في إطار التفاعل مع الحوار الدائر حول المرأة والأسرة في الدستور التونسي الجديد نظمت مؤخرا جمعية نساء تونسيات بالتعاون مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فرع تونس ندوة فكرية دولية بعنوان المرأة في التشريع الإسلامي. انطلقت فعاليات الندوة التي حضرها ثلة من المفكرين والعلماء من تونس والخارج تحت إشراف السيدة سهام بادي وزيرة شؤون المرأة والأسرة التي استهلت اللقاء بكلمة تدعو فيها إلى الخوض في هذه المسائل بعلم لأن العلم يحقق قدرا من المصداقية فالمشكل الكبير الذي يواجه الناس هو عدم معرفتهم بدواليب الدين الإسلامي فنحن كلنا ثقة في ما يحمله ديننا الحنيف من بقاء العزة واحترام وتقدير المرأة.
الدكتورة سهام بادي أضافت أن هذه الندوة تعتبر فرصة للتعريف بحقوق المرأة التي حظاها بها الإسلام وكرمها ودعا إلى مساواتها بالرجل على أساس أنها إنسان وليس كأنثى فهذا الموضوع يخضع الآن إلى التجاذبات الفكرية والسياسية لذا يجب السير بخطى ثابتة نحو ثقافة الاعتدال حتى يقدر الإسلام على التأقلم وملاءمة المناخات للبقاء لذا يجب أن نفهم الإسلام عن طريق العلماء لإنارة السبيل.
مداخلة الدكتور نور الدين الخادمي وزير الشؤون الدينية بعنوان «المرأة في الإسلام» جاءت حول الدعوة إلى ترسيخ الثقافة الإسلامية قصد حسن تعايش الإنسان وإبداء الرأي الإنساني فموضوعنا اليوم قديم جديد لا بوصف المرأة أنثى ولكن بوصفها إنسان عليها مسؤولية إنسانية تتمثل في إعمار الأرض وإصلاحها فقد اتفقت النصوص على أن الإنسان مكرّم بأحسن صورة والاتفاق بمبدإ التكليف دون النظر للذكر والأنثى حيث قال تعالى «يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة». كما قال «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُوا» وقال أيضا {ليس للإنسان إلا ما سعى} فقد اتفقت الآيات على مبدإالجزاء ففي السيرة والسنة النساء شقائق الرجال والولد الصالح يعني الذكر والأنثى و«الإنسان والمؤمنون» تخص كذلك الذكر والأنثى ففي الأصول التي بينت النصوص نجد شواهد كثيرة على أن المرأة إنسان كما قال ابن حزم في كتابه «الإحكام في أصول الأحكام» «المسلمون في الحكم سواء» ويعني بالمسلمين الذكور والإناث. وأكد الدكتور الخادمي على أن الجهل بمفهوم المرأة يعود إلى أمر داخلي لأن الكثير من هم ليسوا على منهج التحقيق والتدقيق وليسوا على منهج السلف الصالح حتى وقعنا في كثير من التعصب والقصور الشكلي وهناك سبب خارجي يتمثل في بعض التحامل على الدين.
الدكتور عبد المجيد النجار رئيس فرع تونس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين دعا خلال مداخلته بعنوان «مكانة الإنسان في الإسلام» إلى النظر في أقوال الإسلام من القرآن والسنة حتى نستخرج الأحكام التي تعالج هذا الأمر كما أن تراثنا زاخر بمثل ما يتطابق مع الأحكام التشريعية ونصوصها فالمدونة الفقهية العظيمة لابن حزم «المحلّى» نستطيع أن تستفيد منها في هذه المسألة كي نتوصل إلى نتائج مبينة على تحقيق وتأصيل.وأفاد الدكتور النجار بأن أول حقيقة في القرآن والسنة فيها قيمة للذات البشرية وتكريم للإنسان الذي أصبحت له حرمة جسدية ومعنوية أما الحقيقة الثانية فهي غائية الحياة فالإنسان جاء لغاية لخّصها القرآن في خلافة الأرض وتعميرها لأجل الفوز بالثواب الأخروي فالإسلام قال بأن الإنسان جاء لغاية لأن سعادته تتجلى في شعوره بأن له غاية لأن المبادئ الأخرى سوف تؤدي به إلى اليأس والانتحار واستهلاك المخدرات أما بالنسبة لقضية المساواة فقد أكد المحاضر بأن الناس في الإسلام سواسية بالكسب أما التفاضل بينهم فهو بالتقوى وقد خلق الله الإنسان على أساس الزوجية من ذكر وأنثى والتفرقة هي وظيفية وليست خلقية فبيان حق الإنسان يسوي بين المرأة والرجل فلا يفرق بينهما إلا في بعض الأشياء القليلة التي يفرضها الفارق الفزيولوجي كالرضاعة فلا وجود لتفرقة بين الجنسين في القرآن والسنة إلا على أساس الوظيفة لذا لا بد أن نعود في هذه المسائل إلى الوسطية الإسلامية التي جاءت لتسوي بين الرجل والمرأة في شتى المجالات الدنيوية والأخروية.
«الشروق» التقت السيدة ابتهال عبد اللطيف رئيسة جمعية نساء تونسيات إثر الانتهاء من أعمال اليوم الأول للندوة فأفادت بأن هذا اللقاء يتشكل ضمن برنامج لدعم الحوار الوطني والثقافي لأن بلادنا تحتاج إلى مزيد الحوار لطرح مسائل تهتم بشأن المرأة وهي مسائل كانت محظورة في العهد السابق لذا يجب فتح حوار بين كافة أطياف المجتمع المدني لرفع كل الالتباسات حول عديد القضايا مثل المساواة في الميراث باعتبار أن المساواة مبدأ أساسي في الإسلام.