هل دخلت تونس تدريجيا في سياسة التقشف؟ سؤال يستحق الطرح بعدما روّج حول مشروع المالية لسنة 2013 حول الترفيع ب 25٪ من معلوم الجولان لكل أصناف العربات. والترفيع في الطابع الجبائي للسفر من 60 الى 100 دينار بالاضافة الى تقليص عدد المواد التي سيتم دعمها. ومعلوم ان مشروع الميزانية لا يمكن ان يدخل حيّز التنفيذ الا بعد ان يصادق عليه المجلس التأسيسي كما قد لا يلقى هذا المشروع القبول من المجلس. «الشروق» تحدثت الى أستاذ مختص في علم الاقتصاد عن هذا المشروع كما تحدثنا الى رئيس مرصد إيلاف لحماية المستهلك عن نفس الاجراءات.
ضرورة
في البداية ذكر الأستاذ فتحي النوري مختص في الاقتصاد ان الدعم المباشر وغير المباشر يكلّف ميزانية الدولة 5 ملايين دينار بالنسبة الى المحروقات و1200 دينار لبقية المواد على غرار الخبز والسميد والزيت... وهي كلفة باهظة مقارنة بميزانية دولة في حدود 23 مليار دينار.
ولاحظ ان ثقل نفقات الدولة وتخفيف عجز ميزانية الدولة الذي يناهز 400 مليار دينار وتقليص التداين في السوق العالمية يتطلب مراجعة سياسة الأسعار وتقليص الدعم للقرب من حقيقة الأسعار بالنسبة الى كل البضائع دون المساس بالمواد الأساسية كالخبز والسميد.. ودور الدولة هو اختيار السلة الملائمة لتقليص الدعم او إلغائه لبعض المواد.
لكن هل يمكن تطبيق هذه الاجراءات في ظل الظروف الحالية والاحتقان الذي يعيشه الشارع التونسي جراء الغلاء والبطالة. عن هذا السؤال أجاب المختص ان هناك وضعا اجتماعيا صعبا لكن لكل اصلاح كلفة اجتماعية وهناك تضحيات يمكن ان يقبلها المجتمع حسب درجة وعيه. لكن لابدّ من انقاذ البلاد ولا يوجد حل لذلك سوى تقليص مصاريف الدولة وهي آلية أفضل من تجميد الأجور او تقليص المشاريع في الجهات.
ولاحظ محدثنا ان تونس دخلت فعلا في مرحلة التقشف الخفيف عبر تحديد سقف لقروض الاستهلاك. والمواطن مدعو للتحكم في نسق استهلاكه «وشدّ الحزام» حتى يتمكن في السنوات القادمة من مواجهة كلفة الحياة.
سنة صعبة
لخّص رئيس مرصد إيلاف لحماية المستهلك ودافعي الضرائب ان سنة 2013 ستكون سنة صعبة اجتماعيا واقتصاديا خاصة ان شريكنا الأوروبي يعيش وضعية اقتصادية صعبة. ووصف الأستاذ عبد الجليل الظاهري مشروع قانون المالية لسنة 2013 وقانون مالية 2012 بانه كارثي يرتكز على تدعيم موارد الدولة الذاتية عبر الترفيع في الضرائب على غرار الترفيع في الطابع الجبائي الموظف على السفر.
ولاحظ ان السلطة لم تراع الظرف الاجتماعي المتردي المتمثل في غلاء المعيشة وانخرام القدرة الشرائية وحتى الزيادة في نحو 95٪ من الأجور في مختلف القطاعات التي لا تغطي سوى 0.8٪ من ارتفاع كلفة الحياة . كما ان هذه الزيادة في الأجور لم تعتمد مقاييس موضوعية ومساوية اذ تمت الزيادة ب 30 و70 دينارا لفئة من الموظفين وتصل الى ألف دينار لأطباء القطاع العام مما يعني انها زيادة ارتجالية وتقوم على الاسراع في تلبية المطالب الاجتماعية دون عمق.
وطالب المتحدث المستهلك بتعديل وتيرة استهلاكه والاقتصار على الشراءات الضرورية وطالب الحكومة بفتح قنوات الحوار البنّاء والجاد مع المنظمات الفاعلة لإيجاد الحلول السياسية والاقتصادية وبالتسريع في التفويت في الاملاك المصادرة بقيمة ربحية عالية والإسراع الفعلي بجرد الأموال المنهوبة بعيدا عن التوظيف السياسي وضخّ قيمتها في الاقتصاد الوطني لإنعاشه.