أول تعليق من القاهرة بعد اختطاف 3 مصريين في مالي    المنتخب التونسي للبايسبول 5 يتوج ببطولة إفريقيا    ظافر العابدين في الشارقة للكتاب: يجب أن نحس بالآخرين وأن نكتب حكايات قادرة على تجاوز المحلية والظرفية لتحلق عاليا في أقصى بلدان العالم    عفاف الهمامي: المواظبة على التعلم تمنح كبار السن قدرات إدراكية تحميهم من الزهايمر    خطير: النوم بعد الحادية عشرة ليلاََ يزيد خطر النوبات القلبية بنسبة 60٪    هام: مرض خطير يصيب القطط...ما يجب معرفته للحفاظ على صحة صغار القطط    تحذير من تسونامي في اليابان بعد زلزال بقوة 6.7 درجة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    شوف وين تتفرّج: الدربي ومواجهات الجولة 14 اليوم    التشكيلات المحتملة للدربي المنتظر اليوم    تعرفش شكون أكثر لاعب سجل حضوره في دربي الترجي والإفريقي؟    سحب وأمطار بالشمال وانخفاض طفيف في الحرارة    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    اختتام الدورة الثالثة للمهرجان الوطني للمسرح التونسي "مواسم الإبداع": مسرحية "الهاربات" لوفاء الطبوبي تُتوّج بجائزة أفضل عمل متكامل    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    عاجل-أمريكا: رفض منح ال Visaللأشخاص الذين يعانون من هذه الأمراض    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    تونس: ارتفاع ميزانية وزارة الثقافة...علاش؟    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"النهضة" تتأرجح بين حمائمها وصقورها.. فلمن الغلبة؟
ملف :سنوات الجمر "تحرق" التونسيين

: أزمة صامتة أحيانا وصاخبة أحيانا أخرى بين النهضة والمعارضة
الحركة غازلت المنظمة الشغيلة والتجاذبات لا تخدم الحكومة
أوضح الدكتور عبد اللطيف الحناشي (أستاذ التاريخ المعاصر) حول موضوع "النهضة وممارسة الحكم في العلاقة بالمعارضة" أنه:
"من البديهي القول أن حزب "النهضة" حديث العهد بالحكم؛ وقد وصل الى ذلك عن طريق انتخابات نزيهة وشفافة وباشر ممارسة السلطة مع حزبين آخرين هما حزب "المؤتمر من اجل الجمهورية" و"التكتل من اجل العمل والحريات"، ورغم ما يشق هذا التحالف من تباينات فكرية وأحيانا سياسية غير ان ذلك لم يمنع تلك الأطراف من الاتفاق حول اقتسام السلطة على أساس خطة معينة أو ما يمكن أن نسميه "برنامجا" حكوميا لا تبدو أسسه واضحة..وأوجد هذا "التحالف الآني" معارضة تشكلت من أحزاب (ومستقلين)ممثلين في المجلس التأسيسي ومن أطراف غير ممثلة في المجلس. ومنطقيا يمكن القول إن المعارضة برزت في مواجهة حزب "النهضة" بداية ثم التحالف الثلاثي في ما بعد..كما يمكن القول ان مواقف المعارضة تجاه هذا الحلف تبدو متباينة ومتفاوتة في العام...ولكن إذا تحدثنا عن المعارضة الممثلة في المجلس التأسيسي تحديدا وعن موقف حزب النهضة او سلوك هذا الحزب تجاه تلك المعارضة فإننا نلاحظ أن هناك أزمة صامتة أحيانا وصاخبة في أحيانا أخرى تحكم العلاقة بين النهضة والمعارضة الأمر الذي انعكس سلبا على الأوضاع العامة بالبلاد.»
