في اطار لقاءات الحوار التي تنظمها جمعية «عتيد» من أجل ربط الصلة بين ناخبي الجهات ونوابهم في المجلس الوطني التأسيسي احتضن المركب الثقافي بقابس تحت عنوان «كيف سيوفق الدستور بين الحق في التنمية الجهوية والحق في البيئة السليمة». اللقاء كان من المفروض أن يحضره أربعة أعضاء من المجلس الوطني التأسيسي هم السادة نوفل الغريبي ودليلة بوعين ومولدي الزيدي وفؤاد ثامر لكن المفاجأة كانت مذهلة للجميع بعد أن تغيب ثلاثة منهم وكان الحاضر الوحيد هو النائب فؤاد ثامر. السيد معز بوراوي رئيس جمعية عتيد تأثر كثيرا لهذا الغياب غير المبرر وبدا محبطا لأن ما حدث في قابس لم يحدث في أي لقاء سابق، بوراوي لم يجد من كلمات معبرة سوى القول أن ما جرى يعتبر تهربا من المواجهة والمسؤولية .
اللقاء اشتمل في جزئه الأول على محاضرة للسيدة مريم بالحاج وهي أستاذة بالمعهد العالي للدراسات القانونية حول سجل قضايا التلوث والأضرار المرفوعة ضد ادارة المجمع الكيميائي التونسي ومدى واقعيتها ومواكبتها للواقع وما أصاب الجهة من دمار، الأستاذة قدمت بعض الأرقام والاستنتاجات وأبرزت الحيف والمآسي التي لحقت بالواحة والطبيعة والهواء والانسان ودعت الى ضرورة التنصيص الصريح والمباشر على الحق في البيئة السليمة في الدستور المنتظر.
المواطنون الحاضرون كانوا في انتظار نواب التأسيسي من أجل التحاور المباشر حول أمهات القضايا التي تشغل بالهم وعلى رأسها التلوث والتنمية الجهوية لكنهم أصيبوا بخيبة أمل كبرى عبروا عنها بكلام جارح وبتشنج بالغ، كل التدخلات حملت نفس الهموم التي تدين تواصل مأساة ومخاطر التلوث وغياب الحلول الفنية ومحاولات الحد من الكوارث التي تشكل دمارا صباحا مساء على المنطقة بأسرها وتهرب المجمع الكيميائي من تحمل مسؤولياته وتقديم التعويضات اللازمة والمساهمة الجدية في حل معضلة تشغيل المعطلين وارساء مقومات التنمية الجهوية. أغلب المتدخلين أبدوا عدم رضاهم عن أداء المجلس التأسيسي وانتقدوا ما يحدث من تجاذبات ومهاترات وحسابات حزبية ضيقة أضرت بالثورة ولم تقدم الحلول الناجعة لأغلب المصاعب التنموية والاجتماعية التي تتخبط فيها البلاد.
السيد فؤاد ثامر عضو المجلس الوطني التأسيسي قال في بداية تدخله انه يشعر بالأسف لغياب زملائه الذين فرطوا اليوم في فرصة الالتقاء بمن أعطاهم أصواته ومنحهم تأشيرة الدخول الى التأسيسي والتحاور في مجمل قضايا الجهة، النائب وهو الأصغر في التأسيسي شكر جمعية «عتيد» على مبادرتها وقال ان المجتمع المدني مطالب بالنسج على هذا المنوال وتنظيم لقاءات مماثلة قصد البحث معا على حلول تشاركية نقترحها لحل مشاكل الجهة التنموية والبيئية، النائب قال إن التنصيص على الحق في بيئة سليمة في الدستور تم الوفاق حوله لكن معركتنا مع الملوثين والكوارث البيئية مازالت طويلة وشاقة وكل الأطراف مطالبة بتوظيف جهودها من أجل هذا الهدف.