أعلن والي سوسة مخلص الجمل في لقاء إعلامي تشكيل لجنة فنية لتحديد الأراضي الدولية في خطوة أولى لاحتواء ما بات يُعرف بالقضية العقارية بين معتمديتي مساكن وسيدي الهاني التي سببت حالة من الاحتقان بين الأهالي. وقد بلغ الأمر حدّ قطع الطرق والتهديد بالعصيان المدني. هذه القضية التي تتمحور حول ملكية أراض فلاحية شكلت ولاتزال وعلى امتداد أشهر محور نزاع بين بعض من أهالي المعتمديتين ووصلت فيها الاحتجاجات حد العنف وقطع الطرق وتصاعدت فيها مؤخرا حالة الاحتقان بين الطرفين في ظل تضارب الأسباب.
وقد عقد والي سوسة يوم السبت الماضي لقاءا إعلاميا أوضح فيه تفاصيل هذا النزاع وتداعياته وموقف السلط منه.
بداية الحل؟
ويترأس الوالي هذه اللجنة المتركبة أيضا من ممثل عن المكلف العام بنزاعات الدولة وقاض ممثل للمحكمة العقارية والمدير الجهوي لأملاك الدولة وممثل عن المندوبية الجهوية للفلاحة وممثل عن الإدارة الجهوية للملكية العقارية إضافة إلى ممثل ديوان قيس الأراضي ورسم الخرائط.
وقد انتقل أول أمس ثلاثون فنيا صحبة عدد كبير من العمال لتحديد المساحات التابعة للدولة على أن تُعقد في وقت لاحق جلسات أخرى مع مختلف الأطراف لتقريب وجهات النظر وطرح حلول توافقية.
وقد تبين للوالي من خلال زياراته الميدانية إلى الجهة أنّ كثيرا من اللبس يحوم حول القضية حيث أنّ جانبا مهما من الأراضي المتنازع عليها هي في الأصل على ملك الدولة ومن ثمة فإنّ الخطوة الأولى الضرورية هي تحديد الأراضي الراجعة بالنظر إلى ملك الدولة قبل حسم الخلاف.
وأشار الوالي إلى «التوظيف السياسي» لهذه القضية وإلى تأكيدات تقارير إعلامية أنّ هناك أطرافا من أحزاب ونقابيين تحرَض الأهالي وتقف وراء تصاعد حالة الاحتقان الحاصلة.
وأكد الوالي في هذا السياق «هناك العديد من المغالطات في الموضوع ونعرف الأطراف المحرضة بالاسم ولكن لا نروم التصعيد وسنسعى إلى إيجاد الحل المناسب بصفة مباشرة حتى نجهض كل المزايدات والتحريضات وهي الطريقة الأسلم فنحن لا نلعب دور القضاء ولكن سنعمل على الصلح بين الطرفين».
أصل النزاع
ويعتبر أهالي سيدي الهاني أن هذه الأراضي استولت عليها بعض العائلات النافذة من معتمدية مساكن بطرق غير شرعية في العهد البائد واستخرجت بفضل علاقات شخصية شهادات ملكية بغير وجه حق، فيما اعتبر أهالي مساكن أن ملكيتهم لتلك الأراضي شرعية ترجع إلى زمن بعيد وأن أهالي سيدي الهاني استغلوا حالة الفراغ إبان الثورة للاستيلاء على تلك الأراضي على حد تعبيرهم. وعرّج الوالي على هذين الرأيين الرائجين مؤكدا أن الحل يبقى قضائيا بالأساس مستدلا بموقف وزير العدل نور الدين البحيري خلال زيارته الأخيرة إلى سوسة حيث اعتبر أن «القضاء لا يمكن أن يفتك أرضا لمن له شهادة ملكية تثبت ذلك».
وقال الوالي إنه «لا يمكن الطعن في شهادات الملكية والأمر الآن موكول إلى وزارة حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية ونحن نريد حلولا جذرية ومرحلية وسنسعى في نفس الوقت إلى إيجاد حلول توافقية خاصة أن هناك تفهما من الطرفين وقابلية لإيجاد حل توافقي وهذا ما لمسته عندما تحدثت معهما حتى أنهما يقران بالجانب الوجداني الذي يجمعهم بحكم حالة الجوار التي تجمعهما على الأقل».