مندوب روسيا لدى الامم المتحدة يدعو إلى التحقيق في مسألة المقابر الجماعية بغزة    طيران الكيان الصهيوني يشن غارات على جنوب لبنان    بعد اتفاق اتحاد جدة مع ريال مدريد.. بنزيما يسافر إلى إسبانيا    المرسى.. الاطاحة بمنحرفين يروّجان الأقراص المخدّرة    حالة الطقس يوم الخميس 2 ماي 2024    مدرب بيارن : أهدرنا الفوز والريال «عَاقبنا»    أخبار الاتحاد المنستيري...رهان على «الدربي» وفريق كرة السلة يرفع التحدي    صفاقس...حالة استنفار بسبب سقوط جزء من عمارة بقلب المدينة ... غلق الشارع الرئيسي... وإخلاء «أكشاك» في انتظار التعويضات!    في خطإ على الوطنية الأولى: دكتور وكاتب يتحول إلى خبير اقتصادي    في أقل من أسبوع.. أعاصير مدمرة وفيضانات اجتاحت هذه الدول    وفاة الفنانة الجزائرية حسنة البشارية    بنزرت ..أسفر عن وفاة امرأة ... حادث اصطدام بين 3سيارات بالطريق السيارة    سعيد يعود احد مصابي وعائلة احد ضحايا حادثة انفجار ميناء رادس ويسند لهما الصنف الأول من وسام الشغل    وزارة الشباب والرياضة تصدر بلاغ هام..    اتفاقية تمويل    غدا الخميس: وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الأساسي يوقعان اتفاقا ينهي توتر العلاقة بينهما..    وزارة السياحة تقرّر احداث فريق عمل مشترك لمعاينة اسطول النقل السياحي    المؤتمر الإفريقي الأول حول "آفاق تنمية الدواجن بإفريقيا" على هامش الدورة 20 للصالون المتوسطي للتغذية الحيوانية وتربية الماشية    المجلس الوطني للجهات والاقاليم ...لجنة صياغة النظام الداخلي تنطلق الخميس في النظر في الاحكام العامة والعضوية والحصانة (الناطق باسم اللجنة)    عقوبات مكتب الرابطة - ايقاف سيف غزال بمقابلتين وخطايا مالية ضد النجم الساحلي والملعب التونسي ونجم المتلوي    النادي الافريقي- جلسة عامة عادية واخرى انتخابية يوم 7 جوان القادم    روبليف يقصي ألكاراز ويتقدم لقبل نهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    عيد العمال العالمي: تجمع نقابي لاتحاد عمال تونس وسط استمرار احتجاج الباعة المتجولين    عيد العمال العالمي: تدشين المقر التاريخي للمنظمة الشغيلة بعد أشغال ترميم دامت ثلاث سنوات    الاحتفاظ بعنصر تكفيري مفتش عنه من اجل الانتماء الى تنظيم ارهابي    تونس تعرب عن أسفها العميق لعدم قبول عضوية فلسطين في المنظمة الأممية    الاحتفاظ بتلميذ تهجم على استاذته بكرسي في احد معاهد جبل جلود    القصرين: وفاة معتمد القصرين الشمالية عصام خذر متأثرا بإصاباته البليغة على اثر تعرضه لحادث مرور الشهر الفارط    جندوبة: فلاحون يعتبرون أن مديونية مياه الري لا تتناسب مع حجم استهلاكهم ويطالبون بالتدقيق فيها    الكاف: اليوم انطلاق فعاليات الدورة التاسعة لمهرجان سيكا جاز    ندوات ومعارض وبرامج تنشيطية حول الموروث التراثي الغزير بولاية بنزرت    بعد تتويجه بعديد الجوائز العالمية : الفيلم السوداني "وداعا جوليا " في القاعات التونسية    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    القيروان: إطلاق مشروع "رايت آب" لرفع الوعي لدى الشباب بشأن صحتهم الجنسية والانجابية    اعتراف "أسترازينيكا" بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا قد يسبب آثارا جانبية خطيرة.. ما القصة؟    الفنانة درصاف الحمداني تطلق أغنيتها الجديدة "طمني عليك"    تفاصيل الاطاحة بمروجي مخدرات..    هام/ إصدار 42 ملحقا تعديليا من جملة 54 ملحقا لاتفاقيات مشتركة قطاعية للزيادة في أجور العاملين في القطاع الخاص    التشكيلة الاساسية للنادي الصفاقسي والترجي التونسي    تحذير من برمجية ''خبيثة'' تستهدف الحسابات المصرفية لمستخدمي هواتف ''أندرويد''..#خبر_عاجل    هام/ وزارة التربية تدعو إلى تشكيل لجان بيداغوجية دعما لتلاميذ البكالوريا..    وزارة التجارة: لن نُورّد أضاحي العيد هذه السنة    غرفة القصابين: معدّل علّوش العيد مليون ونص    تونس تشارك في معرض ليبيا للإنشاء    مهرجان سيكا جاز: تغيير في برنامج يوم الافتتاح    الطبوبي في غرة ماي 2024 : عيد العمّال هذه السنة جاء مضرّجا بدماء آلاف الفلسطينين    سامي الطاهري يُجدد المطالبة بضرورة تجريم التطبيع    اليوم: تونس تحيي عيد الشغل    اليوم.. تونس تحتفل بعيد الشغل    وزارة الفلاحة تضبط قيمة الكيلوغرام من التن الأحمر    غدا.. الدخول مجاني الى المتاحف والمواقع الاثرية    عاجل/ "أسترازينيكا" تعترف..وفيات وأمراض خطيرة بعد لقاح كورونا..وتعويضات قد تصل للملايين..!    مختص في الأمراض الجلدية: تونس تقدّمت جدّا في علاج مرض ''أطفال القمر''    مدينة العلوم بتونس تنظم سهرة فلكية يوم 18 ماي القادم حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشمس    يوم 18 ماي: مدينة العلوم تنظّم سهرة فلكية حول وضعية الكواكب في دورانها حول الشّمس    خبراء من منظمة الصحة العالمية يزورونا تونس...التفاصيل    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في مائدة مستديرة نظمتها «الشروق» وحضرها مفكرون وسياسيون : كيف نتصدى الى الإساءة للاسلام؟
نشر في الشروق يوم 08 - 10 - 2012

