طالب العديد من الخبراء في القانون بإدراج الحق في بيئة سليمة في الدستور الجديد، وتحدثوا عن مشروع مجلة البيئة التي هي الآن بصدد الانجاز. وأكدوا أمس خلال لقاء علمي انتظم ببادرة من وزارة البيئة ووكالة التعاون الألماني حول مجلة البيئة الجديدة على استفحال الانتهاكات التي تعرضت لها الغابات، وأطلقوا صيحة فزع جراء الاعتداءات المتكررة على المحميات الطبيعية بعد الثورة.. ولاحظوا تنامي ظاهرة البناء الفوضوي وتلوث المحيط والضجيج والاختناق المروري كما لاحظوا ان كل هذه التجاوزات حدثت رغم وجود قوانين تجرمها، واعتبروا ان القوانين وحدها، أوالعقوبات الزجرية، لا يمكنها أن تغير الحال إذا لم يعمل كل تونسي من موقعه على بذل الجهد المطلوب من أجل ان يعيش الجميع في محيط سليم. وفي حديث معه طمأن الأستاذ فاضل موسى عضو المجلس الوطني التأسيسي والخبير في القانون أن هناك توجها لدسترة الحق في بيئة سليمة وكشف أن جل مشاريع الدساتير المقدمة للمجلس نصت على ما يسمى بالجيل الثالث من الحقوق بما فيها الحق في البيئة السليمة.. علما وأن الجيل الأول من الحقوق يعني الحقوق المدنية والسياسية والجيل الثاني يعني الحقوق الاقتصادية والاجتماعية. وأضاف عضو المجلس التأسيسي أن جمعيات المجتمع المدني تطالب بدورها بإدراج هذا الحق في الدستور. وبين أنه بالنظر إلى الدساتير في العالم يمكن الاشارة إلى تنصيص نحو مائة دستور منها على الأقل على الحق في البيئة السليمة وهناك دساتير ذهبت الى ابعد من ذلك على غرار دستور البرازيل الذي نصص على ضرورة اجراء دراسة التأثير على المحيط قبل انجاز أي مشروع. وأضاف الخبير أنه بالتزامن مع الدستور سيتم موفى سنة 2012 الانتهاء من اعداد مشروع مجلة البيئة التي يشتغل عليها عدد من الخبراء وتقدموا في انجازها.
دراسة
وبين الدكتور توفيق رابح أنه تم انجاز دراسة انتهت إلى التأكيد على ضرورة الاهتمام بقانون البيئة وكشفت انه رغم وجود العديد من القوانين التي تجرم التجاوزات فإن هذه القوانين غير مطبقة ولم تطبق سابقا لعدة اعتبارات سياسية واجتماعية.. ولاحظ ان التجاوزات تضاعفت بعد الثورة خاصة ما يتعلق بالبناء الفوضوي وانتهاك الغابات وهو أمر مزعج ويتطلب على حد قوله انشاء خلية نجدة للحد منها. وفي نفس السياق أكدت الأستاذة سكينة بوراوي أن المشكل لا يكمن في نقص القوانين وغياب تجريم التجاوزات بل في التطبيق.. فأصحاب المؤسسات الملوثة يتجاوزون القوانين وإذا سلطت عليهم عقوبات يهدوون بغلق مصانعهم.. وفسرت أن القوانين وحدها لا تغير الوضع وأضافت أن الأمر يستدعي اقتناع المواطن نفسه بمعنى أن يعيش في محيط نظيف ويشرب ماء خاليا من المخاطر. وأضافت :»نحن نريد ان يكون قانون البيئة الجديد.. قانونا يحمي ويبني ولا يعاقب». ولإعداد هذه المجلة البيئية اعتبر أستاذ القانون وحيد الفرشيشي أنه من الضروري الاستلهام من التجارب المقارنة العربية والافريقية والاوربية وغيرها وبين أن مجلة البيئة الجديدة لن تلغي بقية القوانين.. وخلال النقاش استعرض المشاركون في اللقاء العديد من الاشكاليات المتصلة بالتصرف في الموارد الطبيعية والمناطق المحمية والساحلية.. وقالوا ان القوانين موجودة لكن هناك اشكاليات في التطبيق. وعبرت مامية البنة وزيرة البيئة عن الرغبة في دسترة الحق في بيئة سليمة وتكريس واجب حماية البيئة لكنها اعتبرت أن تضمين دستور تونس الجديد الحق في بيئة سليمة لا يكفي وحده لمعالجة الاشكاليات بل يجب ايجاد وسائل وطرق وآليات لتنفيذه ولهذا الغرض تم الشروع سنة 2010 في اعداد دراسة تمتد على ثلاث سنوات من اجل انجاز مجلة البيئة يشارك فيها عدد من الخبراء اعدوا تحليلا للنصوص القانونية الموجودة للوقوف على النقائص قصد تجاوزها.