شغلت صور الزعيم فرحات حشاد يوم أمس العديد من الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي، لكن الجدل استمر حول دعوة قايد السبسي إلى استقالة الحكومة في إطار الصراع التقليدي بين أنصار النهضة وخصومها. تبنت العديد من صفحات المعارضة تصريحات السيد قايد السبسي، وخصوصا فيما يتعلق بفشل الحكومة وضرورة أن تقدم استقالتها، وقرأنا في بعض الصفحات المحايدة أن تبني المعارضة وخصوصا اليسار لمواقف قايد السبسي هو عمل تكتيكي ومؤقت لما لديه من جاذبية ودهاء يمكنانه من مواجهة النهضة.
وفي استعراض طويل لأهم الصفحات التونسية وأكثرها شعبية، نكتشف أن الموقف من قايد السبسي يحدده الانتماء السياسي. ففي الصفحات القريبة من النهضة،
نجد حملة منظمة ضده تستعيد كل عناوين المعركة من أن قايد السبسي ومن ورائه نداء تونس يعملان على إعادة التجمع ورموز نظام بن علي من الشباك بعد أن خرج من الباب. وفي هذا المجال، قرأنا في صفحة قريبة من النهضة تعليقا جاء فيه: «يزعم قايد السبسي أن إقصاء التجمعيين هو إقصاء الشعب التونسي، يعني أن الشعب التونسي هو التجمعيين، إذن من قام بالثورة ؟ وضد من ؟».
كما أخرج بعض نشطاء النهضة يوم أمس صورا للقائد الأزهر الشرايطي تحت عنوان «شهداء اليوسيفة» بمناسبة إعادة رفات بعضهم إلى أهاليهم مع استعادة الاتهام المباشر للسيد قايد السبسي بأنه ساهم في تعذبيهم وإعدامهم إرضاء للزعيم بورقيبة.
أما في صفحات أنصار المعارضة، فيبدو هذا الرجل سياسيا رصينا حكيما وداهية بإمكانه أن يجمع التونسيين في مشروع دولة مدنية ويبعد البلاد عن خطر الدولة الدينية والتطرف. وقد لقيت تصريحاته الكثير من الإعجاب. وفي صفحات المعارضة أيضا، قرأنا نصوصا كثيرة يزعم أصحابها أن لديهم معلومات أكيدة عن «تشكيلة حكومة تكنوقراط»، والبعض يجازف بذكر الأسماء،
لكن إخضاع هذه المعلومات لأبسط قواعد المهنة يكشف أنها ليست سوى مزايدات وتوقعات لا أصل لها، وإن كانت الكثير من التعاليق السياسية الجادة في الموقع الاجتماعي تتحدث عن توفر كل ضرورات التحوير الوزاري لما بقي من حكم النهضة قبل الانتخابات القادمة أيا كان موعدها.
وفي الأثناء، تعود أخبار مدينة سليانة إلى العديد من صفحات الموقع الاجتماعي، حيث يتهم ناشطون من النهضة خصوما لهم من الجبهة الشعبية بالاعتداء بالعنف على عناصر من النهضة، وتطلق صفحات من اليسار تهما مماثلة ضد أنصار النهضة، وبعضهم من كلا الطرفين لا يتورع عن نشر صور غريبة لأشخاص غارقين في الدماء على أنها لمصابين في سليانة، لكن تبين أنها تخص جرائم حق عام في المملكة المغربية، وهذه معضلة الصفحات التونسية في الموقع الاجتماعي حيث أصبح التزييف ونشر الصور المفبركة هواية يومية يمارسها كثيرون دون أي خجل ويتورط كثيرون في إعادة نشرها قبل التفطن إلى الحقيقة.
وفي يوم أمس أيضا، استعدت العديد من الصفحات للمساهمة في الاحتفال بالذكرى الستين لاغتيال الزعيم الوطني النقابي فرحات حشاد، لكن المشكل أن هذا الرمز النقابي قد أصبح في قلب الصراع بين أنصار النهضة وأنصار اليسار، فقد رأت بعض الصفحات أن يوم الرابع من ديسمبر هو مناسبة أخرى للدعوة إلى توسيع حركة الاحتجاج ضد الحكومة تحت زعامة اتحاد الشغل. وفي بعض الصفحات القريبة من النهضة، قرأنا تعاليق يعتقد أصحابها أن فرحات حشاد، لو كان حيا لما قبل برمي اتحاد الشغل في معركة السياسة.
وعندما يتعلق الأمر باتحاد الشغل، يشن أنصار النهضة حملات ضارية على القيادة النقابية، ويتهمونها ب«تأطير اليسار المتطرف وتوفير الغطاء النقابي له لتعطيل عمل الحكومة وإرهاقها بالإضرابات والاحتجاج»، كما قرأنا في إحدى أكثر صفحات أنصار النهضة شعبية يوم أمس.