بصرف النظر عن كل التجاذبات في الساحة السياسية فإن الاضرابات الجهوية التي شملت أمس الأول أربع ولايات هي صفاقس وقفصة وسيدي بوزيد والقصرين أثبتت أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو القوة الاجتماعية الأكبر والأقدر على التحرك في الساحة... الاضرابات الجهوية الأربعة التي كانت بمثابة رد الفعل السريع من الهياكل النقابية الجهوية على الاعتداء على الاتحاد كانت الرسالة الأولى من النقابيين قبل الاضراب العام يوم الخميس 13 ديسمبر 2012. هناك اعتراف من مصادر رسمية بأن نسبة الالتزام بالاضراب في الولايات المعنية كانت مرتفعة وشهدت الولايات مسيرات كبيرة لن ينكر أحد أنها ضمت عاطلين وعاملين ومواطنين يتضامنون مع الاتحاد ولكنهم أيضا يعيشون واقعا اجتماعيا واقتصاديا صعبا يدفعهم حتما للإضراب والتحرك والتظاهر وبالتالي التضامن مع الاتحاد العام التونسي للشغل.
صراع
أحداث ساحة محمد علي الأخيرة «فجرت» صراعا الآن ليس فقط بين الحكومة والاتحاد بل بين النهضة الحزب الحاكم والاتحاد وتجلى ذلك بعمق في تصريحات القياديين من الجانبين وهي تصريحات كانت في أغلبها «نارية» وحادة وساهمت وتساهم في تأجيج الأوضاع.
رسالة
الاتحادات الجهوية للشغل وجهت رسالة أولى للحكومة وللنهضة قبل الإضراب العام يوم 13 ديسمبر 2012 ومفادها أنه على الجميع أن يدرك الآن أن الاضرابات بصرف النظر عن نسبة نجاحها فإنها قادرة على ارباك أية سلطة مهما كانت تبريراتها ومهما كانت «قوتها» ومهما كانت شعبيتها والحكومة الآن مسؤولة بدرجة أولى عن الوصول إلى حلول بعيدا عن العنصر الذاتي وبعيدا عن التجاذبات الداخلية التي صرنا نقف عليها الآن بشكل واضح وهو ما يدعوها إلى مد جسور التواصل مع قيادة الإتحاد لإيجاد الحلول الكفيلة بطي صفحة هذه الأزمة.
على السلطة وعلى الحكومة أن تعرف وتدرك معنى الرسالة الأولى وأن تعمل الآن وتبادر للوصول إلى حلول وتفادي ما قد يحدث وما يأتي. ليس أخطر على البلاد الآن من «التورط» في صراع بين اتحاد الشغل وحزب حاكم فقد شهدت تونس أزمات في تاريخها بسبب مثل هذه الصراعات وكان وقعها كبيرا وكانت نتائجها وخيمة وتركت آلاما وجراحا وأحقادا أيضا. الجميع يتفق الآن أن حالة الاحتقان التي تزداد يوما بعد يوم لابد من بيده السلطة وبيده الحل أن يبادر إلى إنقاذ الموقف.