لم تجد الأحزاب السياسية وخاصة أحزاب السلطة الحاكمة سوى توجيه الاتهامات الى أطراف سياسية أخرى حول أحداث سليانة. على مدى أكثر من ثلاثة أيام والشعب لا يسمع إلا الاتهامات المتبادلة لهذا الطرف أو ذاك بالتسبب في الأحداث دون أن ينجح أي طرف في تقديم دليل أمام الناس على الاتهامات الموجهة... كل الأطراف السياسية «ركبت» مرة أخرى على البرامج التلفزية والإذاعية وصفحات الجرائد لتتهم وتستنكر وتتأسف في حين لا يزال الحريق يشتعل ولا تزال أسباب اندلاعه قائمة.
تدرك الحكومة جيدا أنه في سليانة كما في ولايات أخرى الواقع لم يتغير بعد حوالي سنتين من 14 جانفي 2011 وأن المشاكل تعمقت وظروف الناس ازدادت قسوة وأن درجة الأحباط صارت أكبر من قبل.
ليس هذا فيه اتهام للحكومة ولكن فيه رسالة الى أن الحكومة القائمة منذ 10 أشهر لم تنجح في تقديم رسائل طمأنة للناس ولسكان الولايات الداخلية خاصة. للأسف فإن التجاذبات السياسية الحادة هي التي هيمنت على هذه الفترة الانتقالية وهي تجاذبات اذا ما تواصلت فإنها ستهدد عملية الانتقال الديمقراطي برمتها على الحكومة أن تدرك الآن بعد أشهر من عملها أن الكثير من خططها ومن حساباتها كانت خاطئة وأنه ليس عيبا حين تقبل بالاصلاح وبالمراجعة. أجواء الاحتقان التي تعيشها مناطق كثيرة من تونس الآن لن تكون في صالح أي طرف سواء كان في السلطة أو في المعارضة والمجلس التأسيسي عليه اليوم ان يتحمل مسؤوليته كاملة بعد أن أصبح جزءا من المشكل بل إنه في كثير من الأحيان المسؤول الأول عن الواقع الذي تعيشه تونس اليوم.
المجلس التأسيسي تحوّل فقط الى فضاء للصراعات السياسية على حساب المشاكل الحقيقية للمواطن ولم ينجح في محاسبة الحكومة ولم ينجح في تغيير القوانين ولم ينجح في المساهمة في تركيز وتثبيت الدولة العادلة فالعدل كان دائما أساس العمران.