كم أنت وحدك يا ابن أمتي.. يا ابن لغتي وثقافتي وحضارتي وهويتي وماضي وحاضري ومستقبلي .. كم أنت وحدك يا ابن أمتي .. يا ابن أحلام أمتي بالوحدة والتحرر .. بالمقاومة والديمقراطية .. بالأصالة والتجدد.. بالاستقلال والتمرد.. كلنا تونس .. نظمتها شعرا بعد أن تعمدت الثورة وتطهرت فكرا ومشروعا في ذهنك وخيالك
كلنا تونس .. حبرتها أبياتا وحلمت بها واقعا متجسدا في ميادين الخليج وفي ساحات الدوحة .. تمثلتها انتفاضة شعبية ضد الظلم والطغيان والاستبداد والحيف والقهر والاستعباد والظلامية والفساد والوراثة والعمالة والارتهان للقواعد العسكرية الأمريكية والخنوع والخضوع للإرادة الصهيو أمريكية وضد سياسة التآمر والفتنة ... تصورتها ثورة في كل أحياء الدوحة وفي أزقتها , في كافة طرقها وميادينها ... رأيتها ثورة على قنوات البث المباشر ومحطات التغطيات المستمرة وفضائيات «شهود العيان» ووسائط التثوير والتحريض ... ولكنك كنت وحدك في حلمك يا ابن أمتي ..
كنت وحدك في ثورتك في قطر .. ففعل «ثار» غير قابل للتصريف وغير قابل للتصدير في بلاد الحجاز ولم تضمنه بعد قواميس اللغة العربية ببلاد الحجاز في معجماتها..
كنت وحدك في انتفاضتك في قطر .. فقنوات النفط والدولار موكولة وموكلة بشن حرب إعلامية قذرة كل الوسائل فيها مشروعة وكل الأدوات فيها مسموحة .. حتى وإن ضربت عرض الحائط كل الأخلاق والأعراف المهنية وكل الضوابط والمحددات الحرفية ... بقيت وحدك يا ابن أمتي في أرض أقيمت فيها أكبر القنوات الفضائية تقنية لا فكرا ولا مشروعا ولا انتماء ولا حضارة لتخفي عوراتها السياسية والقانونية والأخلاقية والاستراتيجية بالتحرش بالعواصم الأخرى.
كنت وحدك يا ابن أمتي في أرض التناقضات والمفارقات.. فالثورة حلال وواجب وفرض عين في القاهرةوتونس وطرابلس ودمشق الشام .. وهي ذاتها محرمة ومن الكبائر التي لا تغفرها توبة نصوح في بلاد الخليج ... وهو ذاته النظام الفاسد البائد الذي يفتي بعض المشائخ بوجوب الخروج عليه وبجواز اغتيال رئيسه أو زعيمه .. هو عينه الذي يعتبره نفس الشيوخ صمام الأمن والأمان وولي الأمر المصان وأحسن ما تفتق به المكان والزمان من سلالة الملوك والسلاطين على مر العصور والأزمان ... إلى حين انقلاب الابن على أبيه السلطان.
كنت وحدك يا ابن أمتي في أرض الملح حسب مقولة عبد الرحمان منيف رحمه الله عز وجل ... لا تنسيقيات للثورة تغطي محاكمتك الجائرة ... ولا إعلاميين شرفاء يقاسمون همك وغمك .. ولا ثوار ينزلون إلى الساحات بصورك في جمعة إطلاق سراح الشاعر القطري محمد العجمي.. ولا متظاهرين يهتفون ضد قرار السجن المؤبد.. باطل .. وضد أمير بلادك .. باطل أيضا..
ولكنك كنت الواحد الجامع .. كنت أمة أيها العجمي.. كشفت ضعفهم وهوانهم أمام كلمة الحق .. فضحت أراجيفهم وادعاءاتهم عن الحرية والتعددية .. أمطت اللثام عن نفاقهم ونفاق صحفييهم وإعلامهم وحتى من يتحدث بلغة الدين والإسلام منهم براء .
كنت الوحيد الجامع .. فقد أسقطت عن بعض «ثوار 15 جانفي في تونس » بقايا عذريتهم الثورية .. أحرجتهم بالحديث عن تونس الثورة في قطر فألجمتهم وأفحمتهم .. فما استطاعوا تعقيبا ولا احترازا .. وحتى إن أمضيت كل عمرك في السجن من أجل الخضراء .. فلن يحركوا جفنا ولا ساكنا.. كنت أمة يا ابن أمتي .. كنت الأسد الوحيد في أرض النعاج وفي زمن النعاج أيضا..