أخي إن شحّت الأيام وانقرض الشعاع وتمطّط الدرب الطويل وجفّ صدري واليراع وتسلّقت عيناي موج البحر، يغريها الرحيل مع انعتاق المدّ تبحث عن شراع وتساءلت آهاتي الحبلى بوجد أزليّ تمّحي فيه المسافات تطل الروح بعد المحو من شرفات فجر الصحو تهتف هذه مدينتي تبرجت في لحظة الوداع قلاعها من حجب الرعب، درو بها غسق توحّد فيه الكتم والبوح بسرّ الحب منذ آلاف السنين لا تزال تجثم في واحاتها الأعاصير احتراقا، غارقا في برك الرهبة والإذلال، يختنق الصبح على قبابها، وفي دجاها يوؤد الأطفال، وفي بحار الشك يا مرهقتي وكبت زورق اليقين جدّفت برئتيا، حملت يا قاتلتي ما أشفقت من حمله الجبال تبصقني الامواج يا عشيقتي لكنني وصلت وصلت مشدودا على الحبال والوقت كان ساعة الحشر ولحظة الزوال وكنت في متاهات الدروب لا أزال أبحث عن زوال من أجهضوا بغداد، أو صدوا الأبواب احكموا الأقفال وحين جاء إخوة الجبّ على قميصي بالدم الكذب طوّفت في صحارى القحط ضمآنا رأيتها في الحلم تحتجب خلف حديث الإفك والرّيب شامخة في حلل الدخان واللهب وصوتها رجع صدى يناديني: يا فالق اليقين اصباحا على بوّابة الحقب، أنظر الى القلب بعين القلب واقنت واقترب وفي العمى المطلق أطلق مقلة القلب الضريرة تبحر في محيطات الليالي السود، عساك تلامس الرؤيا على شواطئ البصيره، ها أنذا حبيبتي... أشرب خمرة ما عرفت قبل عصرتها من وهج الكشف على مرافئ الرؤى حيث يجيء البدء من رحم النهايات ولادة عسيرة وحينما سكرت... وامتزج السكر بذات الرّب في رؤاي أحسست ان الكون كله سواي وأنّ دورة الأفلاك من خطاي وانفطرت مواجيدي وعانقت بلواي وشربت عصارة اللذّة من بواطن الحريق وكشفت للسالك الرؤيا معالم الطريق عُدت مع العصاة أدفع بابها المهترئ العتيق أبحث في الظلام أبحث عن أوتاد خيمة، خبّأها صلاح الدين في طور سيناء وفي فلاة الشّام ها أنذا الآن حبيبتي... آت اليهم بانهمار الدفء في عصر جليديّ تفرّد فيه رب الرعب بالسطو المقنّع يسلب الاطفال أنفاس الحياة آت اليهم بشذى البارود من ربى الموصل بارتطام للمجرات على ذرى كركوك بفلوجة الاصرار تلتحف السماء دما وتنتعل الثبات وبكل ما هو حاضر فيها وآت، وعلى امتداد الجرح جاء المدّ من بعقوبة الأنصار قوميّ السّمات، على صلب العدا عات، فلا تسل الرّواة عن كيف تبتلع البوارج كيف تعتقل البحار وكيف يختنق الغزاة واذا سألت عن الذي لم تبتدعه المعجزات فالسّر في الأنبار يعرفه الرّماة آت... وفي كفّي ألواح من الطين المخضب بالدماء، نقشت عليها أغنيات تسبّح الكلمات فيها باسم عشقك يا عراق، فولّ وجهك شطر دجلة واستعذ بالنّاسفات واصدع بإعلان القيامة واتل فاتحة الصلاة الله أكبر باسم بغداد التي جاءت بإيقاع النفير تعيد خلق الكائنات إله الحرب يوؤد تحت نعلك يا فرات