أبدى محافظ البنك المركزي تخوفه من حالة «التذبذب السياسي» الذي تعيشه البلاد وقال إنه يُهدد في كل لحظة الاقتصاد التونسي بانتكاسة جديدة وحمل في ذلك المسؤولية كاملة للحكومة ... قال السيد الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي ان الاقتصاد التونسي بدأ يسترجع أنفاسه وانتعاشه مقارنة بأواخر سنة 2011 وما على الحكومة إلا المحافظة على هذه الوضعية والعمل على تطويرها. واعتبر العياري وهويتحدث على هامش ندوة انتظمت بالبنك المركزي حول موضوع «التوافق بين السياسة النقدية للبنك المركزي والسياسة المالية للحكومة» أنه بقدر ما للاقتصاد من استقلالية فانه يبقى في كل الحالات وفي اية دولة من العالم مرتبطا بالوضع السياسي والامني». مسؤولية الحكومة
يرى الشاذلي العياري أن الحكومة مطالبة اليوم بالتعجيل في تنفيذ المواعيد السياسية المنتظرة خاصة إصدار الدستور وتنظيم الانتخابات وذلك حتى يتحقق الاستقرار السياسي والامني اللذان دونهما لا يمكن الحديث عن انتعاش اقتصادي .. وأكد العياري أن مستثمرين تونسيين أجانب عبروا منذ الاشهر الاولى للثورة عن استعدادهم للمراهنة على الاقتصاد التونسي في الفترة الموالية للثورة لكنهم في المقابل يريدون تنفيذ المواعيد السياسية القادمة في أقرب وقت .. وقال بالخصوص « هم يريدون اصدار الدستور في اقرب وقت ويريدون اجراء الانتخابات في اقرب وقت.. ليس حبا في الدستور أوفي الانتخابات لكن رغبة منهم في تحقق الاستقرار والامن والأجواء الديمقراطية المناسبة للاستثمار ..فدون ذلك سيتخلون حتما عن رهانهم على تونس ما بعد الثورة وبالتالي فان النكسة الاقتصادية ممكنة لوتواصل التذبذب السياسي والامني». رجال الاعمال
حول مسؤولية الحكومة في تشجيع المستثمرين التونسيين الخواص الذين بدأ دورهم يتراجع لأسباب عديدة، قال محافظ البنك المركزي أنه على الحكومة أن تقف إلى جانبهم وأن لا تعول على المستثمر الاجنبي فقط . وقال ايضا أنها مطالبة بأن تحل في أقرب وقت ممكن مشاكل رجال الاعمال الممنوعين من السفر والمُجمدة أموالهم فدينار تونسي واحد يستثمره تونسي افضل من 100 دولار يستثمرها اجنبي لذلك لا يجب ان نعول على الاجانب ليكون بديلا لأنهم في كل الحالات حلا محدودا في الزمن. وقال بالخصوص «ما على الحكومة إلا التعجيل بحل مشاكل رجال الأعمال والمستثمرين التونسيين الممنوعين من السفر اوالذين أموالهم مجمدة إلى درجة أنهم اصبحوا متخوفين فعلا من استثمار اموالهم وسحبوها من البنوك فباتت خارج الدورة الاقتصادية مما ألحق مضرة كبرى بالاقتصاد». وقال العياري ان رجال اعمال كثيرين اتصلوا به مطالبين بالتعجيل بمحاكمتهم واثبات براءتهم من الفساد السابق اوتورطهم فيه حتى يعرفوا ما لهم وما عليهم ويقدروا على برمجة انشطتهم المستقبلية. لا للتهويل
صرّح مُحافظ البنك المركزي أن الخبراء والمُحللين الاقتصاديّين وبعض وسائل الاعلام هولوا كثيرا «قضية» تصنيف تونس ضمن الدول ذات المخاطر العالية جدا من قبل مؤسسة الترقيم «ستاندار آند بورز». وقال ان هذا الترقيم يخص فقط تقييم مخاطر البنوك وليس تقييم المخاطر السيادية للدولة وللاقتصاد ككل وبالتالي لا يجب في رأيه ان نخلط ونهول الامر على انه كارثة اقتصادية عامة.. وبخصوص تراجع احتياطي تونس من العملة الاجنبية الى ما يغطي احتياجات البلاد لمدة 96 يوما فقط، قال الشاذلي العياري ان الوضعية ليست كارثية أيضا كما يدعيه بعض خبراء الاقتصاد مضيفا انه متفائل وان الاوضاع الاقتصادية في تونس لا تنبئ بكارثة. تأني الحكومة
قال الشاذلي العياري أنه لا يعارض وجهة نظر الحكومة في تحقيق نسبة نمومرتفعة (4 فاصل 5 بالمائة ) فذلك سيوفر مزيدا من مواطن الشغل لكن لا بد من النظر إلى ذلك من حيث التوازنات الاقتصادية الداخلية .. فنسبة النموالمرتفعة تتطلب المزيد من الاستثمارات التي تتطلب بدورها مزيدا من القروض الخارجية وهذا سيزيد من حدة الضغوطات على الاقتصاد في وقت وجيز وقد تكون له انعكاسات سلبية.. فطاقاتنا اليوم محدودة من هذه الناحية واقتصادنا ما زال هشا بعد أن خرج «من قاع البئر» ولا بد على الحكومة من التأني ثم التأني في خياراتها الاقتصادية حتى لا ينزلق الاقتصاد مجددا إلى قاع البئر إذا ما تعاملنا معه ب«قوة» وحتى تكون هذه الخيارات متناغمة مع الخيارات النقدية للبلاد ..لذلك أقترح من موقعي سيناريونسبة نمولا تفوق 3 فاصل 5 بالمائة في 2012 و2013 وهوامر جيد ومريح خاصة اننا وصلنا في 2011 نسبة نمواقل من 2 فاصل 2 بالمائة .. اكمال مهمة النابلي
اعترف محافظ البنك المركزي بان القطاع البنكي في تونس يمر بفترة صعبة وهذا ليس بجديد علينا على حد قوله ، ذلك أن 3 بنوك وطنية وضعيتها كارثية وتعاني من وضعيات مالية غير مستقرة تماما منذ الستينات وتكبلها الديون على غرار البنك الفلاحي والشركة التونسية للبنك.. وأضاف انه طيلة سنوات العهد البائد لم تسع الحكومات المتعاقبة لإصلاح هذا الوضع بل زادت في اغراق البنوك العمومية وفي تسهيل انتشار الفساد المالي عبرها. والآن نحن سائرون في هذا الاصلاح بعد أن شرع في ذلك المحافظ السابق مصطفى كمال النابلي.. وقال العياري أن الوضع الاقتصادي الحالي لا يسمح باتخاذ اي اجراء عقابي ضد هذه البنوك باعتبارها هي مؤسسات قائمة وترتبط بها مصالح اقتصادية عديدة ومتشعبة. لكن سيقع من هنا فصاعدا مراقبتها بشكل جيد وعدم السماح لها بالانزلاق مجددا نحوالمخاطر وكل ذلك يتطلب بعض الوقت لتحقيقه.