لقاءات عديدة جمعت بين رئيس الحكومة حمادي الجبالي ورئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية منذ أكتوبر الماضي، فتتالت الاجتماعات بين كلا الطرفين لمناقشة عديد المشاكل التي تهم رجال الأعمال خاصة. حاولت منظمة الأعراف أن تضع جسرا بينها وبين حكومة الجبالي منذ انتخابها ووعد وزراء هذه الحكومة ابتداء من سمير ديلو وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية وصولا الى رضا السعيدي وزير الشؤون الاجتماعية والاقتصادية ان يعالجوا ملف رجال الأعمال ولكن الى حدّ هذه اللحظة مازال هذا الملف محل نزاع بين الجميع. منذ صعود الحكومة الحالية للحكم اعتقد عدد كبير من رجال الأعمال أن ملفهم سيعالج داخل قبة رئاسة الحكومة ولكن سنة مرت ومئات منهم محجوزون بلا جوازات سفر غير قادرين على التحرّك بسبب اتهامهم بالكسب غير الشرعي وتجاوز القانون في مؤسساتهم الاقتصادية بالاضافة الى علاقاتهم بالنظام السابق وبعائلة أصهار بن علي.
خذلتهم
العدالة الانتقالية خذلت رجال الاقتصاد حين اعتبر ان اعتمادها سيخرجهم من عنق الزجاجة ولكن الوزارة المعنية لم تستطع معالجة هذا الملف ولعل تصريح راشد الغنوشي الأخير حين اعتبر ان سلطة الاشراف مازالت تتعلّم وهي حديثة وتحاول كسب تجربة جديدة من خلال دول العالم ولكن هل سيبقى الاقتصاد الوطني رهين هذه الوزارة؟ سمير ديلو وزير حقوق الانسان والعدالة الانتقالية اجتمع مع وداد بوشماوي وتناقشا حول رجال الاعمال الممنوعين من السفر ولكن بقيت الوعود ساكنة مقر الوزارة بباردو وتصريحات الطرفين لم تجسّد بعد على أرض الواقع.
رجال الأعمال تاهوا بين حي الخضراء وباردو وبين منظمة الأعراف ووزارة حقوق الانسان والعدالة الانتقالية ولم تستطع وعود الطرفين طمأنتهم على مستقبل مؤسساتهم الاقتصادية التي أنهكها حجر السفر من جهة وكثرة الاضرابات والوقفات الاحتجاجية من جهة أخرى مما أنجر عنه غلق المئات منها.
صيحات فزع
سنة مرت على الانتخابات الشرعية الفارطة لم تغيّر في مشهد الوضع المتأزم لرجال المال بتونس وهذا ما جعل عددا منهم يطلق صيحات فزع واستغاثة لتتحول بعدها الى تهديد بالانتحار واغلاق المؤسسات وتحويلها الى بلدان مجاورة كما فعل غيرهم، وهذا ما جعل منظمة الأعراف تتحرك في هذه الفترة لضمان الأمان والحماية لمنخرطيها. وداد بوشماوي رئيسة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وجدت نفسها بين مطرقة تجاهل الحكومة لهذا الملف الخطير وسندان اتهامات الأعراف لها بالتساهل مع المسؤولين في معالجة مشاكلهم وقضاياهم.
في الفترة الأخيرة سئمت منظمة الأعراف من تجاهل حكومة الجبالي لها في مناقشة الملف الاقتصادي وهذا ما جعلها تصدر بيانا في هذا الشأن رافضة هذه التهميش مؤكدة على دورها الهام في هذا المجال داعية الى مشاركتها في المشاورات التي تهم منخرطيها لأنها ممثلتهم الشرعية كنقابة أعراف.
انتخابات
لإضفاء شرعية على هياكلها تمكّنت منظمة الأعراف من القيام بانتخابات صلب مكوناتها، حيث تمّت هذه العملية في أكثر من 250 غرفة وطنية و1500 غرفة جهوية و15 جامعة وطنية و23 اتحادا جهويا، هذا بالاضافة الى سعيها الى تحديد موعد جديد لمؤتمرها الوطني الذي ستنبثق عنه هيئة جديدة رغم وجود عديد الصعاب داخل وخارج الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية.
أشرفت بوشماوي على عدد من انتخابات هذه الهياكل وخاصة منها الاتحادات الجهوية التي شهدت في عدد منها عديد المصاعب ومرّت بعضها بسلام في حين اشتدّت هذه الأزمة في الاتحاد الجهوي بصفاقس.
من جديد
رغم الهزات وحملات التشويه والاعتصامات والهجوم على مكتب وداد بوشماوي ورفع أكثر من 20 قضية ضد منظمة الأعراف إلا أن هذا الهيكل النقابي العريق استطاع أن يعود الى الساحة الوطنية ويلملم أوراقه من جديد ويفرض على الحكومة من جهة واتحاد الشغل من جهة أخرى التعامل الجدي معه في بعض المسائل التي تهم الأعراف في كل المجالات معتمدة أسلوب الحوار أحيانا والوعيد في بعض الحالات الأخرى وخاصة عندما يتعلق الأمر بالتهميش.