل، ما سرّع وصول الترياق الإسرائيلي لإنقاذ مشعل. وكشف عن أن صالح القلاب وافق على نشر الصورة في على صدر الصفحة الأولى لصحيفة "العرب اليوم" الأردنية بصفته رئيس التحرير الثاني في الصحيفة، ليعين لاحقا وزيرا للإعلام مكافأة له على الحملة الإعلامية التي شنها على الحركة الإسلامية الأردنية و"حماس"..!
وكشف القسم الأول كيف أن الفريق سميح البطيخي مدير المخابرات الأردنية الأسبق في حينه هو الذي أمر بنفي تعرض مشعل لمحاولة اغتيال حرصا على معاهدة السلام وتفضيلا للإتصالات الدبلوماسية وكرها بالإسلاميين. وكيف أن البطيخي سبق له أن حاول إغراء "حماس" بتولي القيادة الفلسطينية بدلا عن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، إن هي وافقت على الإنخراط في التسوية السياسية.
كما تناول ذلك القسم عدم مطالبة أبو مرزوق باستكمال فترة ولايته رئيسا للمكتب السياسي للحركة لدى فك أسره الأميركي، وفاء لمشعل على متابعته قضية أسره في الولايات المتحدة الأميركية.
هنا القسم الثاني والأخير من هذه القراءة:
قطع العلاقة التنظيمية
كان قادة "حماس" المتحدرين من الضفة الغربية يتصرفون في ذلك الحين، باعتبارهم جزءا من تنظيم جماعة الإخوان المسلمين في الأردن..
خالد مشعل كان له مكتب في مقر الجماعة بعمان..
المهندس ابراهيم غوشة الناطق الرسمي السابق باسم الجماعة كان يداوم في مكتب واقع بمقر حزب جبهة العمل الإسلامي المنبثق عن الجماعة..
موظفو السكرتاريا والإدارة في مكاتب "حماس" كانون جميعهم من أعضاء الجماعة في الأردن..
بل إن الكاتب يذكر أن غوشه أحاله يوما إلى عبد المجيد الذنيبات، المراقب العام للجماعة في الأردن للرد على سؤال استعصت اجابته على غوشه.
هل أنت مرجعية حركة "حماس"..؟
سأل الكاتب يومها الذنيبات، الذي فوجئ بالسؤال، فتلكأ في الإجابة، ليقول بعد برهة تفكير المراقب العام يمثل مرجعية تاريخية لا تنظيمية لحركة "حماس"، بحكم ما كان بيننا من علاقات تنظيمية.
غير أن الزمن أثبت أن العلاقة التنظيمية طلب مشعل قطعها مع الجماعة في الأردن، فقط مطلع عام 2006، بالتزامن مع طلب الأردن الرسمي ذلك من محمد نزال ومحمد نصر عضوا المكتب السياسي اللذان التقيا مدير المخابرات العامة الأردنية بعيد فوز "حماس" بالإنتخابات التشريعية الفلسطينية في كانون ثاني/يناير من ذلك العام.
وحين عرضت رسالة مشعل بالخصوص على المكتب التنفيذي للجماعة، اقرها، لكن مجلس الشورى حين عرض عليه الأمر رفض ولم يوافق. ومع هذا، فقد كانت قيادة "حماس" تتصرف قبل ذلك بزمن على قاعدة استقلاليتها عن جماعة الإخوان المسلمين الأردنية. وهذا ما دعا سالم الفلاحات المراقب العام السابق للجماعة لأن يعلق في معرض ما اعتادته الجماعة من تعتيم على اخبارها، وتفاصيل ما يجري داخلها، نافيا ورود أية رسالة من مشعل بالخصوص، قائلا "إن ما بيننا وبين حماس هو شيئ عاطفي لا معنى له"..!
