نرمين الزواري.. طفلة تونسية لم تتخط ربيعها الخامس عشر.. انتشرت حولها الروايات منذ أن غابت عن أهلها في ظروف غامضة قبل أكثر من شهرين.. هاتفتنا والدتها من فرنسا أكثر من مرة، ثم زارتنا بمكتب «الشروق» بالمهدية لتروي مأساتها. السيدة نجلاء بوزيد والدة الطفلة نرمين الزواري عادت مؤخرا إلى أرض الوطن بعد أن أعيتها الحيلة، وبعد أن بدأ الأمل يتلاشى في العثور على فلذة كبدها القاصر واحتضانها من جديد قالت والدموع تترقرق في مقلتيها.. نرمين تلميذة مجتهدة وخلوقة تدرس بالسنة التاسعة أساسي تركتها في منزل جدتها برجيش وهاجرت إلى فرنسا بحثا عن حياة كريمة، وقد كنت على اتصال دائم بها، وتجمعنا علاقة طيبة، إلا أني لاحظت أن سلوكها بدأ يتغير خلال زيارتي إلى تونس في الصيف الماضي، حيث أصرّت على ارتداء النقاب بعد الحجاب رغم معارضتي لذلك، وأصبحت «تحرّم» الصور المعلقة على الجدران، والاختلاط بين الرجال والنساء وغيرها من المسائل التي تبدو عادية في المجتمع التونسي.
وأضافت السيدة بوزيد رغم كل النقاشات التي دارت بيننا لإقناعها بالتخلي عن هذه الأفكار التي لا تناسب سنها، ومواصلة دراستها، إلا أنها أصرّت على المضي في طريقها، بل والهروب من منزل جدتها منذ يوم 23 أوت المنقضي الذي يصادف ثالث أيام العيد لأبقى على اتصال بها عبر الهاتف، وشبكة التواصل الاجتماعي «الفايس بوك» إلى غاية يوم 29 أوت على الساعة الرابعة مساء تاريخ اختفائها، وانقطاع أخبارها نهائيا، ولتبقى آخر الكلمات التي رددتها ترن في أذني «اللّي ما حبّيتوش نعملو هاني عملتو.. سامحوني».
حكايات أشبه بالخيال روتها والدة نرمين بحرقة بالغة، وبلهفة أم تجهل مصير فلذة كبدها، بداية من الفتاوى التي تصلها عبر الإرساليات القصيرة من شيوخ خليجيين مثل الشيخ «ربيع» والشيخ «رسلان» بعد أن استخرجت سجل المكالمات الهاتفية بإذن قضائي (أمدتنا بنسخة منه)، ووصولا إلى الحديث عن «أمير» الجماعة، وتنقلها بين عدد من الجهات حسب نفس سجل المكالمات على غرار سوسة وشنني بقابس.
وتابعت السيدة بوزيد قائلة إنها فقدت نكهة الحياة، ولم تعد تنام إلا بالأقراص المهدئة، متوجهة بنداء جديد إلى نرمين بالعودة إلى عائلتها بعد أن فشلت كل النداءات السابقة التي بثتها عبر الصحف والإذاعات والتلفزيونات، ومصرّة على أن ابنتها القاصر تعرضت إلى عملية «غسيل مخ»، وقد اختُطفت غصبا على حين غفلة منها.. فهل تستجيب نرمين للنداء وتعود إلى حضن والدتها الموجوعة التي هدّها الانتظار، وأرهقتها الحيرة؟