تمر على الأمة العربية هذه الأيام الذكرى التاسعة والثلاثون لحرب أكتوبر.. ومهما حاول البعض زرع بذور اليأس والإحباط، ومهما عمل البعض الآخر على دفن هذه الذكرى المجيدة، فإن حرب العبور تبقى ذكرى مجيدة، حاضرة بقوة في تاريخ العرب الحديث كعنوان بارز للإرادة العربية ولقدرة العرب على صناعة الأحداث والتأثير فيها. فلقد جاء على الأمة العربية ومنذ نكسة جوان 1967 زمن ثقيل ألقى بظلال من الانكسار على الشعب العربي.. لكن عزيمة الرجال كانت أقوى من أن تكسر وتصميمهم على النهوض كان أقوى من مخططات الأعداء ومن تآمر المتآمرين.. لينهض الزعيم الخالد جمال عبد الناصر ويستنهض همم المصريين والعرب ويعبئهم في اتجاه العبور وتحرير الأرض وتنقية شرف الأمة مما لحق به من هوان الهزيمة والانكسار. وبالفعل شكلت حرب الاستنزاف وحملات التعبئة والإعداد التي باشرها الزعيم عبد الناصر أفضل رافعة لإرادة التحرير على الجبهتين المصرية والسورية لتكون حرب أكتوبر محطة هامة في تاريخ العرب وفي تاريخ نزالهم المرير مع العدو الصهيوني.. محطة رسّخت قدرة الانسان العربي حين يستعيد ثقته في نفسه وفي إمكانياته وحين يصمم على استرداد حقوقه المشروعة.. وكسرت في المقابل أكذوبة الجندي الصهيوني الذي لا يقهر ومهدت لأيام خالدات أخرى خطّها الإنسان العربي المقاوم في جنوب لبنان وفي غزة. واليوم ماذا بقي من تلك الروح؟ وأيّة دروس وعبر تطفح بها الذكرى؟ بالتأكيد، المشهد العربي اليوم لا يسرّ إلا العدو.. حيث بلغ التشرذم والفرقة أوجهما.. وحيث تبعثرت بوصلة العرب ليتغافل البعض عن الاحتلال الصهيوني لفلسطينالمحتلة ويحوّلوا اهتمامهم وامكاناتهم لتدمير سوريا.. ولكن الأكيد أن روح حرب أكتوبر ستبقى قائمة وما هي إلا حقبة وتمرّ في تاريخ أمتنا الطويل فتستعيد بوصلتها وتستنهض امكاناتها وقدراتها وتعبئ الجماهير العربية في الاتجاه الصحيح : اتجاه تحرير فلسطين وبناء تنمية شاملة تعيد للإنسان العربي كرامته في ظل نظم ديمقراطية تحترم الإنسان العربي ولا تستهين بذكائه. عبد الحميد الرياحي