تغيير المواقف
قبل ذلك، كان خالد مشعل، وابراهيم غوشة الناطق الرسمي في حينه باسم "حماس" يرفضان ويعارضان عبر تصريحات اعلامية، فك الإرتباط بين ضفتي نهر الأردن، ويطالبان بعودتها للأردن..وكانت هذه واحدة من أهم الأسباب التي خلقت خلافات وتباينات سياسية بين "حماس" والرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وإلى الحد الذي دعاه للتعبير عن شكوكه وهو الذي كان شكاكا بامتياز في أن الأردن يبطن استعادة الضفة الغربية عبر تحالفه مع "حماس"، والحيلولة دون قيام دولة فلسطينية مستقلة، متجاهلا وغافلا عن أن المجلس الوطني الفلسطيني، وبطلب واقتراح منه بالذات، قرر في دورة الجزائر سنة 1988، التي أعلن فيها قيام دولة فلسطين/ قيام اتحاد كونفدرالي مع الأردن فور قيام الدولة..بل إن عرفات كان بمجرد قيام السلطة عقب اتفاق اوسلو، متعجلا إعلان الكونفدرالية، وأعد مشروعا بذلك عرضه على الملك الراحل حسين، الذي تمهل في قبول المشروع إلى حين قيام دولة فلسطينية مستقلة أولا.. وذلك لعدم جواز قيام اتحاد بين دولة قائمة وشعب لا دولة، على نحو قد يشكل مدخلا لتهجر اسرئيل اعدادا متزايدة من الفلسطينيين للأردن.
لكن مشعل بدأ يغير موقفه من مسألة عودة الضفة الغربية للأردن بدءا من حزيران/يونيو 2001، حين تم احتجاز غوشة في مطار عمان، لمدة شهر، ومنعه من العودة من طهران لبيته في عمان، حيث صدر قرار إغلاق مكاتب "حماس" في الأردن، وطرد قادتها من اراضيه، خلال وجوده برفقة مشعل وأبو مرزوق في العاصمة الإيرانية في آب/اغسطس 2000.
قبل احتجاز غوشة في مطار عمان، قبل معاودة السماح له بالدخول بعد رحلة نقلته إلى بانكوك، كان غوشة مشعل يحاججان في أن يرفضان قرار فك الإرتباط مع الضفة الغربية الذي اتخذه العاهل الأردني السابق الملك حسين في 31 تموز/يوليو 1978، فيما ظلت جماعة الإخوان المسلمين الأردنية، وحزب جبهة العمل الإسلامي يحاججان في أن قرار فك الإرتباط يتعارض مع المادة الأولى من الدستور التي تنص على أن "المملكة الأردنية الهاشمية دولة عربية مستقلة ذات سيادة، ملكها لا يتجزأ ولا ينزل عن شيء منه..الخ..".. فضلا عن أن قرار فك الإرتباط لم يصادق عليه من قبل مجلس الأمة، كما أن الدستور لم يعدل حتى الآن.
لكن الشيخ ياسين، وأبو مرزوق كان لهما في حينه موقفا مختلفا كانا عبرا عنه في معرض الرؤيا التي قدماها بشكل منفصل لحل مرحلي على المسار الفلسطيني يقوم على قيام دولة فلسطينية مستقلة في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 مع اشتراط عدم توقيع اتفاق صلح مع الدولة العبرية والإكتفاء بإعلان هدنة محددة المدة.
هذا التباين في الموقف حيال مستقبل الضفة الغربية ربما عكس في حينه خلفية العلاقة التاريخية لجماعة الإخوان المسلمين في كل من قطاع غزة والضفة الغربية مع تنظيمي الجماعة في كل من مصر والأردن.
ذلك الموقف لكل من حركة "حماس" وجماعة الإخوان المسلمين في الأردن من المستقبل السياسي للضفة الغربية، مثل في حينه عامل اقلاق للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من احتمال وجود صفقة سرية بين "حماس" والأردن تقضي بإجهاض مشروعه الخاص بإقامة دولة فلسطينية لصالح عودة وحدة الضفتين، وذلك استناداً إلى العلاقة التاريخية بين جماعة الإخوان ونظام الحكم في الأردن. وقد شكل هذا العامل الأساس في حملة عرفات على وجود قيادة "حماس" في الأردن، أكثر من خشيته من امكانية تسببهم في اجهاض عملية التسوية السياسية.. بل إنه كان ينظر إلى العمليات العسكرية لحركة "حماس" باعتبارها تهدف إلى اجهاض التسوية الفلسطينية برعاية اردنية، وفقط في اطار التحضير لإعادة الضفة الغربية إلى السيادة الأردنية.
وعلى ذلك، فإن ابعاد قادة "حماس" من الأردن لم يؤد في حينه فقط إلى افتراق موقفهم ازاء مستقبل الضفة الغربية عن موقف جماعة الإخوان المسلمين الأردنية، لكنه حقق تجانساً في الموقف ازاء مستقبل الضفة الغربية داخل قيادة "حماس" نفسها، وكذلك مع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات. إذ في حوار اجراه الكاتب مع مشعل في حينه تجاهل ما ورد في سؤال وجه إليه عن موقفه السابق من مستقبل الضفة الغربية وضرورة عودتها للإتحاد مع الأردن، وقال معلنا موقفاً جديداً "نحن موقفنا واضح في أننا مع عودة كل فلسطين إلى شعبها الفلسطيني.. مع تحرير فلسطين وطرد الإحتلال وانهائه على ارضنا واستعادة المقدسات والقدس واقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة ذات السيادة الكاملة".
