«أنام وما قلبي عن المجد نائم، وإن فؤادي بالمعالي هائم...» ذلك ما ينطبق على مدرب الترجي نبيل معلول الذي صال وجال كلاعب وكمدرب وأيضا كمحلل فني وتوج مسيرته ب 18 لقبا ومازال يطمح الى تحقيق المزيد. «الشروق» التقت أمس الأول نبيل معلول فكان لنا معه هذا الحوار المطول الذي يطمئن من خلاله أحباء بطل تونس وافريقيا على مستقبل ناديهم وتحدث معلول كذلك عن المباراة الصعبة التي تنتظر الترجي السبت القادم ضد «مازمبي» وغيرها من المواضيع الاخرى. في البداية لاحظنا أن الاندية العربية التي واجهت «مازمبي» وهي المريخ والزمالك والأهلي قد انهزمت في الكونغو، أما فريقكم فقد عاد بنتيجة التعادل السلبي، ومع ذلك فإن عدة أطراف أكّدت أنه كان بامكانكم مغالطة مازمبي في عقر داره، فما تعليقك على ذلك؟
أظن أن الترجي قدم مردودا رائعا في «لوبومباشي» وحققنا حسب اعتقادي نتيجة ايجابية إذ أنه من الصعب أن يفشل «مازمبي» في بلوغ شباك منافسه عندما يلعب على أرضه أمام جماهيره ولا ننسى الظروف التي عادة ما ترافق مقابلات الترجي مع الفريق الكونغولي.
لابد من الاعتراف أيضا بأن انهزام نادينا في نسخة 2010 بخماسية كاملة (لقاء الذهاب) كان مسيطرا على أذهان أبنائنا، وباختصار شديد أؤكد أننا درسنا منافسنا جيّدا ونجحنا الى حد كبير في الحد من خطورته. أما بالنسبة الى الآراء الصادرة عن الفنيين بخصوص المباراة فإنه ينبغي علينا احترام وجهات نظرهم وذلك بالرغم من تباينها.
تلقت شباك «مازمبي» في دور المجموعات ستة أهداف، ألا يؤكد هذا المؤشر قدرة الترجي الرياضي على الوصول الى شباك «كيديابا» في لقاء الاياب في ملعب رادس؟
ذلك ما نتمناه، إذ لاحظنا أن الفريق الكونغولي عادة ما يفشل في المحافظة على عذارة شباكه حيث تمكنت أندية الزمالك والأهلي وبشوم تشلسي الغاني من بلوغ شباكه، وبالنسبة الى فريقنا فإننا سنحاول الاستفادة من اللعب في رادس وأمام جماهيرنا لفرض سيطرتنا على ممثل الكونغو لكن لابد من الحذر من سلاح الهجومات المعاكسة التي يحذقها «مازمبي».
كيف يتعامل الترجي الرياضي مع «الحرب الباردة» التي يشنها الفريق الكونغولي، حيث طالب بتغيير حكم المباراة وفي المقابل أشاد «مويز كاتومبي» رئيس هذا الفريق بما يقوم به حمدي المدب في الترجي؟
أعتقد أن كل فريق يحاول حماية مصالح جمعيته وقد نجح مسؤولو هذا الفريق في اجبار لجنة التحكيم علىتغيير حكم اللقاء اللقاء وأريد أن أذكر الجماهير الرياضية في هذا السياق بالعلاقة الوطيدة بين السينغالي «بادارا سيني» (عضو لجنة التحكيم في ال «كاف») والمدرب السينغالي أيضا «لمازمبي» وهو لمين نداي ولا ننسى كذلك العلاقة الموجودة بين «بادارا سيني» ورئيس هذا الفريق ولكن بالرغم من كل هذه المعطيات فإن الترجي الرياضي سيحافظ على تركيزه ولن نهتم مطلقا بهذه الاشياء لأننا انشغلنا بها في نسخة 2010 من هذه المسابقة القارية مما جعلنا نخسر اللقب آنذاك.
