نظم المرصد التونسي لاستقلال القضاء بمساعدة منظمة هانس سايدل المغرب العربي ندوة علمية تحت عنوان «أي قضاء نريد؟» بأحد نزل نابل وذلك بمشاركة قضاة وجامعيين ومساعدي قضاء ونشطاء بالمجتمع المدني. ترأس أشغال هذه الندوة القاضي ورئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء أحمد الرحموني وتناوب على تقديم المداخلات كل من محمد العجمي أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسوسة وعبد الفتاح خرشاني مساعد الوكيل العام بمحكمة الاستئناف بمدنين وعادل جراد عضو الهيئة المديرة لجمعية حوارات في المواطنة وبليغ العباسي القاضي بالمحكمة الابتدائية بتونس. وأهم ما جاء في هذه الندوة العلمية تقييم للوضعية الحالية للمؤسسة القضائية التي اعتبرها المتدخلون وضعية متدهورة نتيجة للقرارات العشوائية والمرتجلة لوزارة العدل خاصة فيما يتعلق بالحركة القضائية الأخيرة وما ترتب عنها من ردود أفعال القضاة ومواقف الهيئات المعنية بالشأن القضائي في خصوص ذلك.
كما اتهم الرحموني وزارة العدل بالانفراد بتهيئة الرتيبات السابقة لاجتماع المجلس الأعلى للقضاء المنحل تمهيدا لإحيائه بالإضافة إلى تسديد الشغورات بالمجلس المذكور بطريقة اعتبرها سرية وإشراف مباشر وشخصي من وزير العدل. واعتبر أن القرارات الصادرة عن وزارة العدل تحت مسمى الحركة القضائية فاقدة لكل مقومات الشرعية والمصداقية لصدورها عن مجلس منحل واقعا وقانونا ولمشاركة مجموعة من قضاة النظام السابق فيها ولافتقادها لأية تمثيلية حقيقية للقضاة فضلا عما أسموه باستئثار وزير العدل بإعدادها واكتفاء المجلس المذكور بإضفاء شرعية شكلية ومزيفة عليها.من ناحية أخرى، شدد على أن قرارات النقلة والترقية جاءت نتيجة ما اعتبره تواطئا بين وزارة العدل ونقابة القضاة وعدد من قضاة المجلس المنحل سعيا وتمهيدا للهيمنة على القضاء. واستهجن في جانب آخر استهداف الحركة القضائية لعدد من القضاة المتمسكين باستقلاليتهم من نشطاء جمعية القضاة التونسيين والمرصد التونسي لاستقلال القضاء وذلك على خلفية تحركاتهم ومواقفهم.
من جهته أكد محمد العجمي أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بسوسة أنه تم اختزال القضاء في الهيئة القضائية وليس السلطة القضائية فالقاضي مازال يعتبر من قبل السلطة موظفا عموميا وهو ما اعتبره أمرا خطيرا ووصفه بوهم الديمقراطية أمام التمسك والإصرار على التعامل مع القضاة بطريقة مهينة. كما شدد على أن مسألة استقلالية القضاء يجب أن تتوفر على عديد الشروط كتوفر لإرادة سياسية قوية واستعمال أسلوب تشاركي بين السلطة والمجتمع المدني وأشار إلى أن إصلاح جميع المؤسسات إنما هو مرتبط أساسا بنجاح إصلاح القضاء وتطهيره الذي يجب أن يكون ضمن مسار العدالة الانتقالية وشدد على أن في ضرب القضاء إنما هو في نهاية المطاف ضرب لحقوق المواطن والمتقاضين ومساس جوهري بهيبة الدولة. المتدخلون أجمعوا على أن تطهير القضاء هو في الأساس مطلب نابع من القضاة أنفسهم وهو ما يحسب لهم وأكدوا على أن التطهير يجب أن يكون بصفة فردية لا بصفة جماعية للابتعاد عن التصفية الجماعية للقضاة مع وجوب توفر ضمانات المحاكمة العادلة.