وبلفت نظره إلى أن هذا كلام استراتيجي، تابع مشعل قائلا "لا..لا.. حتى في المسار التكتيكي.. هو في النهاية ينسجم مع الرؤية الإستراتيجية، وبعد انجاز التحرير نحن مع كل مشروع وحدوي مع بلادنا العربية والإسلامية، خاصة مع دول الجوار ومع الأردن. لكننا لا نستبق الأمور. الخطوة الأولى هي خطوة التحرير ثم تكون الدولة، وأي مشاريع وحدوية مع البلاد العربية".
وتابع مشعل "نحن وحدويون بطبيعتنا، ولكن ضمن سياق خطوات منطقية يؤدي بعضها إلى بعض".
لكن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" يكتشف لاحقا صدق الموقف الإستراتيجي الأردني الجديد المحبذ قيام دولة فلسطينية مستقلة، باعتبار قيام هذه الدول يمثل مصلحة استراتيجية للأردن نفسه، الذي يريد أن يتخفف من عبء الوحدة، بما يمكن أن ينوء به من أعباء على الأردن تتهدد معادلته الديموغرافية بمزيد من الخلل والإخلال..فنراه انساق بعيدا في هذا الإتجاه خلال حوار مع ناهض حتر أحد أبرز رموز الإيغال في الوطنية الأردنية.
عودة أبو مرزوق للأردن
على كل، عاد الملك الراحل حسين للموافقة استضافة على أبو مرزوق مجددا في الأردن في يوم اطلاق سراحه من السجن الأميركي، وذلك في نهاية آيار/مايو 1997، وهو ما يفهم ضمن ثلاثة اطارات:
الأول: الحاجة الأميركية لوجود بلد يقبل دخول أبو مرزوق لأراضيه، خاصة وأن واشنطن وجدت نفسها مضطرة لإطلاق سراحه تحت ضغط العوامل التالية:
1. سحب طلب التسليم الإسرائيلي، خشية تصاعد وتيرة المقاومة الحمساوية.
2. صدور قرار قضائي اميركي بإطلاق سراحه، ترتب على سحب طلب التسليم الإسرائيلي.
3. اضطرار دائرة الهجرة الأميركية لقبول طلب أبو مرزوق الذي كان تقدم به منذ البداية، والقاضي بمغادرته الولايات المتحدة حرا طليقا، متنازلاً عن حقه القانوني في الإقامة فيها.
الثاني: امكانية توظيف استضافة أبو مرزوق لتليين مواقف "حماس".
الثالث: استشعار الحاجة إلى دور "حماس" كصمام أمان للأمن الإستراتيجي الأردني، في حالة تقديم سلطة "فتح" تنازلات عن قضيتي القدس واللاجئين. وهذه الإستضافة يمكن الإستفادة منها على محورين:
1. تخويف سلطة عرفات كي تمتنع عن تقديم تنازلات مضرة بالأمن الإستراتيجي الأردني.
2. تقوية "حماس" عند اللزوم للقيام بالتصدي للتنازلات المتوقعة من سلطة "فتح"، ما دام ذلك يصب لمصلحة الأمن الإسترلااتيجي الأردني.
حب من طرف واحد
وعلى ذلك، فإن الإهتمام البالغ الذي ابداه الأردني بحياة مشعل يوم تعرض لمحاولة الإغتيال في عمان، تكمن اسبابه في المصالح الإستراتيجية التي تحققها "حماس" للدولة الأردنية، كما عبر عنها مشعل نفسه في اللقاء المشار إليه سابقا، الذي جمعه مع ناهض حتر في شهر آذار/مارس من العام الماضي (2007)، محاولا تذكير عمان بما اعتقد أنه غائب عن ذهنها.
ويلفت الإنتباه هنا أن موقع المركز الفلسطيني للإعلام، الناطق باسم حركة "حماس"، فاجأ متصفحيه مؤخرا بنشره بيانات حركة اليسار الإجتماعي الأردنية، التي يشغل حتر فيها مسؤول الثقافة والإعلام..وهي البيانات التي تركز اساسا على ضرورة تهميش مشاركة الأردنيين من أصول فلسطينية في العمل العام الأردني.