الترجي سيسعى الى فرض سيطرته على منافسه فوق الميدان وذلك بغض النظر عن اسم الحكم الذي سيتولى إدارة هذه المقابلة.
تحدثنا عن الضعف الواضح في دفاع «الغربان» لكن في المقابل لم يكن دفاع الأصفر والأحمر أفضل حاليا حيث اهتزت شباك الحارس بن شريفية في عدة مناسبات في سباق البطولة منها ثلاثية ضد «البقلاوة» في الجولة الختامية، فما تعليقك على هذه النقطة؟
أؤكد اننا نرفض الحديث عن مدافعي فريقنا بصفة منعزلة عن بقية لاعبي الوسط والهجوم بحكم ان المهاجم في تشكيلة نادينا على غرار الكامروني «يانيك» يصبح المدافع رقم واحد عندما تصبح الكرة بحوزة المنافس كما اننا نستخدم مصطلح «المنظومة الدفاعية» اما بخصوص حكمي على أداء خطنا الخلفي فأعترف بأن بعض لاعبينا افتقروا أحيانا الى عنصر التركيز ولكن لا مجال للتشكيك في القيمة الفنية لمدافعينا وأؤكد ان الدفاع مهمة كل اللاعبين دون استثناء تماما كما هو الشأن بالنسبة الى الهجوم حيث ينبغي على كل اللاعبين المساهمة في نجاعة الخط الأمامي.
غياب اللاعب «سونزو» عن لقاء الإياب بسبب الإقصاء الذي تحصل عليه في الذهاب، هل سيستفيد منه الترجي أم أن احتجابه عن تشكيلة «مازمبي» غير مؤثر؟ هذا اللاعب يعتبر من العناصر المهمة جدا في تشكيلة «مازمبي» وخاصة من الناحية التكتيكية وأؤكد ان غيابه سيترك فراغا كبيرا جدّا في خط وسط الفريق المنافس ولا ننسى أن هذا اللاعب يساهم في بناء العمليات الهجومية لناديه.
هل تعتقد ان ما حصل لنجم فريقكم يوسف المساكني خلال الأيام الماضية في المنتخب سيؤثر على تركيز لاعبي الترجي ساعات قليلة قبل مواجهة «مازمبي»؟ أبدا، مع العلم أنني أرفض الخوض في هذا الموضوع لأنه يتضمن عدة معطيات قانونية بحتة ولكن بإمكاني القول إن مدرب المنتخب الوطني لم يحسن التعامل مع هذا الأمر إذ انتظرت أن يتولى الإطار الفني فض هذا الإشكال دون ان يعلم به المحيط الخارجي للمنتخب بما في ذلك الترجي ووسائل الاعلام بل وحتى رئيس الجامعة لأن هذه الحادثة جاءت في وقت حساس جدّا وكان ينبغي المحافظة على عنصر الاستقرار صلب المنتخب الذي كان يستعد لخوض مباراة مهمة ضد السيراليون. أؤكد ان مثل هذه الأشياء تحدث في كل الأندية والمنتخبات لكن الحكمة تكمن في كيفية التعامل معها.
لاحظنا ان علاقتكم مع المكتب الجامعي متميزة ولكنها في المقابل تتسم بالتوتر مع مدرب المنتخب الوطني، فلو توضح لنا هذا الأمر؟
نعم علاقتنا متميزة جدّا مع كل أعضاء الجامعة وفي مقدمتهم وديع الجريء وأظن أنها طيبة أيضا مع الاطار الفني للمنتخب ولكنني أرفض في المقابل مغالطة اي طرف فأنا متعود على الادلاء بمواقفي خاصة أن المنتخب الوطني يضم في صفوفه عدة عناصر من الترجي الرياضي على غرار التراوي والمولهي والهيشري ويوسف المساكني وبن شريفية وشمام.