رفيق الأمس
ويقول أيضا:» فمن ناحية تنظر المعارضة لحزب النهضة وكأنه قد استأثر بكل شيء من خلال ممارسة نوع من الهيمنة دون اعتبار للمعارضة»رفيقة الأمس» ؛ هذه المعارضة التي رفض البعض منها ان يكون طرفا في الحكومة لأسباب سياسية او فكرية أو الاثنين معا وتجلى ذلك في عدة مواقف داخل المجلس وخاصة عند نقاش تفاصيل «الدستور الصغير» بالإضافة لعدم تشاور حزب النهضة مع المعارضة أو التنسيق معها في قضايا عامة ذات صبغة آنية وأخرى استراتيجية تهم البلاد ككل...لذلك تُتهم النهضة بالتخلي عن روح الوفاق، التي دعت إليه استجابة لما تفرضه المرحلة الانتقالية، بعد أن تمكنت من السلطة
وهو ما ساهم في خلق التوتر بين الطرفين؛ وبالنهاية يمكن القول ان العلاقة بين الطرفين تحكمها أزمة ثقة على خلفية أفكار مسبقة وجاهزة أحيانا وعلى وقع تردد الحكومة وارتباكها أحيانا أخرى في اتخاذ قرارات وإجراءات حاسمة تجاه الكثير من القضايا الملحة أو بعض المواقف والسلوكات الخارجة عن القانون.»
إعلام حر ومستقل
وبخصوص العلاقة مع الإعلام يرى الأستاذ الحناشي أن :
« النظام الديمقراطي يفترض سيادة إعلام حرّ ومستقل وحرية واسعة للتعبير بأشكال مختلفة بضمانة و حماية القانون والدولة؛ الأمر الذي يدعو كل الأطراف السياسية(في السلطة او من خارجها) قبول ذلك وتكريسه على ارض الواقع بل والدفاع عنه. ويظهر أن حكومة ما بعد الثورة، وفي خضمّ ما تواجهه من مشاكل مختلفة ومتنوعة، قد أغفلت، أحيانا، عن تلك المبادئ الأساسية أو تناستها وحاولت تشكيل رؤية او موقف مغاير لتلك الأسس الأمر الذي أدى إلى تصادمها مع هذا القطاع وتجسد سلوكها وممارستها تلك في مسألتين أساسيتين:
تتمثل الأولى في عدم ارتياح الحكومة للأداء الإعلامي عامة والإعلام المرئي خاصة واعتبار جزء كبير منه منحاز بل وأحيانا معاد للحكومة وتوجهاتها بل وتحميل الإعلام مسؤولية تفاقم المشاكل التي تعيشها البلاد لهذا القطاع الأمر الذي قد يفسّر القرارات الإدارية المستعجلة او «الارتجالية» التي اتخذتها الحكومة بالنسبة لهذا القطاع والعمومي منه تحديدا فضاعف ذلك من منسوب عدم الارتياح والشك بين الحكومة وهذا القطاع بل وبين المجتمع السياسي عامة.»
انقلاب ضد قطاع الإعلام
أما المسالة الثانية فهي حسب الدكتور الحناشي :» عدم مبالاتها من الاعتداءات الجسدية واللفظية التي تعرض لها بعض الصحفيين وتهديد بعضهم ثم تلكّؤها في الكشف عن مرتكبي هذه الجرائم وإحالتهم على القضاء، والأهم هو عدم اتخاذ الحكومة الإجراءات الضرورية لحماية الصحفيين أثناء أداء مهامهم وتطبيق أحكام المرسوم الجديد لمجلة الصحافة التي تجرم الاعتداء على الصحفيين أثناء ممارسة عملهم. وفي مقابل ذلك يجب الإقرار أيضا بحقيقتين:
- ان التجاوزات والانفلات ضد قطاع الإعلام قد حصل ايضا في عهد حكومة السيد الباجي قائد السبسي سواء ضد الصحفيين او ضد بعض المؤسسات الإعلامية وذلك من خلال تعيين مسؤولين إعلاميين في القطاع العمومي دون إجراء الاستشارات أو المشاورات الضرورية مع ممثلي القطاع وذلك أمام صمت «مريب» من قبل بعض القوى الوطنية والديمقراطية.