اصطدمت شعوب الثورات العربية بهجمة جديدة على مقدساتها وكأنها حقول من الغاز انقدح فيها قادح فسرعان من التهبت وهبت الى سفارات الولايات المتحدة الأمريكية تطفئ ظمأها من ثورة لم تستكمل آخر حلقاتها.

من السينما المستفزة لمشاعر المسلمين بالإساءة لنبيّهم إلى رسوم الكاريكاتير في صحيفة شارلي هيبدو والتلاعب بمنزع الدين... وكأن الآخر ( الغرب الأمريكي والغرب الأوروبي) عرف مكامن الداء وعثر على مفاتيح إلهاب المشاعر العربية سيما وحركات الإخوان المسلمين أصبحت تتصدر متاريس السلطة الحاكمة في الدول العربية وحركات السلفيين بأطيافها الجهادية والوهابية تحكم قبضتها على جزء هام من الشارع العربي تتحدث باسمه وتدفعه دفعا إلى اعتناق عقيدتها.

حدث مالم يكن في الحسبان والتهب الشارع العربي واقتحمت جموع الغاضبين مباني السفارات في ليبيا وتونس كما في اليمن ومصر وأدت غضبة الجمعة إلى قتل السفير الأمريكي وبعض معاونيه في بنغازي ومقتل متظاهرين في تونس ذات جمعة وسال حبر كثير في صحف تدين من أتوا فعلة الإساءة.

يخطئ من يظن أن مسلسل الإساءة لرموز الإسلام قد بلغ منتهاه، فالتخطيط لهجمات أخرى على ديانة المسلمين ورموزهم مازال قائم الذات. لكن ثمة سؤال لم يهتد إليه الغاضبون على هذه الفعلة وحتى من غير الغاضبين وهو «كيف يمكن للشعوب الاسلامية أن تتصدى لهذا المسلسل الاستفزازي؟» حول هذا السؤال «الشروق» نظمت مائدة مستديرة جمعت الأساتذة سامي ابراهم الباحث المختص في الحضارة الإسلامية وصلاح المصري رئيس الرابطة التونسية للتسامح وأحمد طاطار ممثل حزب التحرير وعلي اللافي المستشار السياسي لوزير الشؤون الدينية وتعذر على الدكتور حمادي بن جاب الله أستاذ الفلسفة حضور المائدة المستديرة إلا أنه أبى إلا أن يساهم كتابة في هذا الموضوع

