نظمت جريدة الشعب يوم 19 جويلية مائدة مستديرة حول المالية العمومية تحت اشراف الاخ سامي الطاهري الامين العام المساعد المسؤؤل عن قسم الاعلام والنشر ومدير جريدة الشعب وقد نشط هذه المائدة الاستاذ الجامعي سامي العوادي وحضرها الاستاذ الجامعي المنجي بوغزالة والاستاذ الجامعي محمد بن رمضان والسيد جمال بالحاج مدير عام صندوق الودائع والامانات والاخ الشاذلي البعزاوي كاتب عام الجامعة العامة للمالية والاستاذ الجامعي عمر بوبكري والسيد لطفي بن عيسى المدير بوزارة المالية. وأعتبر الأخ سامي الطاهري ان تناول موضوع المالية على غاية من الاهمية في هذا الظرف بالذات خاصة مع تقدم المفاوضات الإجتماعية وبين انه من الضروري شرح المفاهميم وتبسيط المعطيات الاقتصادية والمالية حتى يفهمها عموم الشعب والشغالين مع المحافظة على طابعها العلمي والجدي ودون السقوط في الشعبوية وابرز الاخ الطاهري ان الجريدة تسعى إلى ارساء تقليد الموائد المستديرة حتى تغذي محتواها بمضمون راق وعلمي ومبسط. تعريف سياسة المالية العمومية وعلاقتها بالسياسات الكلية (Macoréconomie) وضح الاستاذ منجي بوغزالة ان النقاش حول المالية العمومية يحيلنا الى الحديث عن انفاق الدولة بمستوياته المختلفة وعن حجم مواردها وبالتالي العجز الناتج عن الفرق بين الموارد والانفاق وطرق تمويل هذا العجز كما يجب التطرق ايضا الى توزيع الموارد وبين السيد جمال بالحاج ان سياسة المالية العمومية هي ايضا دور الميزانية في دعم التنمية مشيرا الى ان اكثر من 50٪ من الاستثمارات الاقتصادية هي استثمارات عمومية لذلك فإنّ ميزانية الدولة لها دور كبير وتأثير على النمو والتنمية. ووضح السيد جمال بالحاج انه من الممكن اختيار ميزانية متوازنة ولكنها لا تدفع النمو واستشهد لذلك على ميزانية الدولة في السابق التي كانت تحقق نتائج ايجابية من حيث التوازنات ولكنها سلبية من حيث تلبية انتظارات المواطنين. ومن اهداف الميزانية تحديد اولويات الدولة في الاستثمار وتوزيع الادوار ويمكن الملاحظة ان هناك رجوع قوي لدور الدولة في اطار ما يسمى «بأكثر دولة» (plus d'Etat) أي وجود دولة اكثر نجاعة وجودة ولاحظ السيد لطفي بن عسى انه لا يمكن تناول الميزانية بمعزل عن سياسات التنمية فهي تحدد في اطار خيارات مرتبطة بمنوال التنمية وبين انه لا يمكن طرح الموضوع بنفس الطريقة التي سادت لمدة عقود حيث كان الحرص على الحفاظ على التوازنات العامة بحصر عجز الميزانية أونسبة التداين في حدود معقولة دون الإكتراث بالتوازنات الحقيقية. وأوضح أن التقييم يتم في علاقة بالنتائج التي أدى أليها منوال التنمية المعتمد والذي انجر عنه شرخ عميق في المجتمع وانخرام صارخ في التوازنات بين الجهات. ولاحظ الاستاذ بوغزالة في هذا الاطار ان المفهوم العام للسياسة المالية العمومية يتعلق بتحديد الحجم والتوزيع والمفروض ان تخدم السياسة المالية العمومية اهداف التنمية غير انه وفي عدة حالات لا يوجد تناغم بين الاهداف والميزانية. ولاحظ الأخ سامي العوادي ان سياسة المالية العمومية هي تحديد الاهداف وهيكلة الموارد والنفقات وبين ايضا أن هده السياسة لم تكن تعكس نجاعة ميزانية الدولة فقد كانت الدولة تعتني بالواجهة من أجل تجميل صورتها دون ان تعتني بالتنمية. مصاريف الدعم ومسألة الاستهداف بين الاخ سامي العوادي ان مصاريف الدعم تحيلنا الى مسألة استهداف المستفيدين من الدعم وبعد الاخذ بعين الاعتبار قانون الميزانية التكميلية لسنة 2012 بلغت ميزانية الدولة 25,4 مليار دينار اي بزيادة 5 مليار دينار تقريبا عن السنة الفارطة وقد توزعت الميزانية بين نفقات التصرف التي بلغت 14,7 مليار دينار ونفقات التنمية التي بلغت 10.7 مليار دينار وبين الاخ العوادي ان جملة نفقات الدعم بلغت 3208 مليون دينار منها 1242 مليون دينار مخصصة لدعم المواد الاساسية و268 مليون دينار لدعم المحروقات. ورغم تغير الظرف السياسي فان الدعم مازال غير عادل وتساءل حول وجاهة سياسة دعم لا تميز بين اصحاب الأجور الدنيا وبين الاغنياء. وبين الاستاذ محمود بن رمضان ان ما تحدثت عنه الميزانية هو الدعم المباشر في حين ان هناك دعم غير مباشر يكون في شكل دعم المؤسسات العمومية وهو ما يضاعف حجم الدعم الموجود في الميزانية واشار بن رمضان الى ان الدراسة الجدية للدعم ستبين انه يمثل تقريبا الحجم الكامل لميزانية التنمية ووضح ان الاشكال يتمثل في كيفية تخفيض هذه المصاريف التي استفادت منها فئات ميسورة وليس الفئات الفقيرة فقط ولاحظ ان البلاد تشهد وضعا سياسيا معين فهناك انتخابات قريبة والحكام يقومون بسياسات قصيرة المدى وشعوبوية لتكسبهم الاصوات في الانتخابات وهو ما ادي الى ان الانفاق اصبح دون جدوى اقتصادية. كما رأى الاستاذ بن رمضان ان الانفاق او الدعم من اجل تحسين الانتاج او دعم الاستهلاك يمثلان نفس الاجراء من حيث الثقل على الميزانية بل وقد يزيد دعم الانتاج تعقيد الوضع الاقتصادي والاجتماعي. ولاحظ الاستاذ عمر بوبكري ان سياسة الدعم اصبحت تمثل استنزافا لامكانيات الدولة والمجموعة الوطنية فحجم الدعم كبير من ناحية وهو ليس موجها لمن يستحقه من ناحية اخرى واشار الى ان الدعم موزع دون تمييز بين من يحتاج ومن لا يحتاج لذلك لابد من سياسة الاستهداف لترشيد الاستعمال وللعدالة في الدعم. وبين السيد جمال بالحاج ان الدعم يعادل ميزانية التنمية وبين ان المشكل الحالي هو تواصل معالجة مشكل الدعم بنفس الطريقة القديمة اي استعماله كأداة سياسية لمعالجة المشاكل الاجتماعية ووضح السيد بالحاج ان الدعم مرتبط بسياسة الاجور فإذا ما كانت الاجور غير كافية فان الدولة مطالبة بدعم المواد الاساسية التي تمثل جزءا مهما من مصاريف المواطن ولاحظ ان سياسة الدعم لها دور في مستوى التضخم المالي وبالتالي تأثر على المؤشرات التي تعتمد عليها الدولة ودعا الى اصلاح نظام الدعم عبر استهداف دقيق للمستفيدين وبين ان سياسة الاستهداف انواع منها الدعم النقدي المباشر او الترفيع في الاجر الادنى الصناعي والاجر الادنى الفلاحي وهناك نوع