- ان قطاع الإعلام اليوم يعيش عدة تجاذبات وتدخل عدة أطراف بمالها ولسانها بغية توظيف القطاع لأجندات معينة اقصاها إفشال عملية الانتقال الديمقراطي في تونس ..»
موقف متناقض
أحداث كلية منوبة ومن قبلها جامعات أخرى أثارت جدلا كبيرا واستدعت المطالبة بموقف النهضة كحزب وحكومة منها وهنا يقول الدكتور الحناشي:
«يمكن الحديث هنا حول نقطة أساسية وهي موقف الحكومة من قضية السلفيين في الجامعة وتحديدا سلوكهم في الفضاء الجامعي سواء بالنسبة للمنقبات او الافراد الغرباء الذي عبثوا ويعبثون بتواجدهم بالحرم الجامعي؛ اذ يبدو موقف الحكومة متناقضا وغائما وملتبسا في نفس الوقت ويعبر عن ترددها وعدم قدرتها على معالجة المشكل وخضوعها، كما يظهر، لعدة ضغوطات بالرغم من أن القانون الداخلي للجامعات والكليات بل القانون العام واضح في هذا المجال ويمكن الاستناد عليه لمنع تلك الظاهرة(مثلا الحكم القضائي الذي أصدرته المحكمة الإدارية بتاريخ 7 جويلية 2011 بمنع طالبة متنقبة من إجراء الامتحانات)، وقد انجرّ عن ذلك توتر عام في الجامعة التونسية انسحب آليا على الوزارة والأساتذة خاصة بعد السلوك المشين(ممارسة العنف ضد الأساتذة) عند الوقفة الاحتجاجية التي قام بها الأساتذة والجامعة العامة للتعليم ثم سلوك بعض الاداريين في الوزارة تجاه الأساتذة أثناء وقفتهم الاحتجاجية من خلال تبينهم لموقف الطالبات المتنقّبات..
ولا شك أن سلوك وزارة التعليم العالي الحالية تجاه مسالة النقاب وتجاه الأساتذة سيضاعف الاحتقان الموجود أصلا بين الطرفين على خلفية المطالب المهنية والإدارية والمادية للأساتذة..»
معالجة الظاهرة السلفية بالجامعة
ويضيف :»وفي نفس الإطار لا بد للحكومة بل المجتمع السياسي والمدني ان يلتفت إلى معالجة الظاهرة السلفية بالبلاد ليس من الزاوية الأمنية فقط لتطبيق القانون عند حدوث التجاوزات بل من زوايا أخرى فكرية واجتماعية وسياسية وإعلامية وعدم السقوط في التضخيم المبالغ فيه لهذه الظاهرة؛ فهؤلاء لم يسقطوا من السماء و لم تستوردهم البلاد بل هم إفراز طبيعي للتحولات الداخلية والعالمية؛ والمطلوب العمل على تفهمهم والاستماع إليهم حتى لا يتحولوا إلى ظاهرة قد تشكل خطرا على المجتمع وعلى البلاد ككل.»
علاقة عادية مع الاتحاد
وظل الغائب الأبرز في بداية ممارسة النهضة للحكم «اتحاد الشغ» رغم أن الحكومة غيرت موقفها في ما بعد وغازلت المنظمة الشغّيلة ، وعن هذه العلاقة يقول محدثنا:
«لا تبدو علاقة الحكومة بالاتحاد العام التونسي للشغل، إلى هذه الساعة، متوترة حسب رأيي. صحيح انه ساد توتر بين الاتحاد وبين احد أطراف التحالف في البداية ويظهرأن الموضوع قد وقع تجاوزه بين الطرفين. ويظهر ان حكومة السيد حمادي الجبالي وقيادة الاتحاد الجديد على اتفاق ضمني، على الأقل ، للحوار والتفاعل والتشاور في القضايا التي تهم الطرفين كما يبدو موقف الحكومة متفهما، في هذه اللحظة على الأقل، لدور الاتحاد وتاريخه وحجمه وفعله ومكانته..»
