أخذت أزمة الاضراب العام منعرجا حادا فقد أصبح الصراع الآن مباشرا بين الاتحاد العام التونسي للشغل وحركة النهضة.. الكثير من رجال السياسة والمحللين لم يتوقعوا ربما أن يتورّط أي حزب سياسي في صراع مفتوح ومكشوف مع الاتحاد العام التونسي للشغل المنظمة الوطنية والاجتماعية الأقوى على مرّ التاريخ التونسي.. هل قدر الاتحاد العام التونسي للشغل أن يظلّ دائما في صراع مباشر أو خفي مع الحزب الحاكم.. كان ذلك الصراع زمن الحزب الحاكم أما الآن بعد 14 جانفي 2011 فإن للصراع طبيعة أخرى وتفاصيل أخرى..
اتهامات
اليوم هناك اتهامات توجّه الى الاتحاد العام التونسي للشغل بأنه كان في هدنة مع نظام الرئيس السابق بن علي طيلة 23 سنة لكن طيلة كل تلك السنوات كان الاتحاد مستعصيا على الحزب الحاكم التجمع الدستوري الديمقراطي حينها الذي عجز عن اختراقه. لماذا تختار النهضة الآن وهي في الحكم أن تدخل في صراع معلن ومباشر مع الاتحاد العام التونسي للشغل؟ ما يحدث اليوم فاجأ الكثير من المحلّلين والمتتبّعين للشأن العام التونسي كان يمكن لحزب حركة النهضة تجنب مثل هذا الصراع وتجنب الدخول في مواجهة مع المنظمة صاحبة الإرث التاريخي والنضالي الكبير في تونس.
كان يمكن تجنّب ما حدث في ساحة محمد علي وكان يمكن لكل أولئك الأنصار أن يتجنّبوا في ذلك اليوم وفي ذلك المكان مهمة الدفاع عن الحكومة. هل الحكومة اليوم تحتاج فعلا الى الدفاع الحزبي في وقت صارت تعرف فيه الساحة السياسية صراعات وتجاذبات حادة ستؤدي حتما الى تحالفات جديدة والى إعادة تشكيل المشهد السياسي الى ما لم يكن متوقعا..
صراع
الصراع لم ينحصر بين الاتحاد والنهضة فقط فالاتحاد وجد الى جانبه أحزابا مستعدة للدفاع عنه وهو أمر يقلب الموازين حتما.. وهناك حقيقة الآن وهي أن الأحزاب التي تساند الاتحاد ودعمت الاتحاد هي نفسها الأحزاب التي كانت تعارض نظام بن علي ولكنها كانت دائما تقف مع الاتحاد وتعتبره منظمة وطنية مناضلة. رابطة
والى جانب الأحزاب يحظى الاتحاد الان بدعم رابطة حقوق الانسان والتي كان الاتحاد في سنوات أزمتها مع النظام السابق حليفا ومساندا لها وفتح لها مقراته وكان أعضاء قيادته يحضرون في اجتماعاتها ونشاطاتها وكان الاتحاد العام التونسي للشغل في لوائحه وبياناته يطالب بالعفو التشريعي العام ويطالب بحرية الاعلام وبالحريات العامة والفردية.. وفي أحداث الحوض المنجمي في سنة 2008 كان الاتحاد وكان النقابيون في طليعة المساندين .. لا أحد ينكر هذا إلا من يريد أن يحتكر «الثورة» لنفسه ولمناضليه فقط.
لا يمكن لحزب أي حزب أن يربح من صراعه مع النقابات هذا الأمر ليس في تونس فقط بل في كل بلدان الدنيا.. على الحكومة أن تدرك الآن أنها في كل الحالات ستكون هي الخاسر يوم الاضراب مهما كانت نسبة نجاحه التي سيعلن عنها.. وعلى الحكومة أن تدرك الآن أنها وحدها المسؤولة عن فتح باب الحوار مع الاتحاد وتجنّب «الأزمة» وعليها أن تدرك أنها لن تكون في حاجة الى أحزاب تدافع عنها.