اخر وهو تعدد الاسعار حسب المنطقة الجغرافية وهو امر غير ممكن وبين ان المشكل الذي يواجه الاستهداف في تونس ان اي اجراء يمكن ان يكون محل تلاعب والاجراء الوحيد هو تحديد المستهدفين بدقة منذ البداية لضمان عدم تغيير وجهة الدعم. وبين الاستاذ منجي بوغزالة ان الاشكاليات المطروحة كثيرة ومعقدة وأن مسألة دعم الاستهلاك تحيلنا على مسألة توزيع الميزانية وتصميمها وذكر انه من المفروض وجود عدة خيارات تعكس السياسات الاقتصادية الا انه لابد من الاختيار في اطار تشاوري ديمقراطي بعيدا عن التفرد بالرأي ولاحظ ان التخلي عن الدعم يمس مصالح المواطنين ويخلق مشكل اجتماعي اذا ما طبق بطريقة فجئية وبين ان الحل يكمن في تحرير الاسعار على ان يضمن كذلك تطور الاجرغير ان الامر يجب ان يتم بصفة تدريجية لانه لا يمكن لاي حكومة ان تقول بصفة فجئية انها لن تنفق على الدعم. ورأى السيد لطفي بن عيسى ان التعامل مع مسألة الدعم يتطلب ارادة سياسية قوية في اطار من الوفاق اذ لا مجال لاحادية الجانب ولاحظ ان الامر يتطلب تخطيطا لأن موضوع الدعم وثقله وانعكاساته على الاقتصاد مسألة ملحة ولابد النظر فيها دون تأجيل وبين ان وزير المالية الحالي انشغل منذ تسلمه الوزارة بموضوع الدعم ولكن الحقيقة السياسية للترويكا وضعت عديد الحواجز. وأشار الاخ سامي الطاهري الى ان القناعة متوفرة لدى الاتحاد لمراجعة سياسة الدعم نظرا لعدم استفادة الشغالين منه بالشكل المأمول وقد طرح الاتحاد فكرة مراجعة الدعم اما فكرة إلغاءه واللجوء الى حقيقة الاسعار والترفيع في الاجور بالتوازي مع ذلك فهي نوعا من الطوباوية ولاحظ ان الوضع الحالي لا يسمح بمراجعة الدعم خاصة مع تنامي التهريب والاحتكار وهو ما زاد في تعقيد الموضوع. ولاحظ الاخ سامي العوادي ان مسألة الدعم لا تعالج بصفة ساكنة غير ديناميكية، وان الحل يكمن في تعديل هيكلة الاقتصاد بحيث نفي بحاجاتنا من المواد المدعمة والمستوردة وبذلك يمكن الضغط على الاسعار واشار الى تراجع مجهود الدولة في عمليات التنقيب والبحث عن النفط قد يكون سببا في تراجع انتاجنا واضطرار الدولة الى دعم الواردات وكذلك الأمر بالنسبة للحبوب والزيوت وهي كلها منتوجات وطنية ووضح الاخ سامي العوادي ان منوال التنمية يشهد خللا هو ما يسبب عدم توازن العرض والطلب وضرورة اللجوء الى الاستيراد والدعم ولذلك لابد من منوال تنمية بعيد هيكلة الاقتصاد في اتجاه دعم انتاج المواد المدعمة ورفض الاخ العوادي اعتبار ان الواقع الحالي لا يمكن تحسينه فعلى المدى المتوسط والبعيد يمكن التغير وتعقيبا على هذا الرأي ذكر السيد جمال بالحاج ان تونس اختارت الاقتصاد المتفتح واننا بحاجة الى التعامل مع العالم لان انتاج عديد السلع محليا ارفع تكلفة من استيرادها ولاحظ في هذا المجال ان عديد الصناعات قد انقرضت بعد خيار الانفتاح وفي هذا الصدد رأي الاستاذ منجي بوغزالة ان تونس لا تحقق اكتفاءها في القمح الصلب في كل السنوات وانها عاجزة بامكانياتها وموارها على انتاج اكتفاءها