وماذا بعد عودة بعثة الجامعة العربية التي رأسها السفير أحمد بن حلي الى العراق؟ ماذا سيفعل العرب من خلال مؤسساتهم المشتركة باختلاف أنواعها ومستوياتها للتعامل مع المسألة العراقية؟ سؤالان مفتوحان وساخنان في اتجاه العجز العربي المستمر عن التعامل في الشأن العراقي بموقف موحد واستراتيجية واضحة سواء قبل أو بعد الاحتلال بما يؤكد أن المأزق لا يشمل فقط القوات الأمريكية وحلفاءها الذين خاضوا في مستنقع العراق ولكن أيضا «العالم العربي» الذي يقف عاجزا ازاء مخاطر جدية لأمنه القومي. السؤالان الساخنان تطرحهما «الشروق» على عدد من خبراء السياسة والاجتماع والإعلام والمجتمع المدني لايجاد صيغة مصالحة بين الدول العربية من جانب بحدّ أدنى من الخلافات بما يمهد لصفحة جديدة مع العراق... الدولة... والشعب! الدكتور محمد السيد سعيد نائب مدير مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الاهرام يدعو إلى تشكيل فريق أو مجموعة أزمات تحت مظلة الجامعة العربية لمتابعة الشأن العراقي بصفة مستمرة، بالاضافة الى اعداد التقارير اللازمة لذلك واجراء الاتصالات مع القوى العراقية المختلفة بصورة منتظمة بهدف تحقيق الرؤى المشتركة للعراق والعرب في نفس الوقت. احتمالات ويؤكد ضرورة أن تضع الجامعة العربية وتنفذ خطة مستقلة لإعادة اعمار العراق مشيرا الى أهمية تلك الخطوة في اشعار العراقيين بمختلف مستوياتهم أن هناك أخوة عربية صادقة، ويمكن أن يتم ذلك من خلال احدى الوكالات أو المنظمات العربية ذات الخبرة الدولية بحيث تشارك في عملية الإعمار باسم الدول العربية بواسطة الهلال الأحمر العربي، وقد يكون ذلك بداية لإنشاء وكالة اغاثة تابعة للجامعة. أما الدكتور مصطفى علوي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة فيدعو الى ضرورة التمييز بين ما يجب أن يكون وما هو ممكن بالفعل ونستطيع تنفيذه كدول عربية، ويشير الى أن هناك اختلافا «عربيا» حول التعامل مع واقع الاحتلال الأمريكي للعراق تحت اسم سلطة التحالف، كما أن الدول العربية نفسها غير قادرة أو بمعنى آخر ليست جاهزة للمشاركة في بناء العراق الجديد خصوصا اذا كانت تلك العملية ستتم وفقا للتصور والسيناريو الأمريكي بالنسبة للعراق. يتفق معه الدكتور محمد سعد أبو عامود أستاذ العلوم السياسية بجامعة حلوان ويقترح احياء وتفعيل المؤتمر الاقليمي الذي تم عقده في العاصمة السعودية الرياض خلال شهر سبتمبر الماضي، وذلك أن يتم تطوير مهامه بحيث يأخذ طابعا شبه مؤسسي ويقوم بعقد اجتماعات منتظمة دورية ربع سنوية بهدف التأثير على مجريات الأحداث في العراق وتبادل الرأي والمشورة حولها. دور محدود وفي المقابل يشير الدكتور علي محمد ليلة أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس الى أن نجاح التحركات العربية لاستعادة العراق الى الحظيرة العربية يرتبط بصورة أو أخرى بدرجة تعامله مع مجلس الحكم الانتقالي، ويدعو في هذا الاطار الى ضرورة اعلام المجلس بالشروط الانتقالية التي صاحبت الموافقة على تمثيله للعراق في مجلس الجامعة العربية، وأن استمرار صفة العضوية المؤقتة مرهون بجدية المجلس في الالتزام بها. ويؤكد الدكتور ليلة أن الجامعة هي المؤسسة العربية الوحيدة التي تستطيع العمل داخل العراق مشيرا الى أن مساحة الحركة أمامها تعد أكثر رحابة مما هو الحال مع الأنظمة السياسية وهو ما يتطلب العمل على اصلاح الجامعة لتفعيل دورها الاقليمي والدولي لتتمكن من أداء دورها بكفاءة وفاعلية. وعلى صعيد المجتمع المدني العربي يرصد الكاتب صلاح الدين حافظ الأمين العام لإتحاد الصحفيين العرب عددا من المعوقات أمام أي دور له، وتشمل هذه المعوقات وجود فجوة وجفوة بين العراقيين والشعوب العربية حيث يشعرون بأن الشعوب خذلتهم وتخلت عنهم لأكثر من مرة وأن هناك مسؤولية تقع عليهم في ما وصل اليه العراق في الوقت الراهن، بالاضافة الى ضعف المجتمع المدني العربي نفسه وكذلك ضعف المجتمع المدني العراقي. والأهم تلك القيود التي تفرضها سلطة الاحتلال الأمريكي على أنشطة منظمات المجتمع المدني غير العراقية وبصفة خاصة تلك التي تنتمي الى الدول العربية.