ويضيف قائلا :»لاشك أن التوترات والتجاذبات بين الحكومة والأطراف التي تحدثنا عنها في ما يخص قضايا نعتبرها جوهرية لا تخدم الحكومة وحزب النهضة تحديدا وبشكل عام لا تخدم الشعب التونسي إن استمرت. فحزب النهضة مطالب اليوم داخليا وخارجيا بإنجاح هذه التجربة الفريدة في العالم العربي التي تراهن عليها القوى الدولية وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية الوازنة دوليا وإقليميا التي تعتبرها نموذجا يمكن تسويقه؛ لذلك فإن حزب النهضة الذي يقود الحكومة اليوم مطالب بالتفاعل الإيجابي مع جميع مكونات المشهد السياسي والمدني بالبلاد بأكثر ما يمكن من المرونة وتجسيد شعارات الثورة ومواجهة التجاوزات والخروقات التي تستهدف تلك المكتسبات بالكثير من الحكمة والتبصّر وعدم الغرور والاستئساد..»

هل بقيت النهضة وفية لمرجعيتها الإسلامية؟
عن سؤالنا هل بقيت النهضة وفية لمرجعيتها الإسلامية بعد إن تحولت لحزب مدني ؟ يجيب الدكتور الحناشي بالقول:
«الحديث عن التماسك الفكري والسياسي داخل حزب النهضة مبالغ فيه حسب تصورنا، ووفاء الحزب لخلفيته الدينية نسبي أيضا. ففي داخل هذا الحزب رؤى وتوجهات مختلفة و متباينة وهي نتيجة طبيعية للظروف التي مرّ بها الحزب ومناضلوه...فالذين اضطروا للعيش في المنافي هم غير الذين ظلوا في السجون طيلة فترات طويلة وجميع هؤلاء هم غير الذين عملوا في البلاد تحت الأرض. فالفئة الأولى من حزب النهضة اكتسبت معرفة وتجربة سياسية مختلفة طيلة وجودها سواء في الغرب أو في الشرق؛ في حين ظلّ قطاع هام من الفئة الثانية متمسكا بقناعات وأفكارالحزب أو الحركة الأصلية في الوقت الذي اندمجت فيه شخصيات هامة من هذه الفئة ضمن السياقات ورؤى الحزب الجديدة ؛ بل نجدها اليوم تقود العملية برمتها في الوقت الذي تنكفىء فيه بعض الشخصيات والأطراف دون ان تتفاعل بحماس مع المشروع الجديد للحزب ولا شك أن المؤتمر القادم للحزب سيوضح الكثير من المسائل والقضايا الفكرية والسياسية والتنظيمية....وتعبر التصريحات والمواقف المتناقضة، أحيانا، لقيادات النهضة عن هذا الواقع.»

«الإخوان « في مصر متمسكون ب»المظلة» الإسلامية
بدأت جماعة «الإخوان المسلمين» كحركة مناهضة للحكم تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وهي تعد، حسب مراقبين، أكثر الحركات استمرارية وتمسكا بخلفيتها الإسلامية، وقد يفسر ذلك في جانب منه بأنّ الجماعة لم تنشأ كحزب سياسي وإنّما كجمعية دعوية.
وعلى الرغم من أنّ الجماعة انخرطت في الحياة السياسية بهدف تغيير النظام، فإنّ النظام نجح في دفعها إلى تعديل توجهاتها وفكرها، وعلى خلاف الحركات الإسلامية الأخرى نجح الإخوان في تسجيل حضور أقوى في الحياة السياسية في ظل الأنظمة القمعية، فقد شاركت خلال السنوات الأخيرة في انتخابات المجالس المحلية والانتخابات البرلمانية. وقد عارض أعضاء من الإخوان ذلك خوفا على أن يؤدي الأمر إلى المس من مبادئ الجماعة.
