دماء في كل مكان... صراخ ,... استغاثات وصفارات سيارات الإسعاف, رائحة الغاز المسيل للدموع اختلطت برائحة العجلات المحروقة لتغطي المدينة برائحة مقرفة تقطع الأنفاس و أعيرة نارية تدوي في سماء المدينة. في الجهة المقابلة رجال البوليس يركضون في نسق هستيري لا يميزون بين الأعمار و الأجناس. مدرعات عسكرية تجوب شوارع المدينة و تلقى بالقنابل الدخانية في المنازل و على الأسطح ووسط حشود المتظاهرين الذين لم يعد بإمكانهم غير السب و الشتم و الركض في اتجاهات مختلفة.
ولعل أكثر العوامل إثارة لاحتقان الأهالي حملة الاعتقالات التي شملت عدد كبير من أبناء المدينة في الليلة الفاصلة بين الثلاثاء والأربعاء. بالإضافة إلى تصريحات والي الجهة بالقناة الوطنية الثانية, الذي تحدى خلاله مشاعر أبناء الجهة و روج أخبارا عارية من الصحة بحسب الأهالي صلة القرابة التي قيل بأنها تربط بين الوالي و رئيس الحكومة هي ما جعلت رئاسة الحكومة ترفض إقالته ومستعدة للتضحية بكل سكان الولاية في سبيل إراحته.نحن لا نجزم بتلك الحقيقة أو دحضها إنما نقلنا ما يتداوله الأهالي من تلك الأخبار أثناء الليلة الفاصلة بين يومي الاثنين والثلاثاء تم قطع التيار الكهربائي في وقت متأخر من الليل ربما كان الحدث صدفة أو متعمد لكن العديد من الأهالي أكدوا أن العملية مدبرة مثل ما حدث في أحداث 26 افريل 2011 لما انتفض الأهالي عن الوضع وقاموا باعتقال قرابة العشرين شابا والى حد الآن لم تتم محاكمتهم أو الإفراج عنهم.
اتحاد الشغل بدوره استنكر ما سماه بالمغالطة التي حصلت في الإعلام العمومي و دعا إلى إضراب عام يوم أمس الأربعاء استجاب له عدد كبير من الأهالي و التحقوا بمقر الاتحاد الجهوي منذ الصباح لتنطلق مسيرة سلمية باتجاه مقر الولاية.
مسيرة سلمية
لجنة تنظيم المسيرة نجحت في تأطير المتظاهرين و قيادة المسيرة إلى حين وصولها لمقر الولاية أين كان التمركز الامني المكثف وعلى خلاف العادة كان تواجد الأمن في مكان اجتماع المتظاهرين في حالة تأهب قصوى مدججين بوسائل تفريق المتظاهرين و بكم هائل من الجارة التي نلت منها شخصيا نصيب رغم إشهاري لبطاقة الصحفي.
الأمن انطلق في تفريق المحتجين دون سبب في مرحلة أولى لكن إصرار الأهالي جعلهم يعيدون تنظيم صفوفهم و العودة إلى مقر الولاية و ساهم تصدر بعض الحقوقيين للمسيرة في جعل المسيرة تستقر أمام مقر الولاية لحوالي الساعة إلا ربع, عندها تم إطلاق «فوشيكة» سمعت دويها داخل مقر الولاية ولم نتبين مصدرها واختلفت الروايات حول الجانب الذي أطلقها.
الصوت المدوي للرصاص والقنابل المسيلة للدموع خلق حالة ذعر لدى المحتجين و جعل البعض يقذف الحجارة صوب أعوان الأمن الذين انطلقوا في رشق المواطنين بالحجارة و بعبوات الغاز المسيل للدموع بشكل عشوائي استهدف المواطنين و المنازل.بالاضافة الى ازيز الرصاص الذي بعث الرعب خاصة في صفوف الصغار والنسوة ولم تجدن أي حل سواء تذرعهن لله ان ينجيهن من هذا الوضع الكارثي او الصراخ المتواصل ولسان حالهن يقول هل من منقذ؟
تصاعد وتيرة العنف
المتظاهرون ردوا بقوة على أعوان الأمن برشقهم بالحجارة فكانت ردة فعل من مئات الأمنيين الأمنيين أن كشروا عن ا أنيابهم مستعملين آليات عسكرية من عربات مزمجرة وكاسحات و أسلحة منها المعروف ومنها من اعتقد الأهالي أنها جزء من الهبة القطرية, التي لم نعتد رؤيتها قبلا.