رغم انشغالكم بمباراة الترجي ضد «مازمبي» لابدّ أنكم تفكرون ايضا في المنافس المحتمل في لقاء النهائي في صورة نجاحكم طبعا في إزاحة ممثل الكونغو؟ أعتقد ان الأهلي المصري قام بخطوة عملاقة على درب الترشح الى الدور النهائي بعد ان تعادل بنتيجة 33 في نيجيريا ضد «سان شاين» وشخصيا كنت قد أكدت في وقت سابق أنني كنت أتمنى مواجهة الفريق المصري في الدور نصف النهائي عوضا عن النهائي مثلما ما هو متوقع في النسخة الحالية وذلك لعدة اعتبارات موضوعية في مقدمتها الخطورة التي شكلها ممثل مصر كلما وصل الى الأدوار المتقدمة من هذه المسابقة القارية.
صرحت في وقت سابق بأن الترجي يعتبر الأفضل قاريا بل إنه حقق انجازات قد تضاهي تلك التي حققتها أندية عالمية مثل «البرصا» و«مانشستر يونايتد» و«الريال»، ألا تعتقد أنك بالغت بعض الشيء؟
أظنّ أنه من الصعب على أي فريق بلوغ القمة ومواصلة البقاء فيها كما فعل الترجي الرياضي وأؤكد أن الفريق لن يصبح أفضل فريق في القارة السمراء إلا بعد أن يتوج برابطة أبطال إفريقيا للمرة الثانية على التوالي.. أما بخصوص مقارنة الترجي بالأندية العالمية فقد عقدتها على أساس عدد الألقاب الموجودة في خزينة فريق باب سويقة الذي توج ب25 بطولة محلية أي أكثر من الفريق الانقليزي مانشستر يونايتد مثلا (19 بطولة محلية) أو كذلك «البرصا» (21 بطولة محلية).. وغيرها، كما أشير بكل تواضع الى أن الترجي فريق قوي على كل المستويات سواء على مستوى التتويجات أو كذلك التنظيم الاداري المحكم وأؤكد أنه من غير المنطقي، أن لا تقوم بعض الأطراف باحتساب لقب البطولة الذي أحرزه نادينا قبل حصول البلاد على استقلالها.
بعد أن تحصلت على 18 لقبا كلاعب وكمدرب وتوجت بلقب أفضل مدرب في المغرب العربي وأفضل مدرب عربي لعام 2011.. وغيرها من الألقاب الشخصية، هل مازلت تطمح الى إثراء خزينتك بألقاب جديدة؟
أؤكد أنه ليس من السهل على أي مدرب أن يحافظ على تركيزه وإبداء الرغبة نفسها في مواصلة المثابرة والاجتهاد والتصدي للانتقادات وكذلك التعامل مع الضغوطات المسلطة من قبل العديد من الأطراف لمواصلة حصد الألقاب.. أظن أن الأمر يتعلق بمدى عشق المدرب لمهنته فأنا شخصيا أخصص حوالي 16ساعة يوميا لإنجاح مهمتي في الترجي الرياضي وهي مناسبة لأؤكد للجميع أنني مازلت متعطشا للحصول على المزيد من الألقاب.
في سياق حديثنا عن الألقاب، تعتقد بعض الأطراف أنك «تنكّرت» لمشوارك مع الافريقي، فكيف تردّ على هذا الاتهام؟
أبدا فأنا أشعر بالفخر كلما تذكرت حصولي على لقبين مع فريق «باب الجديد» وعادة ما أتحدث عن هذين التتويجين.
في المقابل يبدو أنك تحتفظ ببعض الذكريات المريرة في مشوارك الرياضي وتحديدا قبل اندلاع الثورة؟
كل الأطراف تتذكر أن بعضهم رفع «الفيتو» في وجه نبيل معلول ولكنني تحلّيت بالكثير من الصّبر وتوجت بعدة ألقاب أثبت من خلالها للجميع الكفاءة العالية التي بحوزتي.
