الطفولة عالم بأسره من حيث ما يعتمل فيها من بياض الاشياء.. البراءة.. الحلم.. الخيال.. ولقد قارب علماء النفس بين المبدع والطفل بالنظر الى قصوية اللحظة الابداعية.. ان صلة الكائن الانساني بالابداع تبدأ عادة من الطفولة التي تنطبع خلالها الافكار والقيم والجماليات ومن هنا كانت العلاقات الاولى بين الطفل وعوالم الالوان المدهشة.. «أهمية الفن تكمن في نقطتين رئيستين الأولى أهمية الفن والثانية لماذا أحرص على ذهاب أولادنا لورشة «سوا» يوم السبت.. بالنسبة الى النقطة الأولى أعتقد أن الأنشطة الفنية كانت من الأنشطة المحببة لنا جميعا عندما كنا أطفالا، مثل أبنائنا. كلنا نتذكر أيام الحضانة أو سنوات الابتدائية. بالنسبة للبعض، كان الرسم وسيلة للتعبير عن تصورهم للموضوعات التي تطلب المرسة رسمها: الحديقة، رحلة في النيل، عيد الأم، الخ. وبالنسبة لآخرين، كانت أسعد لحظاتهم هي حصة الموسيقى والغناء، أو التشكيل بالصلصال.. فالفن يساعدنا على تحمل أعباء الحياة ومصاعبها، وأوضح مثال على ذلك هو الموسيقى والأغاني، وهو وسيلة للتنفيس عن المشاعر في شكل جميل، ويشبع حاجة الطفل النفسية للشعور بالثقة والنجاح.. عندما كنا أطفالا، كنا نحب الحديث عن خبراتنا اليومية، وخصوصا لو كانت خبرات جميلة وجديدة(مثلما فعل أيمن امام في ورشة سوا، عندا أخذ يرسم عربة المترو مرارا وتكرارا لأنه أحب الذهاب بهذه المواصلات للورشة، أوعندا كان يرسم ويلون الأرقام التي تعلمها في المؤسسة».. هذا ما جاء على لسان راوية صادق الفنانة التشكيلية والمترجمة..
نعم هنا تكمن القيمة الاخرى للفنون بالنسبة للاطفال وعوالمهم فضلا على الأبعاد الثقافية الأولى والمشكلة لرؤاهم وهواجسهم المتسمة بالبراءة.. تلك البراءة الأولى. في هذا السياق يقول الطفل باديس يعيش بالرسم كحيز ابداعي وجمالي له التأثير الممكن في تشكيل السلوك والانتباه لممكنات التعبير الفني متحدثا عن ولعه بالالوان وبحلمه الكبير بأن يصبح في يوم من الأيام رساما ماهرا.. فهو المراوح بين القراءة والمطالعة والالوان باعتبار ما يمنحه الخيال للطفل من علاقة فيها الكثير من الحميمية في امتدادها الباذخ بين الكتابة والقراءة والرسم نحتا للخطى الاولى على درب الابتكار والابداع..
هذا طفل من أطفال تونس لم تشغله العودة المدرسية عن مواصلة تعلمه الرسم ضمن فضاء فن ولون باحد أحياء تونس وباشراف من صاحبة الفضاء الورشة الفنانة مبروكة برينصي التي عبرت من ناحيتها عن أهمية الرسم والفنون لدى الناشئة وأثر ذلك في نحت الشخصية والكيان..