ويرى محللون أنّ «الإخوان» أصبحوا اليوم أكثر انفتاحا على اللبرالية والعلمانية إلا أنّهم لن يتخلوا عن خلفيتهم الإسلامية بل سيعمدون إلى مزيد التصرف ببراغماتية، إذ يقود الإخوان اليوم «جناح المحافظين البراغماتيين» الذي يجمع بين المحافظة الدينية والانفتاح على التيارات والتوجهات الأخرى من خارج الحركة.
أروى الكعلي

المستقبل السياسي لحركة النهضة
صراعات «خفية».. تحذير من الانتحار السياسي.. ودعوة إلى إعادة «الرسكلة»
بعد شهر وأيام معدودة فقط من تسلمها مقاليد السلطة ضمن «الترويكا» وجدت حركة النهضة نفسها أمام الكثير من التحديات التي ازدادت مع حالات الاحتقان الاجتماعي وتواتر الأحداث وتطورها بشكل سريع قد يكون فاجأها وراوغ صناع قرارها. ويبدو أن المرحلة الدقيقة التي تمر بها على جميع الواجهات أزالت الستار عن صراعات «خفية» بين طرف متشدد وآخر معتدل أو بين الحمائم والصقور على رأي بعض المحللين وهو ما كشفته تصريحات بعض أعضائها داخل المجلس التأسيسي وخارجه بل قد تكون خلطت أوراقها بما يحتم عليها إعادة ترتيب البيت من جديد . وفي ضوء المستجدات والتزاماتها الداخلية وارتباطاتها الخارجية ومختلف أجنداتها يطرح أكثر من تساؤل بشأن مستقبلها السياسي خصوصا بعد الحديث عن تأجيل مؤتمرها بل إن البعض حذرها من الانتحار السياسي بما يدفعها إلى ضرورة تعديل بوصلتها ومراجعة مواقفها حيال عديد المسائل الجوهرية و رسكلة جمهورها الواسع إلى جانب ضرورة سعيها إلى تجاوز جيوب الشد إلى الوراء استعدادا إلى الاستحقاقات الانتخابية القادمة .
وحول الرهانات التي تواجهها حركة النهضة اليوم لم يخف الدكتور إعليّة العلاّني أنها تعيش أدق وأصعب فترات حياتها السياسية. فتأشيرة العبور إلى الانتخابات القادمة تمرّ حتما عبر حلّ المعضلة الاجتماعية، وتسجيل نسبة نمو محترمة والتصالح مع النخب الإعلامية والسياسية والفكرية، فما نشهده من «محاكمات رأي» مثلما هو الشأن في قضية قناة «نسمة»، أو من سيطرة السلفيين على بعض الجامعات مثل الذي حدث في منوبة وسوسة لا يبشر بخير لنمط المجتمع الذي ينتظره غالب التونسيين. ومن الظواهر السلبية الأخرى ما نشهده من غياب للدولة وللأمن في بعض المناطق وبعدة فضاءات جامعية والتي أصبحت مهددة في دورها وفي إشعاعها. وتابع بالقول «أخشى ما أخشاه، في صورة تواصل مظاهر الانفلات الأمني بالجامعة، أن يؤثر ذلك على مستوى التحصيل العلمي وتتدحرج بالتالي مصداقية شهائدنا العلمية في الخارج. ولا أخال أن المستقبل السياسي لحركة النهضة سيكون واعدا في غياب جامعات محترمة أو في تهميش نخب البلاد سواء كانوا في مجال السياسة أو الاقتصاد أو الإعلام أو الفكر.»