الآليات العسكرية تجوب الشوارع تطلق أنواع الغازات بصفة عشوائية على الأسطح وفي المنازل و أغلبها كان باتجاه المتظاهرين الذين تعرض عدد كبير منهم لإصابات مختلفة الخطورة أثار «الرش» علمت على أغلب الأجساد المتظاهرة فواحد مصاب على مستوى الوجه ويشكو فقدان البصر وواحد يعاني إصابات متعددة في مواضع مختلفة من جسمه. ليبلغ عدد المصابين قرابة المائة منهم من كان في حالة خطرة جدا.
استهداف عشوائي
فتاة تعاني فقدان الجزء الأعلى من أسنانها و عديدون في حالة إغماء مشهد لمدينة في حالة حرب, الاعتداءات لم تشمل المواطنين فقط بل تجاوزت ذلك لتصل إلى النقابيين والصحفيين حيث تم الاعتداء على مدير مكتب «الشروق» لفظيا وقذفه من طرف عون أمن بصخرة مما سبب له كسرا على مستوى اليد اليمنى ومع مرور الوقت يزداد الوضع تأزما فالجانب الامني يواصل التكشير عن انيابه في حين يزداد المتظاهرون اصرارا على مقارعتهم رغم عدم تكافئ القوى ودون رمي ورود فقد اصر اعوان الحماية المدنية على مداواة الجرحى سواء على عين المكان او نقل المصابين الى المستشفى الجهوي وامام الاعتقالات الاعتباطية فقد رفض الكثير من المصابين التوجه الى المستشفى رغم الحالات الحرجة التي هم عليها.
وعلى غير العادة كما حصل يوم أمس الأول فقد لاحظنا مشاركة كافة الشرائح العمرية في مواجهة الأمن وقد عبروا أن أصل الحكاية مسألة حياة أو موت فكم من مشارك تضرر شقيقه و كم من أخر تضرر ابنه أو قريبه ليزداد الوضع قتامة وذلك باستعمال المولوتوف أي الزجاجات الحارقة والتي تم رميها على العربات المزمجرة.الى حد كتابة هذه الأسطر ما يزال أزيز الرصاص يصم الأذان وأعداد الجرحى في تصاعد والدخان يملأ الأرجاء ليصعد المتظاهرون في التصدي لأعوان الأمن واقسموا على مواجهة القمع البوليسي بشتى السبل لتظل المواجهات سيدة الموقف وللإشارة فإن ما لاحظناه يوم أمس الأول هو كيفية تعامل المتظاهرين مع الأسلحة المستعملة ضدهم فعندما تصلهم قنبلة مسيلة للدموع يتم اطفائها بالماء على الفور بالإضافة او دهن الوجه بقشور حبات البطاطا حتى لا يعطي الغاز مفعوله. 200 مصاب ما نخلص اليه هو التصعيد المكثف في قمع المواطنين دون هوادة وعلى كامل مدار اليوم. لينتج ما لا يقل عن 200 إصابة فيهم أكثر من 20 اصابة على مستوى العين قيل أن ثمانية حالات مهددة بالفقدان الكلي للبصر كما أفادنا مسؤول بالمستشفى الجهوي أن 18 حالة سجلت اعاقة عضوية يعجز الطب عن شفائها. وهو ما جعل الاتحاد الجهوي للشغل يعلن دخول الولاية في إضراب عام مفتوح إلى حين تنفيذ مطالب الجهة. هذا الإجراء قوبل بطلب تعزيزات أمنية غير مسبوقة إلى الجهة. أمام هذه الوضعية الحرجة و الاستعمال المفرط للعنف من طرف الأمن و تشبث الأهالي بمطالبهم و التجاهل الحكومي تقضي سليانة ليلة أخرى وسط نيران البوليس و يعيش أبناء الجهة ليلة أخرى في حراسة شوارع المدنية و هو تقليد ورثناه عن أيام ثورة الكرامة أن نحمي شوارعنا حينما يغير البوليس نشاطه.