يقول حتر في تصريحات أدلى بها لموقع "رم" الأردني، نشرها الموقع بتاريخ 6/3/2007 إنه التقى مشعل بمبادرة من رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، الذي دعاه "إلى العشاء وتناول العلاقات الأردنية الفلسطينية"، حين عرف أنه يقوم بزيارة للعاصمة السورية معتبرا حتر ذلك "بداية تفاهم بين الحركة الوطنية الأردنية وحركة حماس لتحسين الأوضاع بشكل عام بين الأردن وفلسطين" .
يضيف حتر "كان مشعل مندفعاً إلى التواصل الوجداني مع روح الأردن وعقله، بأكثر مما توقعت، وواسع الصدر بأكثر مما حسبت، وصريحاً بأكثر مما يمكن لسياسي".
بل إن ثقة مشعل في حتر بلغت درجة تفويضه بنشر ما يشاء من تفاصيل الحوار الذي لم يكن للنشر..يقول حتر الذي لا يحظى عادة بثقة الأردنيين من أصل فلسطيني بسبب مواقفه منهم."ترك لي أن أقدّر ما يمكن نشره من حوارنا المتشعب الوجداني الصريح حد المكاشفة".."معلقا "بالنسبة لخالد مشغل ورفاقه رأيت، دائماً، أنهم سيظلون مدينين ومقيَّدين بالتجربة الأردنية"، "فهؤلاء أو معظمهم "اردنيون" بأكثر من معنى، وقد تبلورت مواقعهم القيادية والسياسية في عمان، وبرعاية الراحل الملك حسين، وفي أحضان الشعب الأردني، وعرفوا الناس والشخصيات والعشائر، من دون عُقد أو مشكلات سابقة أو حساسيات".."هؤلاء ترعرعوا في صفوف الإخوان المسلمين. وهو وعاء تنظيمي اردني فلسطيني مشترك في حزب اردني، بل الحزب الرئيسي في الدولة الأردنية". ويلاحظ حتر "لم يحدث بين " حماس" وبين الدولة الأردنية ما حدث بين الأخيرة و"فتح" من صدام أو دم أو منازعات، فكان لقاء قادتها الشباب مع الأردن صافياً من إرث الشكوك".
ويتطرق حتر بعد ذلك لفضل الملك حسين في انقاذ مشعل من الموت، وإطلاق سراح الشيخ ياسين سنة 1997، ويقول "سوف يظل خالد مشعل، يتذكر هذه اللحظة، ويشعر، في داخله، بأنه مدين بحياته للأردن، ويشرق وجهه وهو يستحضر زيارة الملك حسين له في المستشفى، واستقبال والد مشعل له بالأحضان والأشعار. ويزهو رئيس المكتب السياسي ل "حماس"، حين يستذكر بحبور أنه حين اتصل بالديوان الملكي للحصول على موعد مع الملك حسين لشكره، فوجئ بأن مدير مكتب الملك، حوّله إلى جلالته الذي حدّد شخصياً موعد المقابلة، ثم استدرك قائلاً: أحضر والدك معك".
ويضيف حتر "ربما كانت هذه الأبعاد الشخصية هي السبب وراء التزام "حماس" بعدم الردّ أو التصعيد مع الحكومة الأردنية في مرحلة القطيعة غير المفهومة بالنسبة لمشعل لكنه، بالطبع، سبب غير مباشر لقرار "حماس" بالحرص على عدم اتساع الشَقّة بين الطرفين".
ويفصل حتر سبب هذا "الإلحاح على حب، ولو من طرف واحد"، كما فهمه من مشعل في:
أولا: أن "حماس" تؤمن بعروبة القضية الفلسطينية، وتحرص على ادامة العلاقات الودية مع كل العرب. فما بالك الأردن، الشقيق الأقرب إلى فلسطين في الجغرافيا والديمغرافيا والروح؛
ثانيا: أن "حماس" تريد أن تقدم انموذجاً جديداً لحركة فلسطينية تركز على الصراع مع العدوّ الإسرائيلي دون سواه، فلا تنشغل، كسابقاتها، بالصراعات العربية العربية، وبالصدام مع هذا النظام العربي أو ذاك.
ثالثا: أن استراتيجية "حماس" تقوم على تفعيل الأدوار العربية في القضية الفلسطينية وليس استبعادها أو الصدام معها ويظلّ أهمّ الأدوار هو الدور الأردني وذلك ببساطة لأن الأردن هو أكثر المتأثرين بعد فلسطين مباشرة بتفاعلات القضية الفلسطينية والخطر الصهيوني.