علي اللافي (مستشار وزير الشؤون الدينية) : ردّنا يجب أن يكون حضاريا

قال : أعتقد ان القراءة ذات البعد الواحد خاطئة وفهم الإساءات التي بدأت سنة 1988 وتعددت لفترات محددة لها جملة من الأبعاد. وأوضح هناك أولا ان بعض الغربيين يجهلون الاسلام ويعتبرونه خصما لهم وعدوا وبالتالي يجهلون كنه الدين وكنه الحضارة الاسلامية. وثانيا هناك اكتشافات علمية أخيرة كاكتشاف ليلة القدر والأسرار التي تقف وراءها علميا دون الاكتشافات التي حددها الاسلام للمرأة وما يسمى ب«العدة» تضع جملة من العلماء أمام حقائق هذا الدين فهي عملية استباقية. واعتبر ان من الصحفيين الذين لم يكن بالضرورة معاديا بقدر ما أن هناك جهلا بقيمة الأديان والعلاقات الدولية لتكون العملية عادية ولكن يعطيها أكبر من حجمها.
وأضاف ان النقطة الثالثة تتمثل في ان الغرب ليس واحدا فأمريكا كدولة ليست خطا واحدا او نسقا واحدا او تفكيرا واحدا.
وأشار الى أن قوة الغرب السياسية انها قادرة ان تتفاعل مع تلك الأنساق.

ورابعا حسب رأيه توجد أنظمة تتساقط وأجنحتها مازالت مخابراتية قادرة على صنع الاحداث كالنظام البعثي السوري.
ورأى ان هناك طرفا في الغرب يريد حرق الثورات العربية والثورة التونسية لها رمزية وبالتالي حرقها وجعلها تأكل نفسها بعد من الأبعاد. كما ان قوة الثورة المضادة التي مازالت تلعب أدوارا في تونس وليبيا.
وذكر ان التعامل مع الغرب على أساس وحدة هو خطأ كبير.

«الشروق» : اي دور لوزارة الشؤون الدينية في منع العنف الذي حدث يوم 14 سبتمبر؟
قال علي اللافي ان وزارة الشؤون الدينية لم تكن وزارة في العهد السابق ولم يكتمل مفهومها الى حد الآن وهي بالتالي قيد البناء.
وأضاف كان عليها توجيه المجتمع المدني وهي مستقبلا يجب ان تلعب دور المبادر والمؤطر والدور الذي يعطي الخطاب الديني بعدا حاسما.
وذكر نبّهنا في البيان الاول والثاني وعقدنا ندوة بالمناسبة حتى نقول ان المجتمع يجب ان يكون له تصور واضح.
واعتبر ان القضية هي قضية مجتمع كامل فكأننا خنّا الثورة التونسية في أول مرة.

«الشروق» : كيف يمكن ان يكون دور الوزارة مستقبلا، وما هي الحلول المطروحة لديها للرد على من يسيء للإسلام؟
أفاد علي اللافي ان وزارة الشؤون الدينية سيكون لها قرار خطير جدا لأن مسألة الدين سيكون لها أهمية كبيرة في المجتمع.
وأضاف : «الآن الخارطة السياسية ليست مضبوطة واليوم لنا مشهد غير ثابت حيث يتوفر 143 حزبا والمشهد في تقدم والوزارة سيكون لها دور خطير جدا.
وأشار الى انه لابد ان تستقر الخارطة السياسية ويقف الدين على نفس المسافة بين الأطراف المتصارعة كما يجب ان يقف الجامع على مسافة من الجميع من اي حزب وبالتالي يجب ان نكون قادرين على المساهمة في بناء ثقافة اسلامية.

وأضاف لابد ان نعترف بالدين كما هو ونعرّف بشخصية الرسول حتى يعرفه كل العالم.
وبالنسبة لتونس لابد من العمل على عدم تحييد الشارع لاسيما في ظل وجود نخبة لها قدرة على التغيير.
وأشار الى ضرورة نشر سياسة الحوار في ظل الدولة المدنية التي يجب ان تبنى.

