ساد الجدل لدى الأوساط السياسية في ظل الحديث عن مشروع قانون التحصين السياسي للثورة الذي اقترحته حركة النهضة بمعية بعض الكتل داخل المجلس الوطني التأسيسي، وقد تباينت الآراء بين مبارك ومستنكر، ولكن ما رأي ممثلي الأحزاب السياسية في جهة نابل؟ «الشروق» حاورت عددا من هؤلاء السياسيين فكانت هذه الآراء والتأويلات المتضاربة.
«الهدف الأول من هذا القانون هو تحميل المسؤولية الأخلاقية والسياسية لكل من كان مسؤولا في النظام السابق وعلى رأسهم التجمعيون» الكلام لعضو المكتب المحلي لحزب حركة النهضة بدار شعبان الفهري سامي خلف الله الذي أضاف: حتى وإن لم يجرموا بصفة مباشرة في حق الشعب فإني اعتبر سكوتهم عن الظلم ومساهمتهم في منظومة الفساد والاستبداد أكبر جرم».
وأشار خلف الله إلى أن فترة الفساد والاستبداد التي دامت أكثر من عقدين نجحت في تكوين شبكة علاقات عنكبوتية في الداخل والخارج، وهي الآن نافذة في أجهزة الدولة ومؤسسات المجتمع المدني وتعمل ضد الثورة، إذ نجحت في تجميع المال السياسي الفاسد الذي سيكون له دور كبير في إنتاج ودعم أحزاب وتيارات سياسية معادية للثورة وتوفر الغطاء السياسي لكل أزلام النظام البائد من تجمعيين ورجال أعمال فاسدين ويسار انتهازي استئصالي». وأضاف أن «حركة نداء تونس دليل قاطع على هذا المنحى الجديد للالتفاف على الثورة سياسيا من خلال توظيف وسائل الإعلام التي لا تزال بنسبة كبيرة في خندق الثورة المضادة بالنظر إلى انخراطها في منظومة الفساد والاستبداد حيث وفرت خلال النظام السابق الغطاء الإعلامي بتكذيب الصادق وتصديق الكاذب».
وختم بأنه «من المنطق والمشروع أن تحصن الثورة نفسها من هذه المخاطر لفترة حتى تتمكن من تأسيس مؤسسات ديمقراطية حقيقية تحصن بها أهدافها.
«يستهدف قايد السبسي شخصيا»
«تحصين الثورة مسألة ضرورية في خضم ما نعيشه اليوم من محاولات لإجهاض هذا الحلم» هذا ما يؤمن به زياد الغناي المستقيل حديثا من مكتب حزب المؤتمر بنابل، «لكن الخطورة تكمن في التفاصيل فتحصين الثورة قد يؤدي إلى نظام استبدادي جديد، هذا ما يخيفني أساساً». وأوضح: أن «كتلة المؤتمر كانت أول من قدم مشروع هذا القانون في ماي الماضي إلا أنه لم يلق تجاوبا من أي طرف سياسي، بل لاحظنا مماطلة من شتى الأطراف، ثم نفاجأ بمشروع جديد من حركة النهضة. . هذا ما يفتح باب التأويل ويطرح عديد الأسئلة حول الجدوى رغم حرصنا على الوقوف أمام أي محاولة لإجهاض هذه الثورة بشتى الطرق».
أما المنسق المحلي لحركة نداء تونس بنابل محمد الزين فأكد أن «هذا القانون يُراد به عزل وإقصاء الخصوم السياسيين لحركة النهضة»، ويذهب إلى أكثر من ذلك إذ يعتبر أن «قانون العزل السياسي يستهدف رئيس حركة نداء تونس الباجي قائد السبسي شخصيا».
وأكد أن حزبه «لم يبق مكتوف الأيدي بل إن رئيسه دعا إلى تكوين خلية أزمة لتدارس المستجدات الطارئة خلال الأيام القليلة القادمة بمدينة سوسة».
وأضاف أنه «مع محاسبة كل من ثبت تورطه في منظومة الفساد لكن القضاء هو الجهة الوحيدة المخول لها النظر في مثل هذه المسائل ولا يحق لأي حزب أن يقصي حزبا آخر تحت أي غطاء كان». وفي نفس المنحى اعتبر عضو الحزب الجمهوري هشام بالحاج حميدة أن «حركة النهضة اقتنعت بأن التوازنات الانتخابية اختلفت عما كانت عليه قبل انتخابات 23 أكتوبر فأرادت خلق إطار قانوني لعزل وإقصاء خصومها السياسيين الذين تعتبرهم منافسين جديين لها».
وأكد أن «العدالة الانتقالية هي التي يمكن من خلالها محاسبة كل من أخطأ وأجرم في حق الشعب التونسي مهما اختلفت توجهاتهم الفكرية والسياسية»، وشدد على أن «هذا القانون يمس بدرجة أولى بسمعة البلاد وإلتزاماتها الدولية».
«على مقاس النهضة»
«هذا القانون صيغ على مقاس حركة النهضة» الكلام لعضو حزب العمال بنابل شكري مامي الذي يوضح: «هو قانون جيد لكن أريد به باطلا وهو إقصاء الخصوم السياسيين وعلى رأسهم نداء تونس» وشدد على أن «القضاء هو الوحيد المخول لها محاسبة الفاسدين»، وذكّر برأي حزب العمال الذي ينادي دوما بإقصاء التجمعيين الضالعين في منظومة الفساد. صدى هذه الآراء المعارضة نجده لدى رئيس المكتب المحلي لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين بنابل وليد بن سليمان فهو يعتبر «الهدف من هذا القانون هو هيمنة حركة النهضة على مفاصل الدولة وإقصاء خصومها السياسيين لغايات انتخابية»، ودعا إلى «القطع مع كل مظاهر الاستبداد الذي يمكن أن يعود بأشكال مغايرة خاصة من خلال المحاسبة الجماعية»، ونبه إلى عدم التدخل في عمل القضاء الذي من مشمولاته النظر في مثل هذه القضايا.
التخوف كان السمة المشتركة بين ممثل حركة النهضة وممثلي الأحزاب المعارضة، فحركة النهضة متخوفة من عودة ما أسمتهم بأزلام النظام السابق فعملت على محاولة إغلاق الطريق أمامهم فيما خصومها السياسيون متخوفون من أن تكون خلفية هذا القرار هي رغبة في الإقصاء السياسي أكثر منها رغبة في تحصين الثورة.