إن تصفية القضية الفلسطينية، تهدد الكيان الوطني الأردني في الصميم. فالمشروع الصهيوني يقوم على تهجير الفلسطينيين والقضية الفلسطينية واستحقاقاتها السياسية إلى شرق النهر.
وهو ما يجعل الأردن بغض النظر عن السياسات اليومية في حالة مجابهة استراتيجية مع اسرائيل. وفي هذا السياق تتفهم "حماس" الدور الأردني وتستجلبه.
الدور الأردني بوساطة "حماس"
ويكشف مشعل لحتر "عندما استقبلني المغفور له الملك حسين، قلت له نحن نريد الدور الأردني وما زلنا نريده. ونعتقد أنه أهم الأدوار العربية".
وهنا يطرح مشعل سؤالا غاية في الأهمية "هل يمكن للأردن أن يلعب دوره الإستراتيجي في فلسطين بوساطة قوى فلسطينية أخرى غير "حماس"..؟
ويضيف حتر أن مشعل وهو يطرح سؤاله كان يشير إلى أنه "على المستوى البراجماتي "حماس" حركة شابة وصاعدة وتحظى بقاعدة جماهيرية صلبة وواسعة في الأراضي المحتلة. وقد اظهرت الإنتخابات التشريعية (2006) ذلك، بل أن ما تبع فوز "حماس" في تلك الإنتخابات من محاولات العزل والحصار والإقتتال والتجويع، انتهت إلى الفشل الذريع. ولن يتمكن أحد من استئصال "حماس" أو الحدّ من صعودها".
ويحدد حتر أن ثقة مشعل هذه تستند إلى:
1 أن"حماس" حركة موحدة مؤدلجة لم تستنفد بعد قواها، ولم تتحول إلى أجنحة وتيارات ومراكز قوى ذات صلات اقليمية متعددة، تهدد وحدة القرار التنظيمي واستقلاله.
2 أن "حماس" ما تزال حركة شعبية مستقلة، لم تغرق في التزامات متعارضة، ولم تتعرض للإختراق الأمني أو السياسي من قبل الأميركيين أو الإسرائيليين أو سواهم.
3 أن "العملية السلمية" مع اسرائيل، وصلت، بالفعل، ومنذ مدة، إلى طريق مسدود نهائياً. والمحاولات الراهنة لإحيائها وتفعيلها تواجه صعوبات لا يمكن تجاوزها اسرائيليا. ان حكومة ايهود اولمرت الضعيفة المهلهلة لن تخلي مكانها لقوى اسرائيلية تبحث عن صيغة سلمية، بل لقوى يمينية تبحث عن استعادة قدرة الردع الإسرائيلية التي تحطمت في جنوب لبنان، في تموز/يوليو وآب/اغسطس 2006.
ومن الناحية الإستراتيجية، هناك اجماع اسرائيلي متصلب ويشمل حتى أكثر الشخصيات الاسرائيلية "مسالمة" يعرقل أية تسوية معقولة على المسار الفلسطيني. وهذا الإجماع كما هو معروف يتناول أهم مسألتين من مسائل التسوية. وهما قضية اللاجئين وقضية القدس. وسوف تصطدم أيّة عملية سلمية مع اسرائيل بهاتين المسألتين اللتين سيظل الصراع، من دون حلهما محتدماً.
لكن، ما يواجهه الفلسطينيون على الأرض هو الحصار والحواجز والجدار الإستيطاني الذي وصل إلى الأغوار الشمالية. وهو ما يؤدي إلى خنق الحياة في الضفة الغربية وافراغها من مواطنيها، وتهديد الأردن بموجة "هجرة" جديدة.
الأردن و"حماس" في خندق واحد
ويخلص مشعل في هذه النقطة إلى "نحن والأردن الآن في الخندق نفسه. ونرى أنه آن الآوان لكي ننسق المواجهة.
4 أن المصاعب الحياتية التي يعيشها الفلسطينيون تحت الإحتلال، وانسداد الأفق السياسي على الرغم من قيام حكومة "الوحدة الوطنية" في فلسطين والمبادرة العربية ومساعي تفعيلها كل ذلك سوف يقود، قريباً، إلى اندلاع الإنتفاضة الفلسطينية الثالثة. وستكون"حماس" في صلبها وقيادتها. إن "حماس" تراهن على الشعب الفلسطيني. وهي تؤمن بأنها سوف تكسب الرهان.