«الشروق» : هل تعتقدون ان سن قوانين لحماية المقدسات يكفي وحده أم هناك وسائل أخرى يمكن وجودها؟
فأجاب مستشار وزير الشؤون الدينية يجب ان نكون واقعيين وواضحين ورد الفعل يجب ان يكون مبنيا على قيم الاسلام ويفيد البلاد لأن الرسول صلى ا& عليه وسلم لما جاء الى العرب وهو مجرد شعب بدوي نقلهم الى مناخ حضاري وبالتالي ردّنا يجب ان يكون حضاريا والسفير كان محترما عند الاسلام.
عبد ا& بن مسعود حرر بخارة وسمرقند بالكلمة، ولكن ما حدث في ليبيا هو ما حدث في تونس لأن هناك ثورة مضادة والسفير التونسي كان يراد قتله ولكن الوسائل لم تكن لوجيستيا متوفرة للثورة المضادة.

صلاح المصري (رئيس الرابطة التونسية للتسامح) : نواجههم بصناعة العلم والمعرفة والإبداع

هل أن هذه الإساءات متعمّدة وتستهدف ضرب الإسلام والمسلمين أم هناك خلفيات أخرى؟

ردّا على هذا السؤال أفاد رئيس رابطة التسامح أن الانسان الذي يقبل بالآخر بمعنى أن يؤمن الانسان حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه أي أنا أعطيك فرصة للتعبير عن نفسك وفرصة الوجود والاحترام الكامل لما تعبّر عنه من اختلاف لأن ذلك الاختلاف هو في عمقه وجودي في صيغة أخرى.
أنا مثلا في شروط أخرى من المحتمل أني كنت مسيحيا أو بوذيا لأن أبي وأمّي من الصّين فالاختلاف هو تعبير هذا التنوّع الكبير في الوجود.
وبالنسبة الى الإساءة أو السخرية التي اتخذت منحى «الكاريكاتور» نحن لنا الآية الكريمة {وقَالَ الكَافرُونَ هَذَا سَاحر كَذَّاب} التي تدلّ على أن هذه السخرية من الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم قديمة جديدة.

وأضاف أن هناك ثوابت في حركة التاريخ الانساني وثوابت في الصراع الدائم بين العدل والظلم أو بين القسط والجور بمعنى أنه عندما تطرح قضية محقّة لا يواجهها الاستعمار أو لا تواجهها قوى الاستغلال من خلال مدلولها الاجتماعي أو السياسي إنما تواجهها بمفهوم السخرية أو عن طريق تجويف القضية.

وقدم كمثال الحديث اليوم عن المقاومة يصير اسمها إرهابا أو المقاومة الاسلامية فهي متطرّفة فعوض أن نقول هل المقاومة في فلسطين مطالبها محقّة أم باطلة ندخل في عملية الاساءة لهذه المقاومة وتشويهها، إذن، فالصراع الذي يدور بين أمّة تريد التحرّر وقوى استعمارية تشعر أن زمن أفولها قد حان سيكون الصراع بهذا المعنى أي فيه إساءة للرموز التي يمكن أن تشكل مجال وحدة لهذه الأمة ومجال قوة لها.

وقال «تعلمون ان الإنسان بذاكرته بمخزونه النفسي والعاطفي وشخصية الرسول محمد صلّى اللّه عليه وسلّم هي شخصية مركزية في تكوين الأمة العربية والاسلامية والضرب على هذه الشخصية وتشويه صورتها عن طريق الأدب والكاريكاتور مثل كتاب سلمان رشدي عام (1988) الذي أثار كتابه «الآيات الشيطانية» ضجّة كبيرة في العالم»، بمعنى أن الصراع متصاعد مرة يأخذ شكلا أدبيا ومرة يأخذ شكل رسوم ومرة يأخذ شكلا سينمائيا إشارة الى الفيلم المسيء.

وأفاد في تصوّري العلاقة بين الأديان الثلاثة الاسلام واليهودية والمسيحية هي علاقة تتضمن منحى الصراع، ومنذ جاء النبي وأعلن عن نفسه كان هناك صراع بينه وبين اليهود خاصة وفي فترة من الفترات صار تناقضا بين المسيحيين والصليبيين في القرن 12. وفي فترة من الفترات صار صراعا بين اليهود والأندلس في اسبانيا في القرن 16 والآن في القرن العشرين ومنذ ولادة الكيان الصهيوني نشأ تحالف ما يسمّى بالمسيحية الصهيونية واليهودية الصهيونية يعني الصهيونية والمسيحية وهنا أصل الى الفترة بين 2005 و2012 وصعود ما يسمّى بالمحافظين الجدد داخل الولايات المتحدة الأمريكية وصعود ما يسمّى التيّار الصدامي داخل المنظومة الأمريكية الذي عبّر عنه «صامويل هاندڤن» في كتاب «صراع الحضارات».