الذاتي وهو ما يجعل تواصل التوريد قدرا. الجباية والانصاف الاجتماعي وضع الاخ سامي العوادي ان العلاقة بين الجباية والانصاف الاجتماعي هي من اوكد اهتمامات النقابيين وقد انجز الاتحاد دراسة حول الجباية سنة 2005 ولاحظ ان السياسة الجبائية عمقت الفوارق الاجتماعية وان الاجراء والمستهلكين يتحملون عبئا جبائيا كبيرا مبرزا ان السياسة الجبائية لها بعد سياسوي ولاحظ الاستاذ منجي بوغزالة ان العدالة الجبائية مرتبطة بالإدارة الجبائية التي يجب ان تسعى إلى أن يدفع الجميع. ولذلك فإن من المهم اصلاح الادارة لنخضع كل الناس إلى القانون وبين أن النظام الجبائي غير عادل وأكد على أهمية القطاع غير الرسمي (informel) إذ ان وزنه الاقتصادي مهم ولكنه لا يدفع الضرائب وبين الاستاذ بوغزالة ان الوضع الجبائي في تونس هو نتيجة مسار تراكمي وسيرورة شجعت الناس على عدم دفع الضرائب واكد في الصدد على ضرورة تعزيز الادارة واصلاحها ومنحها امكانيات مع احترام مبدأ المردودية ولاحظ ان الاعفاءات من اجل الاستثمار مسألة جديرة بالنظر وان تقوية الادارة هي الاسلوب الانسب. ولاحظ السيد جمال بالحاج ان النظام الجبائي يضم ثلاثة متدخلين وهم الإدارة والمشرع والمساهم واعتبر ان الجباية تساهم في النمو غير أنه يمكن تحقيق نتائج أفضل وذكر ان الاجير يدفع اكثر جباية وان صاحب رأس المال يدفع الاداء بشكل أقل، ولاحظ ان هناك تهرب ضريبي ولكن هناك ايضا نسبة كبيرة من الضرائب غير المدفوعة توظف في شكل اعادة استثمار وهو ما يجعل الدولة تتغاضى باعتبار ان هذه الاستثمارات تساهم في دفع التنمية والتشغيل وبين ان مواجهة التهرب الضريبي تكون عبر تقوية الادارة ومنحها الامكانيات. ولاحظ السيد لطفي بن عيسى ان هيكلة الموارد الجبائية تبين ان الموارد الذاتية تمثل 57٪ من مورد الدولة وهو ما يمثل دليلا على غياب العدل الاجتماعي. وبين انه من المفروض ان تكون الضريبة على الدخل هي المورد الرئيسي للدولة لانها تعتمد على الثروة ولاحظ ان هناك انحراف في عمل الادارة في السنوات الاخيرة وهو ما انتج عجزها عن جمع الجباية فوصل حجم التهرب الضريبي الى 700 مليار ولاحظ ان الادارة تعوض العجز بخرق النظام الجبائي وجعله غير محايد. وبين السيد لطفي بن عيسى ان مساهمة الاجراء في ميزانية الدولة بلغت 11٪ اي ما يعادل 2620 مليون دينار. وفي المقابل نجد 384 الف منخرط في النظام الجزافي (forfaitaire) وهو نظام مخصص لصغار المستغلين وان مساهمتهم السنوية تقدر ب 133 دينار فقط سنة 2009 ولاحظ ان المراجعة الأخيرة لهذا النظام والمتمثلة في الترفيع في سقف رقم المعاملات من 000 30 د الى 000 100 د مكن أعدادا كبيرة من المستغلين المتوسطين من تسوية وضعيتهم بعدما كانوا ملاحقين من قبل الإدارة باعتبار انتفاعهم بمزايا هذا النظام (خاصة المحاسبة المبسطة) عن غير وجه حق. وأنه لا يمكن تقييم مردود الإصلاح الأخير الا بعد بعض سنوات من التطبيق. ولاحظ ان هناك عديد الحلول والمقترحات المكرسة للعدالة الجبائية ومنها