1 رحلة الكاتب المضنية مع المرض أنهته فجأة دون أن تكتمل فرحته بهذا الوطن ودون أن يرى الوطن الجديد الذي ننتظر بزوغه ودون أن يحتفي بروايته الأخيرة منذ صدرت روايته الأولى رماد الذاكرة وأنا وعبد اللطيف صديقي الشاعر والقارئ النهم الذي لم ينقطع يوما رغم مرارة الحياة وضياع المعاني عن التهام الأعمال الأدبية التي ينزف أصحابها
نتخير زمنا للاحتفاء بها وصاحبها لكن صدورها زمن العطلة الأدبية وأحداث ذلك العام قبيل الثورة فوتت علينا الفرصة.وقد احتفل به أصحابه في بيته بالمزونة وظللنا ننتظر لكن مكالمة وردت علي ذات أحد أنهت كل شيئ فأعلمني صاحبي بحزن أن مهذب رحل ودخل في كتاب الغياب...لم يتبق لنا إذن إلا رماد الذاكرة والذكرى ورواية أخرى قيل إنها جاهزة أوتحت الطبع...
«رماد الذكرى»
الرواية التي صدرت ولم تنل حظا إعلاميا أونقديا و«رماد الذكرى»الذي نحاول تحريكه في بعض أصحابه من مثقفين عاشروه وعرفوه وفيهم من توجه اليه الكاتب بإهداء الرواية وأعني الأستاذ علي الهمامي الذي قال عنه في الإهداء ليس لي غيرك أأتمنه على ذاكرتي»ص9.
2 «رماد الذاكرة»
سيرة روائية لا يبدوأنها تجاوزت الواقع التاريخي المادي ففيها أماكن وفضاءات محددة ومعروفة...أسماء معاهد ومقاه ومؤسسات استشفائية وجامعية في مدن معروفة(المكناسي سيدي بوزيد المزونة صفاقسالقيروانسوسة...) وأسماء أشخاص معروفين من طلبة الأمس وأساتذة اليوم...شخوص صارت معروفة اليوم مثل الاستاذ رشاد الضويوي من القيروان والأستاذ المناضل في صفاقس ماهر حنين وبعض أساتذة قسم الفلسفة في كلية رقادة مثل مصطفى كمال فرحات ومحمد محجوب وشخوص آخرين مختلفين منهم من ينحدر من أهله ومنهم من ربطته به الصحبة... يمر بكل هؤلاء في روايته مصرا على قول الحقيقة ونقل تجربته الحياتية...
3 رواية تبدأ بالمرض وتنتهي به وتأخذ بالتالي الشكل الدائري السردي وتكتب في زمن قطري وقومي مريض وعن زمن رديء لكنه تحول في فترة ما إلى ذكريات حلوة لأن الواقع أشد رداءة ومرارة...يتحدث الكاتب بعمق عن مرضه ومعاناته بين المستشفيات والمصحات فتتحول الرواية في بعض فقراتها إلى حديث عن معاناة تنموية في جهته ورحلة المريض بحثا عن العلاج ويتحدث عن عشقه للفلسفة والمحفظة ورفضه لتحويله إلى العمل الإداري ككل المدرسين المرضى وعن تنقلاته ومرحلتي التدريس في المكناسي وسيدي بوزيدوصفاقس.كما يتحدث عن مرحلة الدراسة الجامعية في كلية رقادة بداية التسعينات وما تخللها من تحركات سياسية للإسلاميين وغيرهم وأجواء الحركة الطلابية والاتحاد العام لطلبة تونس وغير ذلك من الأجواء.
4 يبدومهذب في هذه الرواية شخصية مصارعة يصارع الموت ويعيشه مرات في رحلة مرضية مضنية تواصلت حتى نهايته هذه الأيام ولكنه يكشف عدم تخليه عن البعد النضالي حتى في أحلك فترات حياته فترة الإقامة في المستشفى التي تزامنت مع عملية ثعلب الصحراء التي شنها جورج بوش على العراق.
5 هوكذلك مهذب يصر كل من عرفه على نضاليته ومعاناته فلم يفرح كثيرا بتونسالجديدة ولم يمهله القدر ليعيش تونس الحلم المنتظر ولم يمهل الساحة الأدبية حتى تنفض عنه غبار النسيان وهوالذي كان جديرا بمكان في مشهدنا الأدبي.ولم يمهله لمواكبة صدور روايته الثانية «المارستان» التي صدرت بعد وفاته وتحديدا منذ فترة وقد جاءت في حوالي 200صفحة وانقسمت الى سبعة فصول وكانت الروايةقد حصدت احدى جوائز كومار في دورتها الأخيرة.... يتبع