مشروع التحصين السياسي للثورة المقدم للمجلس التأسيسي من شانه ان يحرم بعض قياديي الاحزاب الجديدة من المشاركة في المحطات الانتخابية المقبلة وتحمل مسؤوليات كبرى في الدولة، «الشروق» اتصلت ببعض المعنيين بالقرار واستطلعت مواقفهم منه. اعتبر السيد الباجي قايد السبسي ان مشروع القرار يستهدفه شخصيا ومن شانه ان يفرغ الساحة السياسية من خصوم حركة النهضة خاصة في حين اعتبر بعض قياديي النهضة ان مشروع القانون لا يستهدف حركة نداء تونس لانها لا تضم التجمعيين السابقين فقط بل يهدف الى تحصين الثورة ممن رموز الحقبة السابقة التي انتهت بثورة شعبية.
سميرة الشواشي (حزب المبادرة) : اللجوء الى القضاء الوطني والدولي مطروح
من جهتها قالت سميرة الشواشي عن حزب المبادرة: «اتخذ نوابنا في المجلس التأسيسي منذ قليل موقفا رافضا رفضا قطعيا مشروع قرار الاقصاء لان تحصين الثورة يكون بالتشغيل والتوازن بين الجهات وتحسين الوضع الاجتماعي على ان تكون العدالة الانتقالية هي الفيصل الوحيد فتكون المحاسبة ثم المصالحة لا الاقصاء بقوانين خارج الدستور قد تؤدي الى الفتنة والانتقام وليس الانتقال الديمقراطي واستغلال اغلبية داخل المجلس».
الشواشي أضافت: «الاطمئنان عن مستقبل تونس ليس بالإقصاء بل بالعمل داخل المجلس لاستكمال الدستور للخروج من الوضع الانتقالي كما ان الاقصاء سيجعل فئة من الشعب تشعر بالتخوين والحرمان من الحقوق المدنية وانهم مواطنون من الدرجة الثانية وهي سابقة لم نسمع بها من قبل».
ولئن عبرت الشواشي عن ترحيب حزبها بتحييد الهيئة المستقلة للانتخابات من ترشح كل من انتمى الى حزب معين طيلة خمس سنوات بمن فيهم من انتموا الى التجمع فانها عبرت عن استغرابها من تخصيص التجمعيين بفقرة اضافية تدل على التحقير والتنكيل والحط من الكرامة وقالت عنها: «هي فقرة مجانية وليست لها اي اثر قانوني بل تدعو الى الوصم والتلميحات العنصرية».
وفي ما يخص ردود الافعال اضافت الشواشي «سيتراوح الرفض بين التعبير عن المواقف حتى تتم مراجعة المشروع ولن ندخر جهدا في الدفاع عن انفسنا لدى القضاء الوطني والدولي والتوجه الى الاممالمتحدة وكذلك التحرك الميداني كما ان المشروع سيمثل فرصة لتجميع الدساترة ممن صعب تجميعهم سابقا وختمت قولها «يا خسارة كنا نتمنى مصالحة وطنية من القلب فالجميع استوعب الدرس ولا نتمنى ان تتكرر اخطاء الماضي في الانتقام والانتقام المضاد ولا يجب تفويت الفرصة لمصالحة وطنية حقيقية».
فيصل التريكي : معايير الاقصاء تطبق على الجميع
رئيس الحزب الحر الدستوري التونسي فيصل التريكي بين انه شخصيا غير معني بمشروع القرار بحكم عدم تحمله لأي مسؤولية في العهد السابق لكنه قال «هذا القرار جائر وضد المصلحة الوطنية لتونس والثورة لم تكن لمصلحة مجموعة من السياسيين دون اخرى بل تريد تجديد هياكل الدولة من التهميش والفساد والإقصاء».
التريكي اشار الى امكانية تحصين الثورة لكن عبر معايير موضوعية يقع تطبيقها على الجميع سواء كانوا تجمعيين سابقين او من الاطراف التي استعملت العنف وخططت لمحاولات انقلابية واعتدت على المواطنين والاقصاء لا بد ضد كل من يرفض العمل السياسي السليم.
وعن التحركات لإيقاف هذا المشروع قال التريكي: «لا بد من التحرك شعبيا وجماهيريا واللجوء الى القضاء الذي هو ولي من لا ولي له ولم لا اللجوء الى المحاكم الدولية والمنظمات كما فعلت بعض الاطراف في الماضي».
التريكي قال «ان العودة الى التجارب السابقة امر غير صحيح فالجزائر وجنوب إفريقيا لم تلتجئ إلى الاقصاء كما ان القضاء المصري رفض قرار الاقصاء اضافة الى ان التجمعيين موجودون حاليا في المجلس التأسيسي بستة اعضاء ولم يصدر منهم ما يوحي انهم ضد الثورة بل على العكس فهم من خذل بن علي وتركوه وحيدا وبالتالي ساهموا في سقوطه».
وختم التريكي حديثه بالدعوة الى مصالحة وطنية تجمع كل الفئات السياسية حتى لا نسقط في الفعل ورد الفعل وبالتالي الابتعاد عن الاقصاء مهما كان نوعه.
محمد جغام : سنتصل بالجميع لمنع المظلمة
قال الوزير السابق في حكومات بن علي السيد محمد جغام: «أنا مقصود بهذا القرار وضمن القائمة المستهدفة ولكن لا اعتقد ان هذا الاجراء قد يحصن الثورة بقدر تحصينه من فكروا فيه وطرحوه لإبعاد المنافسة الحقيقية وهي طريقة لا أخلاقية وغير ديمقراطية».
جغام قال كذلك ان الثورة التونسية هي ثورة الكرامة والحرية والديمقراطية التي تحتكم للصندوق وهو الفيصل الوحيد بين المتنافسين واضاف «اصحاب مشروع القرار خائفون من الصندوق وبالتالي من الديمقراطية وهو أمر مؤسف».
جغام دعا الحكومة الى الاعتناء بما يهم المواطن والبلاد ووضع اليد في اليد مع الجميع في ظل الوضعية الصعبة الحالية واعتبر من ناحية اخرى ان هذا المشروع وراءه الكثير من الحقد والبغض على حد تعبيره مضيفا «الاسلام لم يأمرنا بهذا فما الفائدة من إقصاء أناس ساهموا في بناء البلاد فإقصاء البنائين سيجعل حائط البناء معوجا ثم من سيبني البلاد في ظل ما نلاحظه من غياب القدرة والخبرة».
وفي النهاية أشار جغام أن المستهدفين بالمشروع سيتصلون بجميع الجهات في الداخل والخارج لمنع هذه المظلمة كما سماها والتي ستعطي صورة سيئة عن تونس.