علمت «الشروق» أن وزارة العدل التي كانت أذنت قبل أكثر من عام بفتح تحقيق بخصوص مصير الشيخ أحمد بالأزرق قد أذنت مؤخرا احدى المصالح المختصة بأخذ عينة من رفات قبر يشتبه في أنه القبر المجهول للشيخ أحمد بالأزرق لإجراء اختبارات التحاليل الجينية. وكانت القضية طفت على الساحة الاعلامية اثر العثور على سجين مكبّل الرجلين وفي حالة صحية حرجة بقسم الاستعجالي بمستشفى شارل نيكول وهو المدعو عبد ا& السبوعي الذي اشتبه في كونه هو نفسه أحمد بالأزرق.
قبر مجهول
ويعتبر الشيخ احمد محمد بالأزرق الذي كان يكنّى ب«أبي عماد صاحب الحلقة المفقودة» هو أحد الفلاڤة الأوائل في تونس حيث عمل على تجنيد المقاومة ضد الاستعمار الفرنسي ثم بعد ذلك ذهب للجهاد في فلسطين والتحق بالثوار الأفغان سنة 1983. وحين تم القبض على مجموعة معادية للحكم البورقيبي تم جلب أحمد بالأزرق الذي كان يعمل في اطار الرابطة الاسلامية سنة 1986 بالسعودية. ثم عينت له جلسة واحدة قيل إنه أعدم بعدها فجرا، الا ان رفاته لم يسلم الى عائلته.
عبد ا& السبوعي
وكانت صور وتسجيلات السجين عبد ا& السبوعي قد انتشرت قبل أكثر من عام وكانت وراء الحملة الاعلامية حيث أثرت صوره وهو على تلك الحالة الصحية مكبل الرجلين على متتبعي القصة. وكانت «الشروق» تابعت قصة عبد ا& ا لسبوعي منذ كان في قسم الاستعجالي ثم بعد نقله الى قسم الانعاش حيث احتفظ به تحت العناية الطبية المركزة وتحت الحراسة أيضا (حارس مسلّح) قبل ان يلفظ أنفاسه متأثرا بمرضه الخطير خلال شهر سبتمبر 2011. بمرض نادر جدا وهو عبارة عن جرثومة تصيب غلاف المخ وتتلفه. وكانت النيابة العمومية أذنت يومها بعرض جثة عبد ا& السبوعي على الفحص الطبي الشرعي لتحديد سبب وفاته وكذلك اجراء التحاليل الجينية لتحديد هويته.
قصة عبد ا& السبوعي
حسب التحقيقات التي قامت بها «الشروق» يومها (قبل أكثر من عام) من خلال ملفه الطبي وطبيبه المباشر. فإن عبد ا& السبوعي هو السجين تحت رقم EC3966 وهو من مواليد سنة 1961 اي يبلغ من العمر حين وفاته خمسين عاما. وجاء في ملفه الصحي انه دخل مستشفى الرابطة خلال يوم 27 جويلية 2011 وحسب رسالة طبيبة السجن فإن حالة عبد ا& تعكرت فجأة فاحتفظ به المستشفى لاجراء التحاليل والصور. وتبيّن ان المرض هو جرثومة (أصابت غشاء المخ) ثم تمت اعادته الى السجن.
تعكّر الحالة جدّا
ويبدو اثر ذلك أن حالة السجين الصحية قد تعكرت جدا مما دفع بإدارة السجن الى اعادته لكن لا الى مستشفى الرابطة بل الى استعجالي شارل نيكول ولم تصحب معه ملفه الطبي. مما جعل الأطباء يضطرون الى اعادة تشخيص الحالة واجراء عدد من التحاليل والاختبارات من جديد وهو ما أكده في حينه رئيس قسم الاستعجالي ل«الشروق» حيث أكد ان غياب الملف الطبي جعلهم يتعاملون مع المريض من النقطة الصفر حتى تمكنوا من تحديد المرض.
نعم يمكن ان يصبح هيكلا عظميا
وسألنا الدكتور رئيس القسم يومها إن كان المرض يمكنه أن يحوّل شخصا من مواليد 1961 الى شبه هيكل عظمي يجعلك تعتقد انه شيخ مسن جدا فأكد الدكتور حوات يومها ان المرض النادر والخطير يمكنه ان يفعل هكذا حتى في شاب العشرين باعتباره مرضا يفتك بكل خلايا الجسم.
منع من التصوير وبعد ان تداولت المواقع الاخبارية صور السجين المكبل الرجلين تم نقل المريض الى قسم العناية المركزة بقسم التخدير والانعاش حيث تمكنت «الشروق» من رؤيته وقد استعاد جسمه حجمه الطبيعي. لكن تعذر علينا أخذ صور لوجود حارس مدني مسلح منعنا من دخول الغرفة او الوقوف الى شباكها البلوري.
ميت منذ سبتمبر 2011
وكانت «الشروق» نشرت خبر وفاة السجين عبد ا& السبوعي بتاريخ سبتمبر 2011 والذي ما يزال الى اليوم محتفظا به في غرفة التبريد للأموات بالمستشفى.. اذ لم تتقدم أي جهة لدفنه. خاصة ان وفاته مرّ عليها اليوم عام و3 أشهر.
قبور مجهولة
ولا يعتبر الشيخ أحمد بالأزرق وحده الذي لم تعرف عائلته مكان دفنه او رفاته او ظروف اعدامه، اذ ان الكثير من الأبرياء مما تم اعدامهم فجرا في عدد كبير من القضايا خاصة القضايا التي تعلقت بالاسلاميين ما تزال الى اليوم قبورهم مجهولة. وقد يكون العثور على قبر ورفات احمد بالأزرق خطوة نحو العثور على قبور أخرى قد تكون جماعية لعدد من المظلومين تم اخراس أصواتهم بإعدامهم في محاكمات غير انسانية على غرار محمد الهادي النيغاوي ومصطفى حسين وفتحي الزريبي... الذين لم تتحرك في شأنهم أية منظمة.