تجاوز جيوب الشد إلى الوراء
وشدد إعليّة العلاّني على إن المطروح بإلحاح على حكومة الجبالي أن تعلن عن مبادرة سياسية يكون لها اثر عميق، حتى وإن اقتضى الأمر أن تتنازل عن بعض مكاسبها، لان التحديات المطروحة الآن لن تستطيع النهضة ولا «الترويكا» أن تحلها بمفردها. ومن المستعجل والضروري أن يدخل السيد حمادي الجبالي وشريكاه في الحكم في مشاورات مع النخب التي ذكرناها للوصول إلى ميثاق اجتماعي وسياسي يخرج بلادنا من عنق الزجاجة.
وأضاف محدثنا أن عديد الاستنتاجات تستشف من مختلف المجريات أبرزها
إن حركة النهضة مدعوة إلى تحيين ثوابتها النظرية حتى يتأكد الرأي العام في الانتخابات القادمة من النمط المجتمعي الذي سيصوت له. وهذا يفرض على الحركة الإسراع بعقد مؤتمرها قبل الانتخابات القادمة لا بعدها مثلما يروج حاليا داخل الكواليس.
إن الناخبين في المستقبل سيأخذون العبرة مما حصل وسيكون تقييمهم صارما لمسألة الحريات سواء كانت سياسية أو أكاديمية، وسيكونون كذلك حازمين في مسألة معالجة التفاوت التنموي بين الجهات ومسألة العدالة الجبائية، وسيكونون يقظين تجاه كل المحاولات التي تهدف إلى خنق حرية الفكر والإبداع.
وخلص الى القول «اعتقد أن الأمل مازال قائما في أن تدرك حركة النهضة حدّة الرهانات الحالية والقادمة، وتتخلص من جيوب الشدّ إلى الوراء داخلها قبل أن تتخلص من جيوب الردة داخل المجتمع، ولا شك أن الامتحان صعب لكن النجاح أو السقوط تحددهما طريقة الاستجابة لهذه التحديات.»
مسك الأمور من الوسط
وفي قراءته للمستقبل السياسي للنهضة أكد الدكتور سالم لبيض المختص في علم الاجتماع السياسي انه يبدو أن الحركة متفطنة إلى أن المحطة الانتخابية القادمة لا تقل أهمية عن المحطة الانتخابية الفائتة فالاستقرار في الحكم لن يبدأ إلا بعد الانتهاء من صياغة الدستور. ولهذه الأسباب تبدو سياسات النهضة في هذه المرحلة أنها تحاول أن تمسك الأمور من وسطها ذلك أن المشهد الانتخابي القادم سيكون مختلفا حيث ستتكتل القوى التي كانت متشظّية وحيث سيختبر الناس بعض سياسات الحكومة التي تصنف على أنها نهضويّة بالرغم من أنها مشاركة فيها .
وتابع محدثنا قائلا:»وحيث سيتشكل رأي عام انتخابي جديد بعد المدة الطويلة نسبيا التي فصلته عن حكم بن علي والتي من المفترض أن تسود فيها تقاليد جديدة من ابرز مميزاتها التخلص من الخوف وربما كذلك ضعف الحشد الانتخابي الذي استفادت منه النهضة المنصرمة ومن حيث هي تشعر أو لا تشعر فان أعداء يتشكلون حول النهضة ويستفيدون من أخطائها وهذه الأخطاء متأتية من سلوكيات قيادية إذ يوجد من قواعد النهضة من لم يتمثل بعد شروط العمل السياسي في مجتمع تعددي وديمقراطي ويوجد كذلك في داخلها من يحتكم إلى مرجعيات غير المرجعية السياسية للنهضة وهؤلاء اقرب في تفكيرهم إلى السلفية وان كانوا منتظمون نهضويا «.