الأهم من كل ما سبق هو قول حتر "وترى حماس أنها هي لا سواها القاعدة المؤهلة استراتيجياً للدور الأردني في فلسطين:
ذلك أن "حماس" نشأت من قلب الدولة الأردنية، ولم تنشأ ضدها.
ليس بين "حماس " والأردن ولن يكون صدام لا أمني ولا سياسي، ولا تراث من التعادي.
تؤمن "حماس" ايماناً مطلقاً بالشرعية التاريخية للكيان الأردني، وترفض المساس به، وتنطلق من قناعة راسخة بأن الأردن للأردنيين. وهي ترفض "الوطن البديل" وتدين تيارات "الحقوق المنقوصة". فحقوق الفلسطينيين، أينما كانوا وتحت أي وضع كانوا، هي في فلسطين. وفقط في فلسطين.
وتيار "الحقوق المنقوصة" هو تيار متأمرك في صفوف النخبة الأردنية، ينادي بالتوطين النهائي والمحاصصة بين "الطائفة" الأردنية و"الطائفة" الفلسطينية.
رابعا: "حماس" تؤمن بالإخاء الأردني الفلسطيني، ايماناً مطلقاً لا علاقة له بالظروف واليوميات السياسية والمصالح الآنية. ونحن ندرك يقول مشعل أن الشعب الأردني يشعر بذلك. ونحن تلمسنا ونتلمس هذا الشعور على عدة مستويات. فنحن لم ندافع عن انفسنا ولكننا وجدنا من يدافع عنا في الصحافة الأردنية بأقلام وطنية اردنية ليس لنا معها علاقات عقائدية أو سياسية. وقد تلقينا اتصالات تضامنية من شخصيات سياسية واجتماعية وعشائرية.
هنا يشارك حتر مشعل الرأي قائلا "قلت لمشعل ربما كانت هناك مفارقة هي الأولى في العلاقات الأردنية الفلسطينية. وهي أنه إذا كانت "حماس" تحظى بالشعبية بين 50 أو 60 بالمئة من الأردنيين من أصل فلسطيني حيث لها منافسون فإنها تحظى بالشعبية بنسبة 95 بالمئة من صفوف الأردنيين. هؤلاء يشعرون بأن "حماس" هي الشريك الفلسطيني الحقيقي للأردن".
هواجس وتطمينات
خامسا: "حماس" هي التي تستطيع أن تؤمن المصالح الأردنية في "غزة" التي لم تكن جزءاً من التجربة الأردنية الفلسطينية اساساً.
ويلفت حتر هنا أنه لدى الأردنيين هواجسهم إزاء "حماس"، وهي تتمثل كما ابلغها لمشعل في:
1 هاجس الأمن.
2 هاجس علاقة "حماس" مع ايران.
3 محاولات "حماس" السيطرة على الإخوان المسلمين الأردنيين.
4 محاولاتها بناء تنظيم فلسطيني في الأردن، الأمر الذي يعصف بالوحدة الوطنية في البلد.
فيرد مشعل مدركا أن حتر ينقل له وجهة النظر الرسمية الأردنية، أو أنه سينقل بالضرورة، ولو عبر النشر الصحفي، وجهة نظره هو أيضا للأردن الرسمي:
أولاً: أمن الأردن بالنسبة إلى "حماس" هو خط أحمر. ليس انطلاقاً فقط من محبتنا لهذا البلد واحترامنا للشقيق الذي تحمّل معنا الآلام، وحمل معنا نتائج الكارثة واستضاف قسماً كبيراً من شعبنا، كريماً عزيزاً. ولكن، أيضاً، انطلاقاً من تحليلنا بأنّ أي ضعف يلحق بالدولة الأردنية يضر القضية الفلسطينية ويصب في مصلحة اسرائيل.
ويؤكد مشعل "حماس لم تفكر ولن تفكّر لا سمح الله بالقيام بأي عمل يسيء للأمن الأردني. لا نتحدث، فقط، عن "أهداف اردنية" هي خارج أي تصور عدائي بالنسبة لنا، فهذا لا علاقة له بمشاعرنا ومبادئنا وسياساتنا. ولكننا نتحدث، أيضاً، عن أيّ اهداف اميركية أو حتى اسرائيلية في الأردن. الأمن الوطني الأردني بالنسبة لحماس هو فوق كل الإعتبارات في علاقتنا مع الشقيق الأقرب والأحبّ ونحن نتحلى بالمسؤولية الكاملة إزاء أمن الأردن وشعبه. ورفضنا ونرفض وسنرفض كل المحاولات اللا مسؤولة لنقل الصراعات الفلسطينية الفلسطينية إلى شرق النهر. قد يفكر آخرون وقد هددوا علناً بذلك. لكن ليس حماس".