ورأى أنه في هذا الصراع لا يبرئ اللوبي الصهيوني الذي يشتغل بكثافة في أغلب دول أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية كما توجد قوى تطرف جديدة ولدت مع المحافظين الجدد وهما عاملان لهما دور كبير في الاساءة لرمز الاسلام في عملية استباق الأمة العربية الاسلامية.

أحد الصحفيين مثلا من شارلي إبدو يقول ان الفيلم والصور الكاريكاتورية تدخل في باب حرية الفكر والابداع وحرية الرأي فلماذا يفزع المسلمون حتى ان أحدهم قال اليوم عرفنا مكمن داء المسلمين فهل نرى ان الاحتجاجات مبالغ فيها وكان يمكن الرد عليها بإنتاج أفلام تبيّن المنحى الايجابي؟

وردّا على هذا السؤال قال : لو أخذنا القرآن كمؤسس للحضارة العربية الاسلامية فإنه يتوفر على مجال كبير للحرية حيث يتضمن حوارا مع ابليس وسردا لمنقولين مخالفين للرسول صلى ا& عليه وسلّم اي ليس هناك مشكلة حرية في الاسلام ولكن الحرية التي يتحدث عنه في أمريكا والغرب.

هناك امتحان قاس للحرية في الغرب وهي مسألة «الهولكوست» التي تدل على ان رفع شعار حرية لا حدود لها ليس صحيحا وأكذوبة والحرية الموجودة محدودة جدا وهناك مقدسات معاصرة بمعنى «الهولكوست» تمت في 1945 ولا يمكن المساس بها والفيلسوف روجي ڤارودي عندما لمس هذا الموضوع تمت المحاكمة.
واعتبر ان الاجتماع بالحرية هو موضوع مردود مع ايماننا بالحرية.

في ظل عجز الحكومات عن الدفاع عن المقدسات فهل يمكن ان يستبق المجتمع المدني ويحلّ محل الأنظمة؟

قال رئيس رابطة التسامح نعم ممكن جدا وهذا تقريبا ما وقع. وأضاف شعار الجمعية «إنما يأخذ الحق مسامحة» بمعنى ان أطالب بحقوقي لكن حذار ان أقع في العنف.
وقال: «في تصوّرنا لا ينبغي ان ننظر الى أمريكا كوحدة متكاملة وأشرت منذ البداية ان قوى تطرف في أمريكا تشجع قوى في وطننا العربي حتى تضمن عملية الصراع وتبرر لنفسها عملية التدخل اذا ليست لدينا نظرة الغرب كله ليس جيدا وأنا لي مقولات من فلاسفة غربيين يمدحون الرسول صلى ا& عليه وسلم ويعتبرونه مثالا للإنسان الرحيم مثلا «ساند هيلر» ألماني يقول ان محمد كان داعيا للإله الواحد وفي دعوته رؤوفا رحيما.

وأوضح ان صناعة القرار في الولايات المتحدة الامريكية كزعيمة لهذا الغرب هي قائمة على المحافظين الجدد الآن وعلى عقلية صدام الحضارات وتشجيع قوى التطرف في العالم لأنه بالنسبة لها موجود الا اذا وجد بن لادن يعني: محافظون من هنا ومحافظون من هناك ومتطرفون من هنا ومتطرفون من هناك وداخل هذه العملية يوجد اللوبي الصهيوني الذي يستفيد كثيرا من عملية الصدام الدائم بين الولايات المتحدة الأمريكية والعرب والمسلمين. وذكر أنه بالنسبة للمجتمع المدني نحن في الاعتداء الذي وقع في الكنيسة الأورتودكسية أصدرنا بيانا وطلبنا من وزارة الشؤون الدينية عقد لقاء وطني فيه المجتمع المدني وإن كنا نتحدث عن الاستباق فيجب ان نتحدث عنه منذ بدأت الاعتداءات التي يقوم بها التكفيريون والسلفيون ضد الحريات الفكرية والفردية والدينية.

