عاد الهدوء صبيحة يوم أمس بكامل مدينة سليانة رغم توافد الالاف من المواطنين لكن عادت المواجهات من جديد بين الأمن والمحتجين، هو فصل جديد من فصول التهميش والتأمر على ولاية سليانة» هذا ما قاله السيد محمد الجويني عضو نقابي. جاء ذلك ردا على تصريحات رئيس الحكومة مساء الثلاثاء عندما أصر على بقاء الوالي وتحدى مشاعر الأهالي. موقف رئاسة الحكومة زاد في احتقان أهالي سليانة الذين تجمعوا أمس بالآلاف تعبيرا عن رفضهم لهذا التجاهل والتحدي الذي قوبلت به مطالبهم بعد أن لقوا أصنافا من القمع البوليسي. في اليلة الفاصلة بين يومي الاربعاء والخميس وبعيد تصريحات ممثلي الحكومة في مختلف وسائل الاعلام عمد الكثير من المواطنين الى غلق الطرقات واشعال العجلات المطاطية كحركات احتجاجية عن تلك التصريحات ليقوم الأمن بعمليات تمشيط حتى ان العديد من السيارات توجهت خارج المدينة في اتجاه الأرياف المجاورة مثل منطقة قصر حديد حيث تم سماع ازيز الرصاص وفي منطقة القنطرة طالب الأمن السكان بملازمة بيوتهم. استياء وقد أعلن المستشفى الجهوي بسليانة عن وجود حوالي 14 إصابة مهددة بالفقدان الكلي للبصر من أصل 22 مصاب تعرضوا لإصابات «بالرش» على مستوى الأعين. جموع تأتي من كل حدب وصوب باتجاه مقر اتحاد الشغل منذ الساعات الأولى للصباح, أناشيد حماسية وشعارات مناهضة للتهميش والتحدي الحكومي لمشاعر الأهالي. العديدون قدموا من معتمديات مختلفة من مكثر وبوعرادة وبرقووقعفور والروحية انطلقت كالعادة مسيرة حاشدة من مقر الاتحاد باتجاه الولاية حيث لاحطنا تواجد مختلف الشرائح العمرية ومختلف الانتماءات السياسية وكانت المسيرة , سلمية بأتم معنى الكلمة. وكان غياب عناصر البوليس أمام مقر الولاية أمرا مدهشا من جهة ودليل على سلمية التحركات التي خاضها أبناء سليانة منذ الأسبوع الفارط حيث اجتمع الحشد مرددين هتافات مختلفة تصب كلها في الرد على تصريحات السيد حمادي الجبالي. لم يلق إلى داخل الولاية ولا عقب سيجارة. ولم يتجاوز السور سوى عدد قليل من الإعلاميين الذين سمح لهم اليوم بالتصوير من داخل أسوار الولاية وحتى من فوق السطح. الغياب الأمني كذلك مثل باعث أمل لدى الأهالي ومطمعا في إمكانية سماع خبر عن استقالة الوالي مادامت الحكومة ترفض إقالته. تجمعات مكثفة في اكثر من كان ولا حديث الا عن الاستياء تجاه تصريحات رئيس الحكومة المؤقتة السيد حمادي الجبالي ووزير الداخلية السيد علي لعريض العديدون الذين استجوبناهم أكدوا أن هناك العديد من المغالطات للرأي العام خاصة في تصريح وزير الداخلية حول استعمال الرش الذي كان دفاعا عن مقر الولاية ليبينوا ان جل المصابين تضرروا داخل الأحياء ولم يقتحموا مقر الولاية بتاتا وعن تصريح السيد حمادي الجبالي أفادوا أن كلامه يصب في خانة التجاهل التام والمتعمد والممنهج تجاه أهالي سليانة دون استثناء. وجدنا صعوبة في التقاط الصور لمحدثينا وبرروا ذلك بان العديد من أهالي سليانة اعتقلوا في أحداث افريل 2011 نتيجة نشر صورهم عبر المواقع الاجتماعية. المساندة كانت حاضرة حيث وصلت مسيرة قادمة من قعفور تضم مئات المحتجين الذين قدموا سيرا على الأقدام, لمساندة التحرك في سليانة ومساندة من أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد العام التونسي للشغل, كما ساند التحرك أيضا عدد من الشخصيات السياسية مثل أحمد إبراهيم وحمة الهمامي واخرون. وكشكل أخر من أشكال المساندة علقت النيابة الخصوصية لبلدية سليانةالمدينة نشاطها تضامنا مع أبناء الشعب من جرحى وموقوفين إلى حدود تحقيق مطالب الجهة. الوضع كان يسوده الهدوء الممزوج بالاستياء في نفوس الأهالي والأمل من جهة أخرى, لكن وفي حدود الرابعة مساء شرعت الوفود القادمة من المعتمديات في العودة إلى ديارهم وأثناء مرور أهالي مدينة قعفور من أمام مقر المنطقة الجهوية للأمن تم منعهم من المرور وسلك طريق أخر لتحصيل مناوشة كلامية بين الأمن والمارة لتكون شرارة في انطلاق مواجهات من جديد ويعاد مشهد الكر والفر غاز مسيل للدموع ودخان كثيف ورشق بالحجارة لتحصيل لاحقا عمليات مداهمة داخل البيوت حيث تم تعنيف البعض واعتقال البعض الأخر. ولعل أهم ما سجلناه هواختناق البعض من الرضع حتى ان زوجة احد المواطنين السيد طارق الزكراوي قامت بعملية إجهاض وفقدانها لجنينها وهي حاليا ترقد في المستشفى الجهوي إلى حدود كتابة هذه الأسطر وصلت حصيلة عدد المصابين 15 مصابا تلقوا الإسعافات الأولية في المستشفى الجهوي بالمكان ولا تزال عمليات الكر والفر بين الأهالي والمواطنين متواصلة وان لا رجوع حسب تصريحات المتظاهرين إلا برحيل الوالي وإخلاء المدينة من الترسانة البوليسية التي بعثت في نفوسهم الرهبة وزرعت الخوف. وتقضي سليانة ليلة أخرى تحت دوى انفجارات الغاز المسيل للدموع وزمجرة عربات البوليس داخل الأحياء مخلفة رعبا قد يصبح مألوفا في بعض الأحياء.