مراجعة جدول الضريبة على دخل الأشخاص الطبيعيين بإعفاء الشريحة السفلى من الضريبة وذلك الى حدود 000 5 د ومقابل ذلك احداث شريحتين جديدتين بالنسبة الى المداخيل المرتفعة بحيث تطبق نسبة 35٪ على المداخيل المتراوحة بين 000 50 د و 000 100 د ونسبة 40٪ على المداخيل المتراوحة بين 001 100 د و 000 200 د فيما تخضع المداخيل التي تفوق 000 200 د لنسبة 45٪ ولاحظ السيد جمال بالحاج ان وزارة المالية وضعت منظومة للتصريح عن بعد وأبرز ان 90٪من مداخيل الدولة تتآتي عبر هذه المنظومة وان الدولة تجني قرابة 600 مليون دينار شهريا. وفي اجابة عن سؤال الاخ سامي الطاهري عن وجود نصوص قانونية تجرم التهرب الضريبي اجاب السيد لطفي بن عيسي ان هناك تشريعات غير ان هناك تراخي كبير في تطبيق القوانين ولاحظ ان هناك مؤسسات ترفض الدفع واشار الى ان حمل هذه المؤسسات على دفع الضرائب مسؤولية الجميع من دولة ومجتمع مدني واشار الاستاذ محمود بن رمضان إلى ان الاعفاءات الضريبة ليس ناجعة فحجم الاعفاءات كبير وتأثيراتها ضعيفة وبين ان هذا هو الرأي الذي ذهب اليه صندوق النقد الدولي. ولاحظ الاستاذ عمر بوبكري ان المشاكل تكمن اساسا في الغش والتهرب الضريبي والجبائي ورأى ان المشكل يتجاوز التشريعات والادارة وهي مسألة اخلاقية ودعا الى ضرورة حملة وطنية لرفع الحس الوطني والحث على الدفع الجبائي ولاحظ انه آن الاوان لكي يدفع الذي تمتعوا بأموال المجموعة الوطنية ما عليهم من آداءات وان ينخرطوا الآن في دفع الجباية ودعم المجموعة الوطنية. الاستثمار العمومي بين الاستاذ محمود بن رمضان ان الميزانية التكميلية لسنة 2012 شهدت ارتفاع الاستثمار العمومي غير ان قدرة الادارة على الانجاز محل شك خاصة وان الترويكا تريد ان تحتل مراكز السلطة دون ان تهتم بانجاز المشاريع لذلك فإن نسبة الانجاز بلغت 9٪ فقط، ولاحظ الاخ سامي العوادي ان نفقات التنمية ارتفعت بحوالي 1200 مليون دينار وهناك مجهودات قامت بها الحكومة لتجنيد موارد ولاحظ ان نصف الميزانية التكميلية فقط مبرمج للتنمية وان برمجتها حصلت في مارس وها نحن في جويلية ولم يتحقق شيء يذكر كما لاحظ ان استراتيجيات التنمية الجهوية وضعت منذ اسابيع وهو ما يطرح التساؤل حول موعد تنفيذها واشار جمال بالحاج الى ان الاعداد للميزانية كلف وقتا لاستشارة الجهات وانتظار جوابها لذلك فان الانجاز تأخر في الانطلاق. ولاحظ ان انجاز المشاريع يتطلب اجراءات خاصة لذلك فإن نسق الانفاق يرتفع كثيرا خلال السداسي الثاني من كل سنة، ولاحظ الاخ سامي العوادي ان استراتيجيات التنمية الجهوية لم تحرج عن منطق البرامج الرئاسية فهي مشاريع غير هيكلية ولا تدفع التنمية. واشار الاستاذ منجي بوغزالة الى ان الاستثمار العمومي يمثل مسألة هامة على الصعيد الاقتصادي ولاحظ ضرورة اعادة النظرفي الاوليات بين الجهات وبالنسبة لنسق الانجاز فقد اعتبر ان الجميع يتحمل المسؤولية فالظروف والمناخ العام ساهما في تعطيل الانجاز من جهة وغياب الارادة السياسة لتحقيق