أصبحت فلسطين اعتبارا من فجر أمس الجمعة دولة غير عضو في الأممالمتحدة.. وهو بلا شك إنجاز ديبلوماسي فلسطيني مهم ينطوي على الكثير من الدلالات والإيجابيات بالنظر الى ما يمنحه هذا «النصر» للطرف الفلسطيني من مكاسب ومزايا مهمّة تتمثل في عديد الحقوق الإضافية للشعب الفلسطيني ولدولته «غير كاملة العضوية».. ومع أن هذا القرار لن يغيّر في واقع الأمر الشيء الكثير في معاناة الشعب الفلسطيني على الأرض لا بالنسبة الى السيادة ولا استرجاع الأرض ولا عودة اللاجئين إلا أنه يعتبر خطوة استراتيجية لما يكتسيه من أهمية للشعب الفلسطيني في معركته الراهنة من أجل إنهاء الاحتلال الجاثم على صدره منذ عقود خاصة في ما يتعلّق بتقديم شكاوى ضد الكيان الاسرائيلي لدى المحاكم الدولية ومقاضاة مجرمي الحرب الصهاينة على جرائم الإبادة التي ارتكبوها بحقّ فلسطين وأهلها على مدى أكثر من 6 عقود.
هذا فضلا عن أن حصول فلسطين على هذا الاعتراف من شأنه أن يلزم الأممالمتحدة آليا بالسعي الحقيقي والجاد الى تنفيذ وتفعيل قراراتها بخصوص فلسطين وأهمها القرارات 181 و194 و242 و338 إضافة الى القرارات المتعلقة بالقدس ومنها القرار 185 والقرار 252 والعديد من القرارات الأخرى.. وهذا ما يعني أن الأممالمتحدة أصبحت اليوم تتحمّل مسؤولية تاريخية في ما يتعلّق بتسوية القضية الفلسطينية.. فما هي إذن طبيعة هذه المسؤولية.. وما هي مدلولات حصول فلسطين علي صفة «دولة مراقبة» في المنتظم الأممي.. وما هي النتائج المترتّبة عن هذا القرار على مسار التسوية؟.. هذه الأسئلة وغيرها تجيب عنها المناضلة والمحامية الفلسطينية فدوى البرغوثي في هذا العدد الجديد من الملف السياسي.
أكدت الأستاذة فدوى البرغوثي عضو المجلس الثوري لحركة «فتح» والمناضلة والمحامية الفلسطينية في لقاء مع «الشروق» عبر الهاتف انه لن يكون هناك اي جدوى او مغزى من حصول دولة فلسطينية على صفة مراقب في المنتظم الأممي قبل إنهاء الاحتلال بشكل كامل. الأستاذة فدوى البرغوثي، زوجة المناضل الأسير مروان البرغوثي شرحت في هذا اللقاء أيضا المزايا التي سيمنحها هذا الاعتراف للشعب الفلسطيني ولدولته.. وفي ما يلي هذا الحوار:
بداية، كيف تقرئين وتحللين أستاذة فدوى مداولات وأبعاد الاعتراف الدولي ب «دولة فلسطين»؟
هذا بالتأكيد انجاز تاريخي للشعب الفلسطيني وتتويج لنضالاته ولمسيرته الكفاحية من أجل التحرير.. وبالتالي فإن هذا المكسب يشكّل خطوة أولى في غاية الأهمية على طريق نيل الحرية... وأنا أعتقد ان هذا الانجاز المهم سيكون بلا جدوى ولا معنى اذا لم يتم اردافه باستراتيجية فلسطينية جديدة تعتمد على خطوات أخرى نضالية يكون عنوانها العمل على اطلاق المقاومة الشعبية والدخول في كل الهيئات والمنظمات الدولية الأخرى ومقاطعة كل البضائع والمنتوجات الاسرائيلية ضمن خطة وطنية شاملة تنص ايضا على عدم الذهاب الى المفاوضات مع الكيان الاسرائيلي الا بشروط.
لكن مشروع القرار برفع التمثيل الفلسطيني في الأممالمتحدة نصّ على استئناف المفاوضات مع إسرائيل؟
لا يمكن ان تتصرّف إسرائيل وكأن شيئا لم يكن... يجب وقف المفاوضات مع اي حكومة لا تلتزم بحقوق الشعب الفلسطيني يجب ان تكون هناك خطوة أولى مشجعة من أجل إنهاء الاحتلال... وبالتالي نحن نقول إن العودة الى المفاوضات دون التزام حكومة الاحتلال هي مضيعة للوقت... نحن جرّبنا 20 سنة من المفاوضات ومع ذلك لم نحقق اي نتيجة على هذا المسار... وهذا ما يجعلنا نعتقد انه دون القيام بترتيبات للانسحاب الاسرائيلي من الأراضي الفلسطينية وتحديد القضايا النهائية فإنه لا جدوى من أية مفاوضات مع الاحتلال الاسرائيلي.
في ميزان القانون الدولي، ماهي المزايا التي سيوفّرها منح دولة فلسطين صفة دولة مراقب بالمنظمة الأممية، بالنسبة الى الطرف الفلسطيني؟
من الواضح ان إسرائيل كانت توهم العالم باننا في أرض متنازع عليها وكانت تتصرف على هذا الاساس... واليوم أصبحت فلسطين دولة تحت الاحتلال ولا يستطيع الكيان الاسرائيلي اليوم ان يجادل بأن هذه الارض والمناطق التي تسيطر عليها إسرائيل في الضفة الغربية بما فيها القدس هي أراض متنازع عليها بل إنها تحوّلت وفقا لما ينصّ عليه القانون الدولي الى أراض محتلة... ومن شأن ذلك ان يمنح الفلسطينيين امكانية وقدرة أكبر على فرض شروطهم في اية مفاوضات مع الجانب الاسرائيلي. النقطة الأخرى انه لم يكن بوسعنا كفلسطينيين قبل هذا الاعتراف ان نلجأ الى أي من المؤسسات الدولية ولا حتى الى محكمة الجنايات الدولية من أجل مقاضاة الاحتلال على جرائمه بحق شعبنا وأهلنا..
لكن اليوم صار هذا الامر ممكنا... وأصبح بالامكان تقديم شكاوى لدى هذه المؤسسات الدولية على الجرائم الاسرائيلية التي ترتكب على أرضنا... ثم لا يجب أن نغفل ايضا مسألة أخرى في غاية الأهمية وهي ان حصول فلسطين على صفة «دولة مراقب» في الأممالمتحدة يعدّ جزءا من ردّ الاعتبار للشعب الفلسطيني من قبل المجتمع الدولي الذي كان على مدى السنوات والعقود الماضية يتنكّر لحقوقنا وكان في أقصى الحالات لا يدين جرائم الاحتلال..
أكدت في معرض حديثك على استراتيجية عمل للمرحلة القادمة... ماهي، من وجهة نظرك، ملامح وأهداف هذه الاستراتيجية؟ وما هو المطلوب فلسطينيا، اليوم بعد هذا الاعتراف؟
الآن يجب ان نعمل كقيادة وفق استراتيجية جديدة كشعب تحت الاحتلال له حقوقه في العيش والسلام والأمان والحرية... وبالتأكيد ستكون هناك اجتماعات في الأيام القليلة القادمة لتفعيل هذا الانجاز ومواصلة النضال من أجل انهاء كامل لكل أشكال الاحتلال في فلسطين ورضوخ اسرائيل للإرادة الدولية وتطبيق قرارات الأممالمتحدة وأولها القرار 181 والقرار 194 والقاضي بحق اللاجئين في العودة الى بلادهم وقرارهم.