"وقضية الأسلحة"، يضيف مشعل "لم يكن مقصدها الأردن أبداً، بل الضفة الغربية. وهي عملية تهريب سلاح إلى فلسطين، حدثت في اوقات سابقة عن اثارتها.
ثانياً: علاقة "حماس" مع ايران، تقع ضمن استراتيجيتنا بالتواصل مع العمق العربي والإسلامي للشعب الفلسطيني الذي يحتاج إلى كل دعم ممكن من كل البلدان العربية والإسلامية. ولكنها ليست ولن تكون علاقة الإنضواء في "محور" ضد "محور".
ويقدم مشعل دليلين على أنهم في "حماس" .."مستقلون سياسياً وتنظيمياً. ونحن الذين نضع سياساتنا وقراراتنا":
1. أننا ذهبنا إلى مكّة للتوقيع على اتفاقية حكومة الوحدة الوطنية. ولو كنا في "المحور الإيراني" ما كنّا لنصغي إلى السعودية. وهي عنوان المحور الآخر.
2. موقفنا من المقاومة العراقية التي نمحضها دعمنا السياسي بوضوح، ونعقد عليها الآمال، في تعارض صريح مع السياسات الإيرانية. وأذكرك بموقفنا من اغتيال صدام حسين.
ثالثاً: "حماس" بدأت وهي تعتز بذلك في قلب "الإخوان المسلمين" لكنها انتهت إلى كونها حركة فلسطينية مستقلة، تنظيماً وسياسياً.
"حماس" ترتبط بالإخوان المسلمين الأردنيين بروابط عقائدية ووجدانية فقط. وهي لا تريد التأثير عليهم أو السيطرة على تنظيمهم. كلاّ، ونحن غير مسؤولين عن السجال الداخلي أو عن محاولات الإفادة من وهج "حماس" الجماهيري أو المخاوف المقابلة.
ويبرر مشعل "أثناء وجودنا في الأردن ولأننا حريصون على عدم بناء تنظيم خاص بنا انشأنا جهازاً ادارياً من الموظفين لمعاونتنا في مهام السكرتارية، وقد كان طبيعياً أن يكون العاملون في هذه السكرتارية من اعضاء التنظيم السياسي الأقرب الينا، أعني الإخوان المسلمين. وهذه مسألة اعتيادية جداً، ولا بد أن يتم فهمها في هذا السياق لا غير".
رابعاً: بناء تنظيم فلسطيني خاص ب "حماس" في الأردن، غير وارد اطلاقاً. وهذا موقف استراتيجي بالنسبة لنا، فالفلسطينيون في الأردن يتمتعون بالجنسية الأردنية، وهم جزء من الشعب الأردني. وسيظلون كذلك حتى العودة إلى أرض الوطن. نحن نعتقد أن إقدام أيّ منظمة فلسطينية على بناء تنظيم فلسطيني في الأردن هو جريمة بحق الوحدة الوطنية الأردنية. ونحن لن نقدم عليها حتماً. لن نشارك، أبداً، في تفسيخ وحدة النسيج الإجتماعي والسياسي الأردني، بل نحن حريصون ونناضل من أجل ردم الهوة وتأكيد وحدة الشعب الأردني وسيادته غير القابلة للتجزئة. لم نفكر ولن نفكر لأسباب مبدأية بالتمدد التنظيمي شرق النهر. إننا نعتبر ذلك خطراً على الأمن الوطني الأردني وعلى الأردن الذي يهمنا أن يكون موحداً وقوياً.
غير ان احترامنا الكامل لمواطنية الفلسطينيين في الأردن والسيادة الأردنية، لا تعني أننا نقبل "التوطين" كلاّ. نحن نرفض التوطين والتعويض. ونؤكد على حق وممارسة العودة لكل اللاجئين والنازحين ونعتبرهم ضيوفاً في البلدان التي يقيمون فيها. ولأنهم في الأردن، أيضاً، مواطنون. فنحن نحافظ على وحدة الشعب الأردني وسيادته ولا نسعى إلى بناء تنظيم يخرق هذه الوحدة وتلك السيادة.