إعادة «رسكلة»
وحول التحديات المستقبلية للحركة شدد سالم لبيض على أن النهضة في حاجة إلى إعادة «رسكلة» جمهورها الواسع وهذه «الرسكلة» احتاج إليها كذلك بعض القادة الذين يصرحون من حين لآخر بمواقف تجد قيادة النهضة نفسها تتبرأ منها أو تلملمها في أحسن الأحوال .وربما كذلك النهضة في حاجة إلى اليوم أن تضيف إلى برنامجها السياسي المعلن والواضح في نقاطه بقطع النظر عما يتضمنه أن تضيف مرجعية فكرية محددة حتى لا تعود عليها بالوزر فتاوى يصدرها مفتون ودعاة ربما هي في حل منهم ولكن القواعد تتأثر بها فتنتهي إلى أن تحسب عليها من وجهة نظره. وفي تفسيره لتلك الفتاوى قال لبيض:» ومن تلك الفتاوى ما هو متعلق بتنظيمات جهادية وأصولية يبدو أن النهضة في ما هو معلن في قياداتها قد قطعت معه قطعا نهائيا. وأجد أن النهضة تحتاج لأعدادها للمرحلة القادمة أن تعيد صياغة خارطة تحالفاتها وارتباطاتها الدولية ولكن ذلك لا يمكن أن يحكم بالسياسي فقط وإنما يجب أن يكون مرتبطا بالمرجعية الفكرية التي ذكرتها .فالرأي العام في تونس تأثر خلال السنوات المنقضية بنوع من الحسم الإيديولوجي في القضايا الكبرى لاسيما القضية الفلسطينية والقضايا مع الغرب وما يرتبط به من استعمار جديد ؛ كل ذلك من الأمثلة التي تستوجب من النهضة مراجعتها وإعادة النظر فيها حتى تكون قادرة على ما كسبته من قاعدة جماهيرية هي في واقع الأمر متحركة ومن يخطبون ودها كثر»
دواعي تأجيل المؤتمر
وفي قراءته لدواعي تأجيل مؤتمر حركة النهضة الذي تم تأجيله إلى جويلية المقبل مبدئيا بعد أن كان من المقرر تنظيمه في مارس المقبل ذهب سالم لبيض إلى القول:» ربما يفسر التأجيل أن تجربة الحكم قد تكون أهم من إنجاز المؤتمر لأن المؤتمر ينتظر والمشاركة في الحكومات لا تنتظر إذ هي مرتبطة بشعب كامل ناهيك أن مؤتمر حركة كبرى مثل النهضة يستوجب منها إعدادا جيدا حتى تستطيع أن تحتوي جميع الاختلافات والتناقضات وحتى الصراعات الموجودة بداخلها وإدارتها بطريقة جيدة؛ وقيادات النهضة تدرك حجم مثل تلك المسائل على حد تعبيره.
م.ص.ر

رئيس لجنة الدفاع عن المحجّبات يدعو الحركة الى تعديل مواقفها
قال وسام عثمان رئيس لجنة الدفاع عن المحجّبات بتونس ورئيس جمعية الشبان المسلمين بتونس إن النهضة تخطب ود التيار العلماني واليساري على حد وصفه وفي المقابل تخسر شريحة كبيرة من الشباب المتدين والشباب السلفي . وتابع قائلا: «موقف حركة النهضة دائما قمعي وهو ما عكسته أحداث كليتي سوسة ومنّوبة إلى جانب تنديدها بالتحركات ضد قناة «نسمة» وحث شبابها على عدم التحرك. كنت في اعتصام منوبة وتدخّلت بعض عناصر من النهضة ودعتنا إلى فك الاعتصام دون مكاسب وهو ما جعلنا نشكك في مرجعيتها الإسلامية أصلا . وفي اعتقادي إن النهضة ليس لها قاعدة شبابية والدليل ان الشباب النهضوي لم يقدر على تنظيم بعض الأنشطة .ولابد أن أدعو الحركة إلى تعديل مواقفها لأن خساراتها الحالية ونهجها السياسي سيكلفانها الكثير».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.