المشاريع من جهة اخرى. المديونية العمومية أشار الاستاذ منجي بوغزالة إلى ان المديونية هي الحصيلة بين الانفاق والمداخيل ومن العادي ان تلتجئ الدولة الى المديونية والمشكل المطروح هو مستوى المديونية ويبدو ان الوضع الحالي يؤشر على تعقد الاوضاع خاصة مع تناقص الموارد في السنوات المقبلة ولاحظ الاستاذ بوعزالة ان الهام في مسألة المديونية هو التوازن وبين ان المديونية هي نتيجة لكل ما قيل سابقا من حجم الاستثمار والدعم والموارد الجبائية واستنتج ان المديونية العالية خطر وان غياب المديونية أمر غير ممكن وفي اجابة عن تساؤل الأخ سامي حول مدى مساهمة المديونية في دفع النمو الاقتصادي أشار بوغزالة الى ان السؤال المطروح هو هل ان الانفاق مقبول ومجدي ام لا فإذا ما قبل اجتماعيا فذلك يعني انه تداين مفيد. ولاحظ الاستاذ بوغزالة انه ليس من صالح اي بلد عدم خلاص الديون ولكن يجب في المقابل معرفة هيكلتها والاجهزة التي تشرف عليها. وذكر الاستاذ محمود بن رمضان ان التداين العمومي لم يرتفع في السابق الى هذه الدرجة التي يعرفها الاقتصاد التونسي حاليا حيث تمثل نسبة الدين العمومي قرابة 50٪ (نسبة الدين العمومي هي : الدين العمومي / الناتج الداخلي الاجمالي)، واشار الى ضرورة ان تكون مردودية الدين أعلى من الكلفة. وبين ان المديونية في تونس توجه نحو الإستهلاك وهو ما يجعلها غير مجدية وأشار ان تطور الطرف الاقتصادي جعل عملية التداين في المستقبل أصعب نظرا لتراجع الترقيم السيادي لتونس وبين ان هناك علاقة جدلية بين مديونية الدولة وميزانيتها. ولاحظ ان تراجع مخزون العملة الصعبة المعدة لتوريد إلى 94 يوما فقط يجعل الوضع حرجا. ووضح السيد جمال بالحاج ان المديونية ليست خيارا وانها مفروضة لنقص الموارد ولاحظ ان المديوينة معدة للاستثمار وليس للاستهلاك وبين ان التداين ضروري ولا يمثل مشكلا وان المشكل في كيفية إستعمال الدين وشرح ان اغلب الديون موجهة لمشاريع تنموية وذكر السيد بالحاج ان نسبة التداين بلغت 44,6٪ خلال سنة 2011 مقابل 40٪ سنة 2010 ويعود ذلك الى انخفاض الناتج الداخلي الإجمالي وتطور الدين. ولاحظ ان وصول الدين الى نسبة تتجاوز 60٪ يعد سلبيا وحظرا خاصة في الدول النامية التي لا تملك القدرة لتحمل الدين وبين ان ضعف قدرة تحمل الدين قد تؤدي النتائج سلبية. وفي المستوى التونسي وضحّ بالحاح ان هناك مخاطر انحراف سيؤدي الى قرب نسبة الدين من حاجز ال 50٪ ولاحظ ان دراسة اعدها صندوق النقد الدولي أبرزت ان مختلف السيناريوهات الممكنة ستؤدي إلى ضعف الاقتصاد التونسي غير ان اسوأ سيناريو ممكن هو ارتفاع نسبة الفائدة العالمية ونقص السيولة وتجمع كل العوامل الاخرى ضدنا فإن المديونية ستستقر في حدود 55٪ وتكون بذلك في حدود الديون المحتملة. وفي مجال خلاص الديون ذكر السيد بالحاج انه لا يمكن الحديث عن عدم الخلاص لأن البلد هو الذي اختار الدين ولم يفرضه عليه احد وعدم خلاص الديون سيؤثر في وضع تونس المالي العالمي ولن نجد مستقبلا من يقرضنا.