الإنسان مسؤول عن كل لفظ يخرج من فمه، حيث يسجله الله ويحاسبه عليه، يقول تعالى {مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} (ق 18) وقال صلى الله عليه وسلم: «إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تُكَفِّر اللّسان تقول: اتق الله فينا فإنّما نحن بك فإن استقمتَ استقمنا وإن اعوَجَجْتَ اعوَجَجْنَا». (رواه الترمذي) ذات يوم جلس الرسول صلى الله عليه وسلم مع أصحابه، فجاء رجل وشتم أبا بكر الصديق رضي الله عنه وآذاه، فسكت أبوبكر ولم يرُدَّ عليه، فشتمه الرّجل مرّة ثانية فسكت أبوبكر، فشتمه مرّة ثالثة فردّ عليه أبوبكر، فقام صلى الله عليه وسلم من المجلس وتركهم، فقام خلفه أبوبكر يسأله: هل غضبتَ عليّ يا رسول الله فقمتَ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «نزل مَلَك من السماء يكذِّبه بما قال لك، فلما انتصرتَ وقع الشيطان فلم أكن لأجلس إذ وقع الشيطان». (رواه أبوداود)
ومن فضل حفظ اللّسان:
1- أفضل الإسلام: سئل النّبيّ صلى الله عليه وسلم: «أي الإسلام أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنْ سلم المسلمون من لسانه ويده». (متفق عليه)
2- تحقيق الإيمان: قال صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أوليصمت.» (متفق عليه) وقال صلى الله عليه وسلم:«لا يستقيمُ إيمان عبد حتى يستقيمَ قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه». (رواه أحمد)، لأنّ اللّسان مغرفة والقلب آنية فاللّسان يترجم ما في القلب.
3 من حفظ لسانه اتصّف بصفة من صفات المؤمنين: قال الله عزّ وجلّ {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (الفرقان 72)
4 التغلب على الشيطان: من أمسك لسانه تغلب على الشيطان. عن النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «اخزن لسانك إلاّ من خير فإنّك بذلك تغلب الشيطان». (أخرجه الطبراني في الصغير من حديث أبي سعيد ولابن حبان في صحيحه)
5 ستر الله عورته ووقاه عذابه وقبل عذره: عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من كفّ لسانه ستر الله عورته ومن ملك غضبه وقاه الله عذابه ومن اعتذر إلى الله قبل الله عذره.» (أخرجه ابن أبي الدنيا في الصمت بسند حسن)
6 القرب من الرسول ے: قال صلى الله عليه وسلم: «إنّ من أحبّكم إليّ وأقربكم منّي مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضَكم إلي وأبعدَكم منّي يوم القيامة «الثرثارون والمتشَدِّقُون» والمتفيهقون قالوا: يا رسول الله قد علمنا الثرثارون والمتشدقون فما المتفيهقون؟ قال: المتكبرون.» (رواه الترمذي)
7 الابتعاد عن سخط الله تعالى: لا ترضي النّاس بما يجلب عليك سخط الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أرضى النّاس بسخط الله وَكَلَهُ الله إلى النّاس، ومن أسخط النّاس برضا الله كفاه الله مؤونة النّاس.» (رواه الترمذي)
9- الجنّة: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن أكثر ما يدخل النّاس الجنّة فقال: «تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل النّار فقال الأجوفان الفمّ والفرج».(أخرجه الترمذي وصححه ابن ماجه من حديث أبي هريرة) هذا ما يؤكّده حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم: «من يتكفّل لي بين لحييه ورجليه أتكفّل له بالجنّة.» (رواه البخاري) وعن البراء بن عازب قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: «دلني على عمل يدخلني الجنّة قال أطعم الجائع واسق الظمآن وامر بالمعروف وانه عن المنكر فإن لم تطق فكفّ لسانك إلاّ من خير.» (أخرجه ابن أبي الدنيا بإسناد جيّد).