تعتبر غراسة القوارص والزياتين من الزراعات الهامة بجهة جندوبة بفضل ما توفره من إنتاج استهلاكي بالأسواق الداخلية والخارجية رغم ما يعرفه القطاع من صعوبات وهو ما استدعى ضرورة النهوض به وتطويره من خلال خطة عاجلة. في المواسم الأخيرة عرف قطاع غراسة القوارص والزياتين تراجعا من حيث الإنتاج وصل إلى مستوى 20 بالمائة وهو ناتج عن عدة عوامل في مقدمتها تهرم غابات الزياتين وتقلص مساحات القوارص مما تسبب في تراجع الإنتاج وكذلك وفاة آلاف الأشجار وهو ما عجل بضرورة اتخاذ التدابير المناسبة من خلال خطة هادفة لتجديد غابات الزياتين بعدد من الجهات (وادي مليز جندوبة الشمالية بلطة بوعوان بوسالم غار الدماءفرنانة) وهو تجديد شمل أكثر من 2500 هكتار وقد ابتدأت الخطة منذ ثلاث سنوات, كما ان الأشجار الجديدة والمطابقة للمواصفات العالمية من حيث جودة الإنتاج وتلاؤمها مع مناخ البلاد بدأت تأتي أكلها ويرتفع إنتاجها من موسم إلى آخر, ومن المنتظر أن يشهد عنفوانه خلال موسم 2015 مما يؤشر لتحسن في الإنتاج كذلك في كميات إنتاج زيت الزيتون خاصة والمشاتل الجديدة قادرة حسب المواصفات على مضاعفة طاقة الإنتاج خاصة وهي تضع في الاعتبار الكم والكيف.
أصبحت غراسة القوارص من التوجهات الجديدة التي سلكها الخواص وكذلك الأراضي الدولية بحيث تم في هذا المجال وخلال السنتين الماضيتين غراسة ما يفوق 500 هكتار من القوارص وفي مقدمة الجهات التي انتفعت بهذا التوجه الجديد القديم هي بوسالم ووادي مليز وما زالت التجربة قابلة للتطور والزيادة في المساحة لهذه الزراعة خاصة وبوادر النجاح بدأت تظهر من خلال بداية الإنتاج للحقول المغروسة وقد ساهم هذا الإنتاج في غزو الأسواق المحلية والوطنية وقلص من تنقل التجار نحو جهات أخرى بحثا عن هذه المنتوج.
مناخ ملائم وعناية خاصة
وقد أثبتت التجارب سواء المتعلقة بغراسة الزياتين أو القوارص أن الجهة بفضل مناخها وتربتها قادرة على أن تصبح من أهم المناطق المنتجة للزيتون وكذلك القوارص بمختلف أنواعها خاصة وقد شهدت الغراسات الجديدة توجها علميا راقيا يعتمد تقنيات حديثة تتمثل في الري قطرة قطرة وكذلك استعمال الوسائل والتجهيزات الحديثة في عمليات الصيانة والمداواة والجمع رغم ارتفاع كلفتها.
وللأشجار المثمرة نصيب
كما عرفت غراسة الأشجار المثمرة بالجهة تطورا من حيث المساحات ودخول أنواع جديدة من الأشجار : الخوخ العنب التفاح الاجاص في عادات الفلاح والذي أصبح يقبل عليها بشكل كبير أدى لتطور الإنتاج وتزايد المساحات المخصصة للغراسة الأشجار المثمرة وقد كان الإمتياز هنا لجهتي غار الدماء وبوسالم مما يجعل التجربة تتقدم خطوات الى الأمام ويجعل الجهة قطبا رائدا في إنتاج الغلال للفصول الأربعة.
هذه الغراسات بمختلف أنواعها تتطلب عدة مصاريف ونفقات ناهيك أن أسعار المشاتل مرتفعة جدا وكذلك الأسمدة والأدوية وتجهيزات الري العصرية واليد العاملة وارتفاع كلفة مياه الري بما يجعل الفلاح يتكبد نفقات كبيرة قد تجعله يرفع الراية البيضاء والاستسلام خاصة ومثل هذه الغراسات يتطلب التضحيات والصبر في السنوات الأولى حتى تصل إلى مرحلة الإنتاج الفعلية وهي التي تتراوح بين موسمين وثلاثة مواسم وهو وضع يتطلب تشجيعات خاصة من الدولة من خلال قروض طويلة المدى في التسديد وقروض موسمية لمجابهة المصاريف الطائلة وهي مسؤولية ملقاة على عاتق وزارة الفلاحة حتى ينهض هذا القطاع ولا يبقى الفلاح بمفرده في مواجهة المصاريف الكثيرة.