تبعد قرية هنشير البقر التابعة إلى عمادة القرين من معتمدية العيون حوالي 45 كيلومترا عن مركز ولاية القصرين تحيط بها الجبال وغابات الصنوبر الحلبي والهضاب وهي مقومات محفّزة للتنمية ولكنها ليست كذلك بالنسبة إلى هذه المنطقة كان عليك أن تقطع حوالي 30 كيلومترا لتصل إلى منطقة خمودة في ظروف يمكن وصفها بالجيدة ومن هناك تنطلق المأساة وتشتم رائحة التهميش والاهمال طريق كلها حفر وأتربة بيضاء تتناثر من حواليك كانت بها أشغال للتعبيد وهي طريق لا تصلح حتى لمشي الدواب فما بالك بالسيارات وهي طريق انطلقت فيها الاشغال وتوقفت –نظرا لعدم تحصل المقاول على حقوقه المادية – حسب ما صرح به السيد عبد الرقيب خضراوي – واضاف ان هناك مقاولا آخر سينطلق في الاشغال ويواصلها . بعد حوالي 12 كيلومترا تصدم بواقع آخر مرير انها الطريق الجبلية الرابطة بين الفرايجية وهنشير البقر على طول 3 كيلومترات يصعب عبورها مما يعزل سكان المنطقة الذين يبلغ تعدادهم حوالي 5 آلاف ساكن . « لم يزرنا اي مسؤول منذ بورقيبة وكأننا لسنا تونسيين» هذا ما صرح به السيد محمد بن عبد الحفيظ خضراوي الذي بدا في حالة غضب شديد والذي لاحظ أن منطقتهم رغم مقوماتها الفلاحية الكبيرة جدا الا ان أهاليها يعانون الفقر والخصاصة نتيجة تجاهل السلطات المعنية لهم فلا قروض يتمتع بها هؤلاء ولا مساعدات سواء في عهدي بورقيبة أوبن علي اوحتى بعد الثورة بل ان المساعدات توزع اليوم حسب الولاءات الحزبية حسب عم محمد وحتى الجمعية التنموية التي بعثها الاهالي – جمعية هنشير البقر دوار المعايزية – والتي يترأسها محدثنا محاولة منهم للخروج بالمنطقة من بوتقة الفقر والحرمان لم تلق الدعم من الجهات المختصة بل طلب منهم الانخراط في حزب كبير كشرط للحصول على مساعدات والحال ان هؤلاء الاهالي مستقلون ولا يريدون الانتماء إلى اي حزب والسياسة لا تعنيهم أصلا بل ما يعنيهم هوتوفير لقمة العيش لأبنائهم وعائلاتهم والتعليم الجيد لأبنائهم حسب ما صرح به السيد منصف خضراوي وكذلك الشيخ المسن ابراهيم خضراوي وزوجته المقعدة والذي وجدناه امام منزله يناجي السماء يعاني من الوحدة والاهمال وهم يطالبون الولاية بتوفير الدعم لجمعيتهم الفتية حتى تقوم بدورها على احسن وجه وكذلك يوجهون نداء إلى أصحاب القلوب الطيبة والخيرة إلى التبرع لفائدة هذه الجمعية ، السيد عبد الرقيب أشار إلى مشكلة الوادين اللذين يهددان المنطقة بالفيضانات وانجراف التربة وقت تهاطل الامطار خاصة. حتى ان أحد هذين الوادين زحف على الطريق التي يستعملها الاهالي وهويطالب بإقامة سدود عليهما أما السيد هشام خضراوي فقد أشار إلى تفاقم ظاهرة النزوح إلى المدن المجاورة والعاصمة والساحل نتيجة فقدان مقومات الحياة في مسقط رأسهم ونتيجة غياب التشجيعات على الاستقرار وخدمة الارض فهم لا يطالبون بالتشغيل بل بالمساعدات عن طريق القروض لخدمة الارض وتوفير التشغيل لغيرهم أما السيد محمد الشافعي الخضراوي فقد تطرق إلى مسألة المستوصف الذي تكفل الاهالي بجزء من بنايته ولكنهم عجزوا عن اكماله نتيجة انعدام الموارد المالية لديهم ورغم اتصالهم بالإدارة الجهوية للصحة ووزارة الاشراف الا ان المستوصف ظل كما هو ولم تستكمل عملية بنائه والاهالي في حاجة ماسة إلى الخدمات الصحية نظرا لبعدهم عن مقر الولاية وعزلتهم في قلب الجبل كما أشار إلى غياب سور للمدرسة يحمي التلميذ والمعلم على حد سواء من اعتداءات المنحرفين ومن الزواحف والحيوانات ووجه لومه إلى معتمد العيون الذي لم يزرهم منذ توليه مهامه كما أشار إلى عدم تمتعهم بمساعدات المساكن الاجتماعية حيث كان نصيب المنطقة مسكنين فقط والحال ان هناك من يستحق ذلك ولم يتحصل وأشار إلى مسألة أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل ودعا إلى ضرورة ايجاد حل لهم لانهم تكبدوا مشاق السفر إلى ولايات اخرى للنهل من منابع العلم ليشتغلوا لكن في النهاية بقوا دون عمل يحفظ كرامتهم ، هذا وتعتبر منطقة هنشير البقر منطقة فلاحية بامتياز تتمتع بتربة جيدة ومناخ ملائم للنشاط الزراعي والغراسات المختلفة وهي مقومات تستطيع تحويلها إلى جنة فوق الارض لوتوفرت الامكانيات المادية والسلطات مدعوة إلى الانتباه إلى هذه الثروات واستغلالها الاستغلال الحسن وهذا لن يكون الا بتوفر ارادة سياسية جادة بعيدا عن حسابات الانتماء السياسي والحزبي.