ونحن هنا نرى ان الوزارة لا تستطيع ان تفعل شيئا فما بالك بمجتمع مدني ورغم ذلك عقدنا ملتقيات وانتقلنا بين الجهات للقيام بندوات حول الحج والتسامح والبعد عن الطرف واعتبر ان المسؤول الوحيد عن الاعتداء هي وزارة الداخلية ووزارة الدفاع والحكومة لأنه يوم 13 سبتمبر تم اعتداء في ليبيا وفي اليمن وكان من المنتظر حتما حتى للمواطن البسيط ان يتم اعتداء يوم 14 اذن المسؤولية هي مسؤولية الحكومة ونحن كمجتمع مدني غامرنا في الميدان لنشر ثقافة التسامح داخل الجهات لكن لم نلق اي دعم من الحكومة.

وأشار الى ان الحكومة و«الترويكا» ليس لها موقف واضح من التطرف الديني، ويفترض ان يبرز عند حادثة السفارة ردّان، رد شعبي وردّ رسمي وللأسف كانا الاثنان سلبيين.

في الرد الشعبي لم ينجح الغرب في الاساءة للرسول فنجحوا هم في الاساءة اليه لأنه في تاريخ الشعوب لم يكن السفير يعاقب لأنه ضعيف وفي الحروب لا يقتل فما بالك في هذه الحالة، والعدل يقول ان العقاب يفترض للمسؤول عن الفيلم وليس على السفير.

ورأى ان من قام بذلك هم التكفيريون الذين هاجموا بعض الفنانين في تونس كلطفي العبدلي وبالتالي هم أعداء للتسامح، وأشار بأن المسؤول الاول هو الحكومة على أحداث 14 سبتمبر ونتحمل مسؤوليتنا كحكومة ومجتمع مدني في نشر ثقافة التسامح.
وقال: «أين البوليس السياسي الذي تحدث عنه وزير الداخلية يوم 14 سبتمبر».
وختم بأن الاساءة هدفها تغذية قوى التطرف في البلدان العربية الاسلامية.

كلمة الختام والمطلوب بالضبط لنشر ثقافة التسامح كممثل للمجتمع المدني؟

وردا على هذه السؤال أفاد رئيس رابطة التسامح انه لابد من صناعة المعرفة والعلم والابداع. وقال: «الحضارة العربية الاسلامية فيها صورة مشرقة والتعايش مع الاديان».

ودعا الى التمسك بقيم التسامح التي جسّدها الرسول صلى ا& عليه وسلم في تحقيق العدالة الانتقالية. ورأى ضرورة التصدي للحركة الصهيونية.
وأشار الى ان الذي هجم على السفارة هو أحد التكفيريين الذين يعتبرون صناعة أمريكية التي أكدتها كلينتون بتصريح لها وبأن التكفيريين هم صناعة أمريكية.

الأستاذ سامي براهم باحث مختص في الحضارة الإسلامية : المسلمون يعيشون أزمة قيم

كيف تفسر ردة الفعل على الإساءة للرسول ے؟

ردا على هذا السؤال أفاد الأستاذ أن أفضل مرحلة تاريخية عشناها وبدأنا نحسن فيها صور النبي هي الثورات العربية حيث أعطت انطباعا أن هؤلاء العرب والقبائل المتوحشين بإمكانهم أن يغيروا بالخيار السلمي وأول ردة على الثورة أن كل سلوك عنفي بعد الثورة هو ردة والذين يسيئون للنبي هم الذين يصنعون نوعا من النكوس على الثورة التي أقنعت الغرب أنهم ليسوا قبائل متناحرة وأن لهم حسّا مدنيا وليس بالضرورة حداثتهم تقع بتقليد الغرب وأن يمكنهم صناعة نموذج يخصّهم.

ولكن ما حدث أنه تم القيام بردة مع ما حدث أمام السفارة وقال : «كنت حاضرا أمام السفارة وكان هناك نساء وأطفال صغار وفجأة ظهرت مجموعة منظمة وموجهة ولم يفكروا أنه يوجد أطفال صغار ورضع وأكد أن الأمريكان أجتمعوا بمكان مجهز وغير قابل للإختراق من قبل أي أحد وليس الأمن.

