قال الدكتور المنصف بن ابراهيم أخصائي في أمراض النساء والتوليد ورئيس الجمعية التونسية للصحة الانجابية ان زواج الفتاة في سن الطفولة «وأد» لها. وأضاف ردّا على تصريحات رئيس أحد الأحزاب التي ظهرت بعد الثورة وله كتلة بثمانية مقاعد في التأسيسي. استنكر بشدة الدعوة الى تزويج الفتيات في سن 13 سنة لأنها أولا خارجة عن سياق القوانين التي تحمي حقوق الطفولة. مع الإشارة الى أن بلادنا من أول البلدان التي دافعت عن حقوق الطفل خاصة صحيا مع العلم انه في الماضي كانت الحكومة تتحرى في مسائل الزواج المبكّر وكانت تشترط قرارا من المحكمة الذي يرتبط بدوره بقرار الخبير للتأكد من ان الفتاة قادرة على الزواج أم لا.
وقال: إنه رغم ذلك تم الترفيع في سن الزواج استجابة لطلب منظمة الأممالمتحدة ومؤتمر القاهرة للسكان والتنمية سنة 1974 وميثاق الاتحاد الدولي لتنظيم الأسرة IPPF سنة 2005 واعتبر ان الفتاة التي كانت تتزوّج في سن الطفولة كانت عبارة عن شخص يتعرض الى مجزرة ومحكوم عليها بالموت.
وقدّم تفسيرا علميا للمسألة قائلا: «الفتاة القاصر ليست لديها المؤهلات الجسدية للاتصال الجنسي الذي ينجرّ عنه عادة نزيف حاد ومضاعفات تصل الى تمزيق الأعضاء الحيوية لكيس التبوّل بما يجعلها تحمل عاهة مستديمة طيلة حياتها.
وأضاف انه في حال حدوث حمل غالبا ما يسقط الجنين بصفة تلقائية لأن الفتاة ليست لها المؤهلات الكافية لنموّه وإن حدث وتواصل الحمل فإن الولادة تكون عسيرة جدّا وتكون غالبا قيصرية أو تتعرض الفتاة الى نزيف ثم الى الوفاة مع وفاة الجنين. وفي حال العكس تتعرض الأم الى تمزّق أجهزة التبوّل والطمث.
الانعكاس النفسي
إضافة الى الانعكاسات الجسدية الوخيمة تعرض الدكتور بن ابراهيم الى الانعكاسات النفسية التي تعيشها الفتاة قائلا: «أولا تفارق الوسط العائلي والبيئي وتفقد اللعب وتنقطع عن الدراسة وتجد نفسها مسؤولة عن زوج وسجينة داخل المنزل لتلبية رغباته الحيوانية وتتحوّل بذلك الى خادمة وتصبح عرضة للضرب والتعنيف هذا ان لم تمت وهي صغيرة السن. كما لا ننسى أن الزواج بمن يفوقها في السن بأشواط كثيرة يتوفى قبلها ويتركها أرملة وهي لم تصل بعد مرحلة الزواج.
سيدا
وأكد رئيس جمعية الصحة الانجابية ان الفتاة القاصر تتعرض أكثر من غيرها للإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا وخاصة السيدا. وأوضح ان الذي يقبل على الزواج بقاصر عادة هو شخص له شهوات حيوانية لا يمكن ان يلبيها بامرأة واحدة والفتاة القاصر تتصف بضعف المناعة في مواجهة الأمراض الجرثومية لاسيما منها السيدا فتصبح عرضة لذلك بسهولة.
وخلص الى القول « بناء على ما تم ذكره فإن الزواج بقاصر هو عبارة عن «وأد» للفتاة الذي كان يقع في الجاهلية وقبل ظهور الاسلام وبالتالي هو اجرام يعاقب عليه القانون ويقاضى من أجله من يدعو لذلك».
احصائيات
وقدّم الدكتور بعض الارقام الدالة على الكوارث الصحية لتزويج القاصر حيث تصل نسبة وفيات لمن سنّهن أقل من 15 سنة بين 1500 و5500 وفاة على كل 100 ألف ولادة حيّة.
ولنا في تونس 45 حالة وفاة لأمهات على كل 100 ألف ولادة رغم أن القانون يمنع حق الزواج أقل من 18 سنة. وقال: «نحن ساعون الى التخفيض في هذه النسبة وصاحب الدعوة يريد ان يعود بنا الى الوراء». وأضاف انه في بعض البلدان العربية التي ليست لها امكانيات كافية يتراوح فيها الرقم بين 750 وألف على 100 ألف ولادة ولكن عندما نقارنها ببعض البلدان المتقدمة فإنه لا يفوق وفاة وحيدة على كل 100 ألف.
وختم بأن هذه الدعوة لو صدرت باسم الاسلام فهو بريء منهم ولو كانت لتلبية غريزة فهو اجرام يجب ان يعاقب عليه القانون. وأشار الى أن البنت في تونس اثبتت انها سبّاقة للعلم وذكية ونسبة نجاحاتها أكبر من الذكر. وطالب اعضاء المجلس التأسيسي ان يحرصوا على هذا الجانب لأن بنات اليوم هن أمهات الغد كما قال الشاعر حافظ ابراهيم «الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعبا طيّب الأعراق».