أسالت قضية قتل الشهيد سليم الحضري الكثير من الحبر.. قضية تورّط فيها عون الأمن عمران عبد العالي، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات في الطور الاستئنافي، إلا أن عائلته بقيت متشبثة ببراءته خاصة بعد صدور نتائج الاختبارات. نور الدين شقيق عون الأمن عمران عبد العالي (أصيل معتمدية «شربان» من ولاية المهدية) المتهم بقتل الشهيد سليم الحضري بجزيرة قرقنة زارنا في مكتب «الشروق» بالمهدية وأكد براءة شقيقه من التهمة الموجهة إليه مستندا في ذلك على نتائج التحاليل والمعاينات والاختبارات، حيث أفاد تقرير الاختبار الصادر بتاريخ 4 أوت 2012، والمُمضى من ثلاثة مختصين في الجراحة الحربية، والطب الشرعي، والذخيرة والأسلحة (أمدنا بنسخة منه) ما يلي: 1 تحديد مسافة الإطلاق: بالاعتماد على شكل وحجم وثقب دخول الرصاصة على مستوى الوجنة اليسرى لوجه الهالك، ونظرا لعدم معاينة آثار بارود حول هذا الثقب حسب الصورة الرقمية المرفقة بالملف، وبالاعتماد على فحص جمجمة الهالك يُستنتج أن الطلق كان عن بعد على مسافة كافية مكّنت من استقرار الرصاصة على محركها، وبقيت للرصاصة عند إصابتها الهالك ما يكفي من الطاقة لإحداث أضرار جسيمة على مستوى عظام الوجه والجمجمة التي تم اختراقها كليا رغم الحواجز العديدة التي اعترضت المقذوف والكثافة الهامة نسبيا للمواد داخل الرأس وعظام الجمجمة. تحديد اتجاه الإطلاق وزاويته: بالاعتماد على فحص عظام الجمجمة والوجه وعلى معاينة جثة الهالك من قبل طبيب الصحة العمومية اثر الوفاة يُستنتج أن الطلق أصاب الهالك على مستوى الرأس في الوجنة اليسرى، وكان مسار الرصاصة داخل الرأس من الأمام إلى الخلف بانحراف طفيف جدا من الفوق إلى الأسفل، وبانحراف طفيف من اليسار إلى اليمين. نوعية السلاح والذخيرة التي أُصيب بها الهالك: بالاعتماد على معاينة الجمجمة والوجه والصور الرقمية لجثة الهالك وتقرير الصور بالأشعة لرأس الهالك والمعطيات المتوفرة حول الأسلحة والذخيرة التي استُعملت أثناء الواقعة يُستنتج أن الأضرار ناتجة عن طلق برصاصة مقمصة ذات سرعة بدئية، وطاقة حركية كبيرتين.نتائج هذا الاختبار بيّنت أن السلاح الذي قُتل به الشهيد سليم الحضري من نوع بندقية الاقتحام «الشتاير» عيار 5,56 مم، وذخيرتها المقمصة ذات لب من الرصاص عيار 5,56 × 45 مم، وبناء على هذه النتائج يقول نور الدين فإن شقيقي بريء من التهمة الموجهة إليه باعتباره يستعمل عادة سلاحا من نوع مسدس MK3 وذلك بشهادة جميع زملائه، ولا علاقة له بسلاح «الشتاير».ومن هذا المنطلق اعتبر السيد نور الدين أن الحكم على شقيقه بالسجن مدة عشر سنوات في الطور الاستئنافي قاسي بعد أن كانت كل المؤشرات تنبئ بإطلاق سراحه، ليُقدّم «كبش فداء» في جريمة لم تقترفها يداه حسب قوله، معربا في ذات السياق عن ثقته في عدالة القضاء العسكري، ومؤمنا بإنصافه في الطور التعقيبي.وللتذكير بوقائع القضية فقد أفادت الأبحاث المجراة أن مسيرة شعبية هائلة انطلقت يوم 14 جانفي 2011 في مدينة الرملة من معتمدية قرقنة أغلبها من الشباب في اتجاه مركز الشرطة، رفع خلالها المتظاهرون شعارات تنادي بمحاسبة رموز الفساد، وقاموا بمحاصرة المركز بمن فيه من الأعوان، ومعتمد المنطقة الذي لجأ إليه خوفا على نفسه من المتظاهرين، وامتد الحصار المضروب على المركز من الساعة الحادية عشرة صباحا إلى حدود الساعة السادسة مساء توقيت الإعلان عن حالة الطوارئ، ولما تقدم المتظاهرون في اتجاه المركز وتمظهر عزمهم على إحراقه حاول الأعوان مغادرة المكان على دفعات متتالية تحت غطاء ناري كثيف استعمل فيه نوعان من المسدسات هما «البريتا» وMK3، وبندقية الاقتحام «شتاير»، وذلك بغاية إبعاد المحتجين، وتسهيل الانسحاب، إلا أن طلقة نارية أصابت الشاب سليم الحضري الذي كان ضمن المتظاهرين أسفل عينه اليسرى، واخترقت رأسه متسببة في هلاكه.