ماهي البدائل في نظرك؟

قال : «هناك سؤالان سخيفان بائسان يتكرران اليوم في العالم سؤال يطرحه الغرب وسؤال يطرح في الشرق وهي أسئلة تعكس شخصية متناقضة.
فالغرب يسأل لماذا يكرهوننا والجواب لأنهم متوحشون لأنه متخلفون إلخ ولا يسأل عمن أدائه من سلوك يؤدي إلى أن يكرهه الآخرون وهو سؤال غبي طرحته الحكومات وأصحاب القرار السياسي لاستغباء شعوبهم.

وذكر أن السؤال الذي يطرحه الشرق لماذا لا يحترموننا ألأنهم لا يفهموننا ولا يبذلون مجهودا لفهمنا ولا نسأل مالذي في أدائنا من سلوك يدفعهم إلى عدم احترامنا.
ورأى أنه كشخص مباشر للتدريس وأكد أنه منذ الثورة إلى الآن قام بأكثر من 160 محاضرة من الشمال إلى الجنوب مع التونسيين متدينين وغير متدينين والإنطباع الحاصل لدي أن أزمتنا أزمة قيم وأزمة أخلاقية بالمعنى الديني الضيق والإيتيقي العام يعني إلى حدّ الآن لا تزال كرامة الانسان قيمة غير راسخة في وجدانه وفي ضميره بدليل أنه يمكن في لحظة اقتناع بفتوى تكفر شخص بقتل شخص وهذا شخص علماني وهذا لائكي.

وقال : حدث حوار سلفي حول إجازة الأمريكي أم لا ؟ وهم يجيزون ذلك ولا عهد لحاكم والنهضة مرتدة وأن تجيز مرتد لآخرين هذا لا يؤخذ وهذا دليل أن لدينا أزمة قيم ولا كرامة للإنسان رغم أن القرآن يقول : «ولقد كرمنا بني آدم» بمعنى وجود مشيئة إلهية لتكريم الإنسان قبل اعتناق الأديان وبالتالي اعتناقها لا ينزع عنه الكرامة باعتبارها مكتسبة وأضاف أننا اليوم صرنا نشكك في عديد القيم لاسيما منها المساواة بين المرأة والرجل مشيرا إلى أنه صحيح الإرث محل خلاف وجدل بين المرأة والرجل لكن لا يعني أن ننفي قيمة ثابتة في مجتمعنا.

وتساءل كيف نقنع هذا الغرب بأننا شعوب وحضارة تستحق الإحترام وكيان سياسي يمثلها تسمية خلافة ملكية دستورية رئاسة هذا ليس إشكالا فالإشكال يكمن في المضمون وأشار إلى أن النهضة أيضا في منهجها التربوي وضعت لا نكفر إلا...وهذا لا يجب أن نكفر مطلقا وكمسلم لا مصلحة مجتمعية في التكفير والاجتماع قائم على علاقات الإنسانية.

ماهي الصورة التي يجب أن يكون عليها مجتمعنا في الوقت الراهن؟

قال الأستاذ سامي نحتاج إلى نهضة حقيقية يشارك فيها الجميع وأوضح أن الجميع لهم جزء من الحقيقة وبالتالي في السياسة كل طرف له نسبة من الحقيقة حتى لا يقصى أحد فمثلا نداء تونس له جزء من الحقيقة يمر عبر العدالة الإنتقالية وأضاف إلى أن القائمة السوداء أيضا مصطلح قبيح وينتمي إلى محاكم تفتيش لكن نعيد صناعته والإشكال على أيادي صحفيين.

أحمد طاطار (ممثل حزب التحرير) ل«الشروق» :الخلافة هي الحلّ

أفاد أحمد طاطار ممثل حزب التحرير أن الاشكال يكمن في أن عملية الاساءة أصبحت ممنهجة بتكرار أشكال الاساءة والفيلم والكاريكاتور شكل من أشكالها.
وذكر أنه لا بدّ من تعريف الاساءة فهل هي إساءة ظرفية أم عفوية أم هي ممنهجة حيث تشعر أن هناك عداوة للإسلام على جميع المستويات خاصة من السلطة ونحن لا نتحدث هنا على موقف سلطة وموقف المثقف الذي يمثل السلطة وقدّم كمثال موقف الملكة (ملكة بريطانيا) من إبداع سلمان رشدي كيف أنها وسّمته ولقّب بلقب فارس.
والموقف الثاني مثلا المستشارة الألمانية «أنجيلا ميركل» كيف تصرّفت مع الرسام الدنماركي حيث دعته الى برلين ووقع توسيمه وأعيد تكرار نشرها في ألمانيا وبلجيكا دون نسيان موقف الرئيس الدنماركي.

