أفادت أحلام بلحاج رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أن العنف الجنسي هو موضوع الساعة وهو يمثل مظهرا من مظاهر ذكورية بدائية تعتمد على امتلاك المرأة عنوة ودون رضاها وتملك جسد امرأة دون موافقتها وهي من أبشع مظاهر العنف. وذكرت أن العنف أنواع منه الجنسي والإغتصاب ومحاولة الاغتصاب والتحرش الجنسي والإجبار على الدعارة. وقالت إن ما نريد التأكيد عليه هو أن حالات الاغتصاب تهم الرضيعات من 2 إلى 3 سنوات إلى إمرأة مسنة عمرها يناهز 70 سنة وهي الخالة جليلة التي عاشت مأساة حقيقية.
وقبل أن تتحدث عن تجربة الجمعية عرجت على المسح الوطني الذي قام به الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري وشمل العنف الجنسي كموضوع مسكوت عنه وشمل المسح 3878 امرأة تونسية 15 فاصل 7 منهم تعرضن لنوع من أنواع العنف الجنسي وأغلبه بالوسط العائلي وقالت: «الجمعية رافقت العديد من النساء المعنفات لاسيما في ظل مجتمع لا يعترف به ويعتبره من المسكوت عنه». وأشارت إلى أن المؤسسة الأمنية غير مؤهلة ومهيأة لاستقبال النساء المعنفات وليست لديهم مقاربة حقوق الإنسان وفهم بسيكولوجيا المرأة المعنفة والمرأة ضحية الإغتصاب بالإضافة إلى وجود نقص في مراكز الرعاية الصحية للمرأة.
واعتبرت أن كل هذا يحدث في إطار مناخ سياسي يحاول فرض عقلية معينة وهناك ضغط من أطراف رجعية تساندها أطراف مؤسساتية. وتحدثت عن إيقاف بعض النساء بدعوى أنهن ترتدين لباسا غير محترم وأخرى تم إيقافها لمرافقة أجنبي وهذا ما يشرع للعنف وصرحت: «كجمعية طالبنا دوما باستراتيجية وطنية لمكافحة العنف لا تقتصر على وزارة المرأة فقط بل الوزارات الأخرى والأجهزة الأمنية». وختمت بأن الدولة التونسية لا بد ان تفعل كل الاتفاقيات التي صادقنا عليها.
شهادات لمعنفات
قدمت منية الورتاني أخصائية نفسية بخلية الإنصات بالجمعية شهادات لحالات تعرض للعنف الجنسي لجأوا للجمعية بعد تعرضهم للاغتصاب. وقالت انه وردت على الجمعية 100 حالة منها 28 امرأة راشدة و24 طفلا و11 حالة اغتصاب و3 حالات زنى المحارم و10 حالات تحرش جنسي وحالتا اغتصاب من الأب.
وأشارت إلى أن العنف الجنسي الزوجي يحتل تقريبا 90 بالمائة من الوافدات على مركزالإنصات والكثير من الزوجات بعد تعرضهن للإغتصاب يتعرضن إلى هجر الزوج لهن ومخاطبتهن بلغة :» لي صاحبة» أفضل منك بكثيرفيزداد حجم العنف لديها وتحتد نسبة تأثيراته.
وأفادت أن المسؤولين عن العنف هم إما من رجال الأمن أو من جار أو أشخاص غير معروفين أو عرف أو إبن العم وتتم محاولات الاغتصاب من قبل رجال الأمن أو الزوج أو العم الأب أو زوج الأم.
وأشارت إلى أن حالات العنف والإغتصاب عادة يتعرضن إلى صعوبات عديدة تبدأ من مركز الأمن الذي يرفض أن يحرر لها محضرا خاصة إذا كان عون أمن. وأوضحت أن المعنفة أحيانا تجوب عديد المراكز لتقديم شكوى فتجد نفس اللامبالاة بل أحيانا تتعرض للعنف من قبل أعوان لسحب الشكاية. وذكرت أن الفحص الطبي مرتبط بالتسخير من الشرطة حيث يمكن أن يضيع حقها بزوال آثار الإغتصاب مع الوقت.
وأشارت إلى العراقيل الأخرى المتمثلة في شرف العائلة وإمكانيات تدنيسه لو انكشف الأمر. وأفادت أن امرأة اتصلت بالجمعية وعبرت عن نية تقديم شكوى بعد 10 سنوات من التعرض للإغتصاب وأخرى اغتصبها عمها منذ 20 سنة فجاءت من فرنسا لتقديم شكوى. وأوضحت الأخصائية النفسية: «وهنا نتبين عمق التأثير النفسي للإغتصاب وعدم نسيانه ولو مر زمن طويل».
وقدمت أمثلة لحالات اغتصاب ومنها معينة منزلية اغتصبها صاحب المنزل فتقدمت بشكوى ضده وفي المقابل تقدمت زوجته بشكوى في الزنى فوجدت نفسها مخيرة إما بالتنازل عن القضية او تحمل تبعات قضية أخرى.
وبخصوص اغتصاب الأطفال قالت اصغر طفلة عمره 4 سنوات وأكبر طفلة عمره 17سنة. وأشارت إلى أن زنى المحارم يحتل أكبر نسبة لدى الأطفال ومن الأمثلة أن زوج أم لها بنتان عمد إلى اغتصاب الأولى أكثر من مرة مما أدى إلى حدوث حمل غير مرغوب فيه وإنجاب طفل ولم تستطع إخبار أمها بسبب الخوف ولم تتفطن هذه الأخيرة للأمر إلا بعد اغتصاب الثانية وعمرها 9 سنوات.
تنقيح القوانين
أفادت الأستاذة سعيدة قراش عضو الجمعية أن مجتمعنا يتعاطى مع حرية النساء وحقهن في تملك أجسادهن بصبغة تقليدية. وأشارت إلى وجود إخلالات في بعض القوانين كقانون التحرش الجنسي الذي يمكن الضحية من جهة من التتبع ولكنه في نفس الوقت يمكن أن يجعلها محل تتبع من أجل الإدعاء بالباطل في حال عدم ثبوت الشكوى.
وأضافت أن جريمة اغتصاب الفتاة القاصر تفضي إلى سقوط التتبع في حال الزواج مع إمكانية الطلاق بعد سنتين من الزواج. وأشارت «تصوروا فتاة قاصرا عمرها 15 سنة بعد سنتين من الزواج تجد نفسها مطلقة وأم لطفل وهي بمفردها مع ما تراكم لديها من اضطرابات نفسية كبيرة».