ويختم مشعل "هذا هو فهمنا للمسألة، وانطلاقاً من هذا الفهم فنحن ندين دعاة "الحقوق المنقوصة" من كل النواحي. فهؤلاء يسيئون إلى الضيافة الكريمة وإلى المواطنة وإلى الوحدة الوطنية وإلى حق الفلسطينيين المقدس بالعودة إلى أرض وطنهم.
هل يحتاج الأردن إلى تطمينات أكثر من ذلك..؟
وهل يمكن تصور اجابات قدمت من قبل وفد "حماس" الذي التقى مدير المخابرات الأردنية في شهري تموز/يوليو، وآب/اغسطس الماضيين أكثر من ذلك..؟
تكرار التطمين
وهل يمكن اغفال هذه الإجابات لدى توجيه الدعوة الأردنية لوفد "حماس" لزيارة عمان..؟
بل هل يمكن اغفال اجابات مشعل على اسئلة صحيفة "الأيام" الفلسطينية المنشورة بتاريخ 2/4/2008 لدى تقييم طبيعة العلاقة التي يجب على الأردن أن يقيمها مع "حماس"..؟
يتوقف المراقب أمام قول مشعل ما يلي في تلك المقابلة:
أولا: "هناك علاقات تتنامى (لحماس) مع الاوروبيين بعضها بالسر وبعضها بالعلن".."في الكثير من حواراتنا فإن المسافة بيننا وبين مواقفهم حين يستمعون إلى حقيقة مواقفنا تبدو قريبة، ولكنهم يشعرون بالعجز لأن الاوروبي وحده لا يستطيع أن يفرض على اسرائيل التي لا تتقبل دوره أصلاً".
ثانيا: "للتهدئة مفهومان، هناك مفهوم تهدئة أو هدنة كما ذكرته "حماس" يمكن بحثه أو التفاوض عليه حينما تنضج الظروف لانسحاب اسرائيل إلى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 والإعتراف بالحقوق الفلسطينية في القدس وفي السيادة على الأرض وحق العودة ..هذه حالة مختلفة وفيها ممكن أن نتحدث عن سنوات، أما التهدئة الحالية فهي نوع من ادارة الصراع وفقاً للظروف الميدانية ولمتطلبات المرحلة، وهذه قد تكون شهوراً قليلة أو كثيرة تعتمد على طبيعة ما يمكن الإتفاق عليه في كل مرحلة، وهو ما نتحدث عنه اليوم ولكنه يصطدم بالتعنت الاسرائيلي".
ثالثا: "السلام الذي يعيد الحقوق لسنا ضده، وبالتالي لا يقلقنا السلام، نحن يقلقنا أن نخدع بالسلام، أما السلام الحقيقي الذي يأتي بالحقوق والأوطان والأرض المحتلة ويخلصنا من الإحتلال ومن الظلم والعدوان ويعيد الحقوق لأصحابها فلا يقلقنا".
رابعا: مطالبة الإسرائيليين ب "الضغط على قيادتهم كي توقف العدوان وتنهي احتلالها وتعترف بالحقوق الفلسطينية، خاصة في ظل التوافق الفلسطيني والعربي على دولة فلسطينية على حدود 1967".
خامسا: "عندنا وثيقة التوافق الفلسطيني لعام 2006 وقد اتفقت معظم الفصائل في هذه الوثيقة على موقف واضح وهو دولة على حدود 1967 بما فيها القدس وحق العودة وسيادة كاملة على كامل 1967 ..هذا موقف فلسطيني وهو موقف عربي مع اختلاف في بعض الهوامش، ولكن هذا هو الموقف، وعلى الإسرائيليين أن يعلنوا التزامهم الكامل والدقيق به".
سادسا: "نحن كحركة ملتزمون ببرنامج سياسي توافقنا عليه مع بقية القوى الفلسطينية وتقاطعنا فيه مع الموقف العربي وبالتالي على الأميركي والأوروبي وكل الأطراف الدولية أن تتعامل مع هذه الحقيقة السياسية وأن تحاسب على البرنامج السياسي الذي توافقنا عليه..التحدي هنا ليس أن تبحث عن ما في عقول الناس، وإنما أن تبحث عن برنامج سياسي مطروح على الطاولة، والتحدي الأساسي أن تبادر الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي إلى الزام اسرائيل بهذا الأمر.. هذا هو المخرج.. بعد ذلك من يريد أن يعترف باسرائيل او لا يعترف كل له قناعاته".
انتهى..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.