لو تطلعنا على مستقبلك مع الترجي وذلك بعد أن وصلتك عدة عروض خلال الفترة الماضية؟
سبق وأن أشرت الى أنني لن أدرّب في تونس الا الترجي وهذا القرار ليس من باب التعصّب مثلما يعتقد البعض ولكن لأنني أشعر بالراحة النفسية مع الترجي هذا دون اعتبار مسألة الانتماء طبعا.
تحدثت عن عدم تدريب الأندية ولكن ماذا لو تعلق الأمر بتدريب أحد المنتخبات؟
أظن أنه سابق لأوانه الحديث عن المستقبل.
توجت في السابق بلقب كأس افريقيا للأمم 2004 مع المنتخب كمساعد لروجي لومار، فما حكمك على مردود فريقنا الوطني في الوقت الراهن؟
لن أبالغ اذا قلت إن فريقنا الوطني قادر على الذهاب بعيدا في «كان» 2013 بل وبإمكانه العودة من جنوب افريقيا باللقب القاري وذلك شرط توفر بعض الأشياء وتحديدا توحيد الجهود والاستعداد الجيد للنهائيات الافريقية.
بعض الأطراف ومن بينها زميلك السابق في الترجي خالد بن يحيى أكدت أنك قمت ب «استنساخ» الأسلوب الذي كان يطبقه الفرنسي «روجي لومار» واتبعته مع الترجي، فما تعليقك على هذه المسألة؟
أظن أنه لم يتابع جيدا مقابلات الفريق الوطني اذ كيف يصدر عنه مثل هذا الكلام والحال ان المنتخب كان يطبق رسما تكتيكيا قوامه (4/3/1/2) في حين ان الترجي الرياضي يتبع حاليا خطة (4/2/3/1) فهل انه شاهد الترجي يلعب مثل المنتخب بمهاجمين مع التعويل على صانع ألعاب؟ انه حقا أمر مضحك...
تحدثت عدة أطراف عن تغيير جذري في «الخارطة» الكروية التونسية نتيجة الصعود الصاروخي للنادي البنزرتي والعودة القوية المنتظرة للافريقي والنجم الساحلي والنادي الصفاقسي فهل أنك في صف أصحاب هذا الموقف؟
أبدا، اعتقد انه لا وجود لخارطة جديدة وانما ستكرس الاندية التقليدية سيطرتها على الكرة التونسية وكل ما في الامر ان كل بطولات العالم تشهد بعد كل عشر سنوات تألق فريق ما ولكن سرعان ما يعود الوضع الى ما كان عليه.
ما تقييمك لما قدمه حمدي المدب للترجي الرياضي؟
تربطني بحمدي المدب علاقة صداقة متينة جدا تعود الى عدة سنوات وأظن ان المدب قدم الكثير للفريق اذ انه ليس من السهل قيادة الترجي الرياضي الى اعتلاء منصات التتويج وأتمنى شخصيا ان يواصل المشوار على رأس الترجي أطول فترة ممكنة.
ما هي الوصفة الأنسب ليواصل الترجي سيطرته محليا وقاريا خاصة وانه سيخسر مجهودات يوسف المساكني وربما كذلك «يانيك»؟
أكدت في السابق ان الترجي الرياضي سيفرض سيطرة متواصلة على الكرة الافريقية ولن يتأثر الفريق بخروج اي لاعب لأن الترجي هو الذي يصنع اللاعب وليس العكس وذلك حتى ان تعلق الأمر بلاعبين ممتازين مثل يوسف و«يانيك» او كذلك مايكل والدراجي كما حدث في السابق.
نترك لك كلمة الختام، فماذا تقول؟
أؤكد مجددا أننا سندخل لقاء «مازمبي» بأسبقية معنوية واضحة على أبناء «مويز» وأقول لجمهور الترجي إننا منحناه السعادة عندما توجنا بالبطولة وسنسعى الى فعل الامر نفسه عندما نرفع رابطة أبطال افريقيا خلال الأيام القادمة.. وأؤكد أيضا انه من المبكر الحديث عن مسألة خروجي حاليا من الترجي الرياضي.
