حقوق الإنسان في الخطاب السياسي العربي الإسلامي المعاصر من أزمة التجديد الى تجديد الأزمة... كتاب في جزئين للباحث في العلوم السياسية والأستاذ في جامعة أوتاوا بكندا الدكتور نعمان الربودي. عن دار آفاق للنشر صدر كتاب جديد في جزئين في حوالي ألف ومائتي صفحة وهو في الاصل أطروحة دكتورا دولة نوقشت في كلية الآداب والفنون والإنسانيات سنة 2007 ويتناول الكتاب «محنة» حقوق الانسان في الثقافة العربية وتفكيك منظومة الاستبداد ومحاولات تأصيل فكر «الحق» التي سعى اليها عدد من المفكرين في التاريخ العربي الاسلامي كالغزالي والكواكبي كما تناول الباحث مفاهيم الاستبداد وما يتصل بها مثل الاستعمار والقمع ومصادرة الحريات واستهداف حقوق الانسان وكلها من «طبائع الاستبداد».
الكتاب اهتم أيضا بأسس الدولة الدينية ونظام الشورى والتيارات الليبرالية التي عرفها التاريخ العربي الحديث والعقد الاجتماعي الجديد الذي يمنح الحق في التعليم والصحة والمشاركة السياسية. وينتهي الباحث الى اعتبار ان حقوق الانسان في الثقافة العربية هي معضلة تلخص أزمة الثقافة العربية الاسلامية المعاصرة. ولا يغفل الباحث في كتابه التوقف عند الاستعمار باعتباره اعتداءً على حقوق الانسان بكل ما يحيط بذلك من انتهاكات على الحقوق الأساسية وصولا الى «الثورة» باعتبارها محاولة للاصلاح السياسي.
كتاب مرجعي
هذا الكتاب الصادر في جزئين يعتبر كتابا مرجعيا يصدر في فترة متلبسة من التاريخ العربي الاسلامي بعد ظهور «الربيع العربي» الذي أطاح بأنظمة الاستقلال التي بشرت بالدولة الوطنية لكنها صاغت نموذجا مشوها اعتدت فيه على الحريات السياسية وعلى حقوق الانسان وحددت فيه مجالات المشاركة السياسية.
ويعتبر الدكتور نعمان الربودي أن هذه الاعتداءات على حقوق الانسان الأساسية ليست أكثر من «قشرة» لازمة ثقافية عميقة تتصل بالمخيال الجماعي ويقول في هذا السياق «مشكل الاستبداد الذي لا تنفك النخب العربية الحديثة والمعاصرة تشكوه وتحمله مسؤولية التعفن والسقوط مشكل يفيض على أدوات صنع الثروة الاجتماعية المشاعة التي تتفرع عنها الحقوق بأنواعها ويفيض على أدوات توزيعها أيضا».
ويصدر الكتاب بعد عامين من ولادة الربيع الربيع الذي بدا من تونس ليمتد تأثيره الى ليبيا واليمن ومصر وسوريا ويشكل حالة سياسية جديدة تتراوح بين الثورة و«المؤامرة» كما تروج لذلك بعض الأدبيات. ومن بين الشعارات الأساسية للربيع العربي هي الحرية وحقوق الانسان والقطع مع الاستبداد والفساد ولعل المسار السياسي الجديد الذي مازال في بداياته يحتاج لوقت أكثر للتقييم، وفي انتظار ذلك تبقى حقوق الإنسان «محنة عربية اسلامية» بامتياز.
كتاب أساسي في فهم قضية مركزية في الفكر العربي الاسلامي.