وهو ما يفسّر حسب رأيه أن السلطة تحمي كل من يسيء الى الاسلام والمسلمين وتحاول الحطّ من رمز الاسلام ورمز الأمة الاسلامية محمد صلّى اللّه عليه وسلّم.
وفي المقابل نجد في التاريخ الحديث عندما حاول أحد المسرحيين عرض مسرحية بباريس سنة 1890 فيها إساءة الى رسول اللّه فاستدعى السلطان عبد الحميد سفير فرنسا وهدّده باتخاذ إجراءات صارمة فمنع عرضها. وأضاف لماذا في الماضي كان يمنع المساس ليس بالرسول فقط بل المساس بأي إمرأة.
وذكّر موقف المعتصم عندما علم أن هارون قام بسجن نساء فقال إني باعث بجيش أوله عندي وآخره عندك فقالت امرأة وامعتصماه.

وأشار الى أنه بعد اتفاقية سايكس بيكو سنة 1916 وتقسيم المسلمين الي دويلات ضعيفة عاجزة عن تطبيق الاسلام حتى في ديارها، فقاطعته «الشروق» لكن الدول الاسلامية والأنظمة في بلدان الربيع العربي اتخذت مواقف والشعوب العربية اتخذت مواقف وصلت حدّ قتل السفير في ليبيا».

فقال: مسألة قتل السفير في ليبيا مشكوك فيها والسفير أولا مات مختنقا بالغاز وثانيا موته في ظلّ حراسة مشددة لا أعتقد ذلك وأظن أن السفير الأمريكي كان يمكن أن يكون محميا.
وبالنسبة لتونس أنا كنت موجودا أمام السفارة يوم 14 سبتمبر ولاحظنا غلق المنافذ أمام السفارة.

«الشروق» فهل نفهم من هذا أن حزب التحرير ضد ممارسة العنف والتعذيب في نصرة الرسول ے؟
قال «نحن كحزب سياسي لا نتبنّى العمل المادي لكن في مثل هذه الحالات خاصة الهبّة للأمة الاسلامية كان من المنتظر أن يأخذ الحكام موقفا لكن مشكلتنا أن الهبّة كانت عامة ولم تختصّ في البلدان العربية التي عرفت ثورة فقط بل كانت هبّة من أمم تريد تطبيق دينها.

واليوم ليست لنا مشكلة هوية بل مشكلة تنفيذ والذين يمثلون البلدان الاسلامية اليوم ليسوا في مستوى هبّة الأمة ولا في مستوى طموحاتها وما نعيشه في كل البلدان الاسلامية وليس العربية فقط من أندونيسيا الى بنقلاداش، وهي هبّة أمّة تريد استرجاع هويتها وتطبيق دينها. والتونسيون الذين خرجوا في ثورة طالبوا بتغيير نظام وليس أشخاص.
وذكر أن المواطن اليوم سيختار بين نظام زكاة أو نظام جباية والأمة الاسلامية لن تتخلّى عن الزكاة والصحوة الاسلامية والقيم الاسلامية هي سبب هذه الصراعات.

«الشروق»: تقرّ بأن الهبّة كانت شعبية والحكّام غائبون؟

قال «غائبون ويعطون شرعية لموقف الحكومات الأخرى ويساندون الحرية».

«الشروق»: بالعكس تمّ إصدار بيانات تنديد من الحكومات من المجلس الأعلى للاسلام؟

فقال: جميع القوانين الأوروبية تحمي الديانة اليهودية عكس الاساءة الى الاسلام.
علي اللافي قاطعه بالقول إن الغرب ليس له نفس النظرة الى الإساءة، فأضاف أحمد طاطار أن بعض الحكومات تستعمل الفكر كأداة للقرار واللّه يقول هنا {يريدون أن يطفؤوا نور اللّه بأفواههم ويأبى اللّه إلاّ أن يتمّ نوره ولو كره الكافرون}.
وأوضح أن بهذه الأعمال يزيد في بثّ الاسلام مما جعل الحكومة الدنماركية تخرج توصيات بمنع طبع القرآن الكريم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.