بعد مرور سنة على نشأة اتحاد القضاة الإداريين تم أمس افتتاح مقره بالمحكمة الادارية بالعاصمة المناسبة كانت فرصة لإستعراض ما تحقق... وما لم يتحقق. وبحضور الرئيسة الأولى للمحكمة الإدارية ورئيسة نقابة القضاة التونسيين روضة العبيدي وكافة قضاة المحكمة الادارية وبعض القضاة العدليين.
الاجواء كانت طيبة عند افتتاح المقر فقد تجمع جميع القضاة الإداريين وكان ل «الشروق» حوار مع الكاتب العام لاتحاد القضاة الاداريين القاضي عزالدين حمدان الذي حدثنا عن عدد من المسائل المتعلقة بإعادة هيكلة المنظومة القانونية التي تنظم المحكمة الإدارية وعلى الدور الحاسم للقضاء الإداري في المرحلة القادمة والخلافات الموجودة داخل المحكمة وانعكاساتها على مسألة استقلالية السلطة القضائية.
وفي هذا الاطار أفادنا القاضي عزالدين حمدان ان المبادئ التي يقوم عليها اتحاد القضاة الإداريين هي استقلال القضاء عموما وخاصة المحكمة الادارية مؤكدا على تمسّك الاتحاد بضرورة تفعيل المجلس التأسيسي للفصل 22 القانون المنظم للسلط العمومية والقانون عدد 6 لسنة 2011 المتعلق بإعادة هيكلة المجلس الأعلى للمحكمة الإدارية وكذلك هيكلة المنظومة القانونية التي تنظم القضاء الإداري.
دور حاسم
وأضاف الكاتب العام انه سيكون للقضاء الإداري دور حاسم في المرحلة القادمة باعتباره سيشرف على العملية الانتخابية وإن لم يتم تفعيل القوانين المذكورة فإن القضاء الإداري سيبقى بيد السلطة التنفيذية.
وصرّح محدثنا انه يجب فكّ ارتباط السلطة التنفيذية بالمحكمة الإدارية بهدف تأسيس سلطة قضائية مستقلة ومحايدة وتأسيس لدولة مدنية وديمقراطية.وفي اجابته عن سؤالنا المتعلق بالخلافات بين القضاة الإداريين وانعكاساتها على مسألة استقلالية السلطة القضائية أكد الكاتب العام ان اتحاد القضاة الإداريين يحاول تجاوز الخلافات والتصادمات مضيفا ان الخلاف موضوعي حول إعادة هيكلة المجلس الأعلى للقضاء الإداري والمنظومة القانونية التي تشرف عليه. وقد حاول الاتحاد تجاوز هذه الخلافات من خلال تقديمه لمشروع الى لجنة القضاء العدلي والإداري والمالي يعنى بمكانة المحكمة الادارية صلب الدستور مع اعطاء أكثر فاعلية ونجاعة للأحكام الصادرة عنها من خلال امتثال الإدارة لتنفيذ الأحكام... هذا ما أفاد به القاضي عزالدين حمدان الذي أشار الى أن الاتحاد تقدم بمشروع الى رئاسة الحكومة يتعلق بتركيبة المجلس الأعلى للقضاء الاداري الذي يجب ان يكون مجلسا تمثيليا وديمقراطيا.
خطأ
وأوضح القاضي عزالدين حمدان انه يجب إنارة الرأي العام وكذلك الهياكل والأطراف ذات الصلة بالشأن القضائي اذ ان تركيزهم على اصلاح القضاء العدلي دون سواه يعدّ خطأ جسيم لأن ذلك لا يحقق المطلب العام والأساسي للقضاة الا وهو اقامة سلطة قضائية مستقلة وليس سلك قضائي كما هو الحال.
وبخصوص انقسام القضاة الاداريين الى قضاة تابعين لهيكل النقابة وآخرين منتمين الى جمعية القضاة أجاب محدثنا أن «اتحاد القضاة الإداريين يؤمن بحرية التنظيم كمبدإ أساسي في وعينا وممارستنا وقد فتح يده منذ النشأة لكافة الهياكل للعمل على تكريس مشروع وطني ألا وهو تأسيس سلطة قضائية مستقلة وجدنا بعض التجاوب من زملائنا في النقابة ونفورا من هيكل جمعية القضاة... لكن هذا لا ينفي كوننا لازلنا ثابتين على نفس الموقف وكل من ينخرط معنا في هذا المشروع فهو مرحب به مهما كان الهيكل الذي ينتمي اليه».
من جهة أخرى أفاد القاضي عزالدين حمدان ان الاتحاد التزم بضرورة تأسيس سلطة قضائية مستقلة من خلال مكانتها في الدستور وإعادة هيكلة مجلس البعث وذلك من خلال الاصرار على أن الترشح لرئاسة المحكمة الإدارية والمجلس الأعلى للقضاء الإداري يكون عبر الانتخاب لكن الطرف الثاني لم تكن له نفس الرؤية من خلال تمسكه بضرورة ان تبقى المحكمة الإدارية تحت إشراف رئاسة الحكومة وبالتالي تبقى هذه المحكمة بيد التنفيذية.
«أريد أن أشير الى ان اتحاد القضاة الاداريين يعمل على وضع المصلحة العليا فوق كل اعتبار وهذا سيكون بالابتعاد عن التجاذبات السياسية التي تشهدها الساحة موضحا انه يجب أن يعلم الرأي العام انه لا مجال اليوم لاستعمال القضاة كورقة مساومة من أي طرف كان وهذه مسألة حاسمة ومبدئية بالنسبة للقضاة وللاتحاد».
حديثنا تطرق الى المحكمة الدستورية التي تتولى مراقبة القوانين ومدى دستوريتها وفي هذا السياق أكد محدثنا ان تركيبتها لا تبدو واضحة حاليا لكن كهيكل فهي لها دور كبير في ممارسة الرقابة على دستورية القوانين وبالتالي على مدى احترامها للحريات والحقوق والمنظومة التشريعية الدستورية متسائلا في هذا الصدد عن تركيبتها وهل ستكون عن طريق التعيين او الانتخاب: ومن هي الجهة التي ستتولى التعيين؟ هل سيكون بالتوافق بين السلطتين (التنفيذية والتشريعية) وهل يمكن الخشية من الولاء للجهة التي تولت التعيين؟
«عديدة هي الاشكاليات المطروحة» هذا ما أضافه القاضي عزالدين حمدان الذي فضّل التحفظ وعدم الاجابة عن مسألة قانونية الحركة القضائية التي تمت مؤخرا وخضعت لعدة تجاذبات باعتبار ان المحكمة الإدارية ستتولى النظر في الطعون المقدمة من بعض القضاة المشمولين بالحركة.