قال الشيخ البشير بن حسين خلال محاضرة ألقاها مؤخرا بقصر قرطاج إن الدعوة السلفية هي في الأصل دعوة تسامح ورحمة لا دعوة تناحر وتقاتل وإنه ليس كل من قال أنا سلفي يقبل منه. الشيخ أفاض في شرح مرتكزات السلفية العلمية واعتمادها على الحوار والتناصح. وقال الشيخ البشير بن حسين (نائب رئيس الرابطة التونسية للعلماء و الدعاة) بأنه لم يكن يتصور أنه يأتي يوم يدخل فيه قصر قرطاج أو يحاضر فيه ولكن بفضل الله تبارك وتعالى وثورة الكرامة أمكن ذلك من أجل معالجة قضية السلفية التي تعددت صورها وأشكالها وألوانها وكثر عنها الكلام والنقاش في وسائل الاعلام والاتصال وفي البيوت والادارات.
واشار الشيخ في المحاضرة التي ألقاها بحضور رئيس الجمهورية الدكتور محمد المنصف المرزوقي والاستاذ راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة)والبعض من الوزراء وأعضاء الحكومة وعدد من السياسيين، الى انه في واقع الامر السلف الصالح هم من صاحبوا الرسول (صلى الله عليه وسلم) وشهد لهم بالخيرية المطلقة في الآداب والأخلاق و من بعده ظلت الأمة على ما هي عليه الى حدود القرن السادس للهجرة اذ شرعت كتب الفلسفة تدرس الاعتقاد وبدأت تظهر الفرقة في مسائل الاعتقاد (الجنة -النار-مسائل القبر...)وتعاني من بعض التوجهات المختلة وفي هذا العصر ولئن شهد العالم صحوة إسلامية وعودة الكثير من الشباب والكهول الى دين الله فإنه للأسف طفت على السطح بعض الممارسات والافكار الشاذة التي ليست بالمنهج السلفي في شيء.
وتابع القول «المنهج السلفي لا يقصي الحوار بل يمد يده للنقاش و الجدال «وجادلهم بالتي هي أحسن ولا يمكن أن يفرض توجهاته أو أفكاره أو مبادئه على الناس ومسألة التدين قناعات شخصية».
وللأسف يوجد اعتقاد خاطئ بأن الدين اتسعت رقعته بالسيف والسلاح في حين أن العكس هو الصحيح الاسلام نشر بالرفق واللين و الاخلاق الحميدة ودليلنا على ذلك التجربة الإندونيسية ففي هذا البلد دخل الاغلبية واعتنقوا الاسلام لا بالقتل أو بالنار وانما بالأخلاق الحميدة والدعوات بطريقة سلمية.
واعتبر الشيخ البشير بن حسين ان الدعوة السلفية خلافا لما يروج له ليست غريبة عن مجتمعنا بل موجودة واقترنت بالتعليم الزيتوني و لا تعني الانزواء على الذات و رفض الآخر او العودة الى الوراء و ركوب الحمير او نبذ جنس المرأة وقال «عشت سنوات طويلة في البلدان الاوروبية ولم تمنعني سلفيتي من معايشة الناس هناك و الاطلاع على ثقافتهم وحضارتهم كما توجد دول على العقيدة السلفية ولكنها قطعت أشواطا في التقدم والرقي.
مشروع مناصفة
وانتقد بعض الممارسات الخاطئة التي تمارس باسم السلفية في حين ان السلفية منها بريئة مثل ازدراء المرأة واحتقارها ومنعها من المشاركة في الحياة والعمل وانتهاج التكفير والحكم على الناس دون روية ولا اعتماد الضوابط الشرعية رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من التكفير لأن ذلك يقتضي اخراج الانسان من الملة ويعني ذلك استباحة ماله ودمه وقال «من يلجأ الى العنف تعوزه الحجة والدليل والسلفية في أصولها ومناهجها تدعو الى التآلف بين الحاكم والمحكوم ومناصحة أولي الأمر بالتي هي أحسن وليس من منهج السلف اهانة أولي الأمر أو سلطان الله في الارض.
وطالب بضرورة فتح حوار تشارك فيه مختلف الاطراف والكفاءات العلمية والدينية والاستفادة من التجربة المصرية وبعث مشروع مناصحة ومحاورة لهذه الفئة من الشباب الذين هم في النهاية أبناؤنا ويتوجب علينا تحصينهم من التطرف والافكار الملوثة واذكاء روح المواطنة داخلهم وان لا نستمر في التصعيد حتى لا نقضي على ثورتنا بأيدينا كما ان على هؤلاء أن يتجنبوا التكفير و العنف و يحرصوا على الالتفاف حول أهل العلم وعدم سبهم.