من جانب آخر التحق كنوع من المساندة كل من عصام الشابي ونجيب الشابي بمقر الاتحاد الجهوي للشغل أين التحم بهم عدد هائل من المواطنين طالبين منه مساندتهم في التحرك و الخروج وإياهم للتظاهر أمام مقر الولاية, لكنه تملص من هذه الدعوة و غادر المدينة.
كما علمنا بوصول وفد من قيادي حزب نداء تونس مثل السيد رضا بالحاج, عبد العزيز القطي و عبد المجيد الصحراوي إلى الجهة حيث زاروا المستشفى الجهوي و عاينوا الحالة التي يعاني منها المصابين والتحقوا بالاتحاد الجهوي للشغل و عاينوا أجزاء من الشوارع. أكثر من 150 مصابا... وعديد الاصابات الخطيرة
إرتفع عدد المصابين في المواجهات العنيفة الدائرة أمس الاربعاء بمدينة سليانة وتجددت الاشتباكات بين اعوان الامن والمحتجين وفاق عدد الجرحى ال150 جريحا كلهم من المدنيين وفق حصيلة جديدة أفادت بها مصادر طبية من المستشفى الجهوى بسليانة، ذكر الناظر العام بالمستشفى الجهوى بسليانة الطاهر العامري أنه تم توجيه 13 حالة وصفها ب«الخطيرة» إلى مستشفيات تونس العاصمة وخاصة الى معهد الهادي الرايس لطب العيون.
وتجددت منذ أمس الاربعاء بمدينة سليانة المواجهات بين الآلاف من المحتجين الوافدين من مختلف معتمديات الولاية وأعوان الامن الذين استعملوا الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لتفريق المحتجين.
وأكدت مصادر طبية أن المستشفى الجهوي لم يعد قادرا على استيعاب العدد المتزايد للجرحى وأن الادوية المتوفرة به لم تعد كافية في حين أن الطاقم الطبي وشبه الطبي بالمستشفى وجد صعوبات في تقديم الاسعافات اللازمة للمصابين رغم التعزيزات التي تلقاها. كما تمت معاينة وصول تعزيزات أمنية مكثفة تمثلت في مدرعات الحرس الوطني من الفرق المختصة في مقاومة الشغب. رقعة الاحتجاجات تتسع اتسعت رقعة الاحتجاجات في اكثر من معتمدية حيث توافدت اعداد غفيرة من المواطنين من اهالي معتمدية برقو الى سليانةالمدينة لمساندة المواطنين في التصدي للقمع الذي يتعرضون اليه وفي معتمدية مكثر ارتفعت حدة الاحتقان حيث تمت مهاجمة مقر امني ودخل السيد حمدي بن ربيحة و السيد طارق في اضراب جوع بعد ان اصدروا بيانا يحمل مساندة للأهالي وتنديد للقمع الذين يتعرضون اليه.
وفي معتمدية قعفور وبعد ان تم طرد معتمد الجهة وجد المعتصمون داخل مقر المعتمدية مساندة من قبل الاهالي حيث بدأ التحرك في اكثر من شارع للقيام بالاحتجاجات السلمية والمطالبة بتنمية عادلة.
لتتسع حالة الغليان وقد سجلنا توافد سكان الارياف المتاخمة لسليانةالمدينة توافدهم بإعداد هائلة.
وفي معتمدية بوعرادة تم غلق الطرقات الرئيسية كحركة احتجاجية لما يحصل في مدينة سليانة كما تمت مداهمة المقر الامني وطرد اعوان الامن منه...