تضمن مشروع ميزانية 2013 مؤشرا سلبيا سيكون موضوعا للجدل بلاشك ويتعلق بمشروع ميزانية وزارة الثقافة المقترح والذي لم يتجاوز 38،0من الميزانية العامة للدولة يعني بنقص يصل الى أكثر من 50 بالمائة من الميزانية المخصصة للثقافة قبل الثورة . نعرف أن استحقاقات التنمية كثيرة وان مشاكل البطالة والصحة والتعليم والبنية الأساسية والبيئة وغيرها تحاصر الحكومة من كل جانب وان الاحتجاجات في عمقها هي احتجاجات من أجل العيش الكريم وان عددا كبيرا من التونسيين مازال مشغولا بالمشاكل الحياتية اليومية وليس له لا الوقت ولا الاهتمام في كل ماهو ثقافي الذي قد يعده البعض ترفا احيانا .
كل هذا صحيح ومنطقي لكن لا شك يبرر في اعتقادي التراجع او التقليص من ميزانية الثقافة لأنها قد تكون مؤشرا على اختيارات سياسية لا ترى في الثقافة اولوية في الوقت الذي يعتقد فيه عدد كبير من المثقفين وعلماء الاجتماع والتربية ان جانبا كبيرا من مشاكلنا اليوم في تونس هي مشاكل ثقافية اساسا .
فتراجع عقلية حب العمل والتواكل وتنامي العنف وتخريب المنشات العمومية وغياب الحوار وكل ما ينغص علينا حياتنا هو في النهاية يعود بشكل اساسي الى غياب ثقافة المواطنة والديمقراطية وهذه الثقافة الجديدة هي السبيل الوحيد للقطع مع ثقافة الحزب الواحد والرأي الواحد التي كرست الاستبداد وهذا لن يتحقق بدون استثمار في كل ماهو ثقافي وبالتالي تخصيص ميزانية محترمة لوزارة الثقافة على الاقل في مستوى ماكان موجودا .