«في القصرين في الثقافة عندك ما تحكي...» بهذه الجملة احتضنت ساحة الشهداء بمدينة القصرين مؤخرا افتتاح معرض الكتاب في دورته السنوية الثالثة من خلال الجولة الاعلامية التي قمنا بها داخل المعرض والذي تضمن بدوره 04 خيام على شكل ألف ليلة وليلة. أشرف على الافتتاح السيد المندوب الجهوي للثقافة بالقصرين مع جملة من أمناء المكتبات العمومية ومديري دور الثقافة وحاورناه في مسائل شتى وان اختلفت من حيث طريقة الأسئلة فانها تلتقي حول مستقبل الكتاب من حيث التعريف به، الترويج له، وكذلك توزيعه فخرجنا بالاستنتاجات التالية وهي أن ما يميز هذا المعرض جودته من خلال وجود عناوين منعت سابقا كما غطت الاصدارات الجديدة تقريبا كل المساحة المخصصة للعرض، اضافة إلى أن نسبة التخفيض في الأسعار من 20 بالمائة إلى 60 بالمائة وهو تقريبا تخفيضا يزيد من اقبال القراء كما لاحظنا وجود كل الفئات الاجتماعية داخل المعرض من أطفال وأولياء وشباب وفئة مثقفة وهو ما يكشف أن المواطن في خضم التجاذبات السياسية لا يتنفس فقط سياسة بل في ثقافة أيضا له اهتماماته فهل تحولت مدينة القصرين إلى مركز ثقافي تلتقي فيه كل المستويات؟ في مستوى متقدم من تغطيتنا التقينا بأحد الباعة ويدعى صابر منصوري وهو ممثل عن أهم الموزعين التونسيين وقد أفادنا بأن أهم الاصدارات هي سياسية صادرة عن مؤلفين تونسيين اشتغلوا السياسة أكثر من أي مجال آخر لأن ما يميز بلادنا في هذه الفترة هي التجاذبات السياسية لذلك كانت الاصدارات تواكب تطلعات القراء كما أفادنا محدثنا أن المعرض غني بأهم العناوين التي كانت مصادرة في الماضي منها مؤلفات دينية أمثال مؤلفات محمد المتولي الشعراوي ك«أحداث النهاية» و«الدار الآخرة». وكذلك مؤلفات محمد الصالح بن بازي وله من المؤلفات «فتاوى مهمة» و«الرقية الشرعية» هذه مؤلفات كان المواطن التونسي محروم من قراءتها أما الكتب الأدبية فهي من اصدارات توفيق بن بريك, أحلام مستغانمي, كما لم تغب مؤلفات الرئيس محمد المنصف المرزوقي عن المعرض وحسب ما أفادنا به محدثنا أن الكتاب لم يعد مقيدا ولا يخضع لأية رقابة سياسية فهو يعيش حرية مطلقة.. أما درجة الاقبال على المعرض فالسيد صابر منصوري لا يقدر على تقييمها في اليوم الأول من افتتاح المعرض...وبخصوص حجم الاصدارات فيقدر ب25 ألف عنوان وستصل في الأيام المقبلة إلى حوالي 10 آلاف عنوان وبالتالي يصبح الحجم الجملي يساوي ال35 ألف عنوان هذا وان دل على شيء فهو يدل على أن الكتاب يعيش مرحلة جديدة بعد الثورة التونسية بمعنى دقيق فالثورة أعطت دفعة كبيرة لعجلة الانتاج الأدبي والتحصيل الفكري وما ساعد على نمو الاصدارات أن الكتب التي وقعت مصادرتها سابقا قد ساعدت على انماء الانتاج الفكري من ناحية أولى ومن ناحية ثانية ما نلاحظه أن المثقف التونسي بعد الثورة مقبل على القراءة والكتابة بشكل لم يسبق له مثيل في تاريخ بلادنا كما انتقلنا في جولتنا الاعلامية للحديث مع السيد عبد الباسط رحيمي وهو من زوار هذا المعرض ويشتغل أخصائي معلومات بولاية القصرين فكان حديثه عن تنوع الاصدارات اذ تراوحت من كتب ما فبل الدراسة إلى كتب تثقيفية, دينية, علمية لدى الناشئة والكهول أما أوعية المعلومات الموجهة للأطفال خاصة فهي في شكل مفاجآت ولعب والكتب التي تمخضت عن الثورة هي كتب متنوعة متقنة في أوعيتها ويرى أن أسعارها مقبولة وهي في المتناول فيما أفادتنا المواطنة يثرب التليلي وهي أيضا من زوار المعرض أنها أعجبت بالاصدارات الجديدة وأردفت قائلة أنها تلبي حاجيات القراء في السياسة,في العلوم الصحيحة، في الأدب والشعر وأما في الدين فهي كتب تجسد الواقع وعبرت عن فرحتها حيث وجدت ضالتها من المنشورات الجديدة والتي كانت مصادرة في الماضي وقالت إن هناك تثقيف ديني فنحن نجد أنفسنا مسلمين بالفطرة عكس بعض الدول الأخرى أما في مجال الأطفال فقد قالت أنه لا يوجد اصدارات جديدة فهي تقريبا تم عرضها في العام الماضي...كما لاحظنا نادي كورال للأطفال داخل المعرض وهو ما يعبر عن فرحتهم بين أروقة الكتب، إلى هذا المستوى من التحليل لما تم التعرف عليه في المعرض تبين لنا أن الكتاب رغم الانتكاسة التي يعيشها نتيجة منافسة الأوعية الرقمية من جهة ونتيجة المصادرات التي تعرضت لها بعض المنشورات في العهد السابق أنه يعيش ميلادا جديدا من حيث عجلة الانتاج الأدبي والتحصيل الفكري وكذلك من حيث الاقبال على اقتنائه اقتناعا بأنه رغم التطورات التكنولوجية يظل وعاء ومرجعا ذو محتوى هادف يقدم للقارئ أسلوبا يتناول قضايا ذات معنى وأهمية فيها الاضافة كما لا تخلو من بعد ترفيهي يبحث عنه القراء عموما بين صفحات الكتب كما نرى أن المثقف التونسي بعد الثورة مقبل على القراءة والكتابة بشكل غير معهود في تاريخ بلادنا هذا وان أحالنا على شيء فهو عموما يحيلنا عن أن العوائق التي تحول دون قراءة واعية ولأي مصدر كان قد ولّت وانقضت.