إشكاليات السياحة الصحراوية.. وطرق انقاذ وإنعاش جهات الجريد وتوزر وقفصة وتثمين منتوجاتها الطبيعية الخلابة، وبنيتها الأساسية هي محور دراسة وزيارة قامت بها الجمعية التونسية للتنمية السياحية (قدماء السياحة) مؤخرا والتي حاولت الوقوف على صعوبات ازدادت عمقا بعد الثورة. تسعة عشر نزلا أغلقت أبوابها بعد الثورة في جهة توزر وقفصة وجهة الجريد.. نزل كانت تساهم في تشغيل حوالي 3 ألاف مواطن شغل. ولم تعد النزل بعد الثورة وخلال هذه الفترة حسب السيد المندوب الجهوي للسياحة محمد الصايم تستوعب أكثر من 40٪ من طاقتها.
من القاعدة إلى الثورة
أرجع السيد محمد الصايم تراجع السياحة الصحراوية إلى فترة ما قبل الثورة، لكن الأزمة تعمقت بعد الثورة ومع تصاعد الهاجس الأمني. ويقول محدثنا إن سنوات التسعينات وما قبلها قد عرفت أوج السياحة الصحراوية وعرفت رهانا سياسيا منذ الستينات على هذا النوع. وكانت الاستثمارات تقدر بحوالي 200 مليار في المنطقة وفي البنية الأساسية والتحتية، لكن إعادة انعاش القطاع تحتاج اليوم مبلغا مماثلا.
وأضاف بأن ما أساء إلى السياحة الصحراوية هو أحداث 11 سبتمبر 2001 وصورة القاعدة وأسامة بن لادن التي ارتبطت بالصحراء، ثم تفاقمت الأزمة مع الأزمة المالية للاتحاد الأوروبي قبل أن تزيد من إرباكها الثورة والأوضاع الأمنية في تونس وكثرة الاضرابات والاعتصامات.
واعتبر مندوب السياحة ان هناك حوالي 15 ألف موطن شغل ترتبط بصفة مباشرة وغير مباشرة بالحركة السياحية في المنطقة. ومن اشكاليات القطاع التي تباحثت فيها الجمعية التونسية للتنمية السياحية مع المندوب الجهوي اشكاليات الاستثمار وغياب مواطن الترفيه ومديونية المهنيين. وتبلغ مديونية المهنيين بالجهة بين 23 و30 مليارا وهم يواجهون صعوبات بنكية ومالية لا سيما مع تفاقم أزمة السياحة بالمنطقة بعد الثورة، ودعت الجمعية إلى مراجعة ديون المهنيين وايجاد الحلول اللازمة.
مشاكل وحلول
يعتبر السيد لطفي خياط رئيس الجمعية التونسية للتنمية السياحية (قدماء السياحة) أنه كانت لدينا مشاكل كبرى للسياحة قبل الثورة، لكن الاشكال الكبير بعد الثورة يتمثل في عزوف الطلبات السياحية بصفة عامة، ومنها السياحة الصحراوية.
وأشار إلى ما عملت عليه الدولة خلال سنوات من ارساء البنية التحتية ومحاولة للنهوض بالسياحة الصحراوية. وقال إنه قد حان الوقت لاستغلال هذه المناطق الغنية والساحرة.
وتوجد بالجهات الصحراوية جهات «كنوز» في مناظرها الطبيعية مثل منطقة تمغزة والشبيكة، ومدينة نفطة بخصائصها المعمارية ومنطقة عنق الجمل، إضافة إلى ديكورات هوليود التي صورت أفلاما شهيرة في الصحراء ومناظر خلابة للجبال والواحات والجمال وغيرها من ثروات وخصائص الصحراء. وأشار رئيس الجمعية التونسية للتنمية السياحية (قدماء السياحة) إلى أهمية التركيز على السياحة البيئية والايكولوجية، وسياحة المياه المعدنية بمنطقة مثل حامة الجريد واحداث مشاريع بها واعتبر ان المنطقة جديرة بسياحة اقامة لا سياحة عبور فقط، وهي لذلك تحتاج إلى مشاريع ترفيه واستثمار.. وقال انه من المهم تنمية سياحة المؤتمرات بالجهة.. كما أكد السيد لطفي على أهمية الارادة السياسية لدفع القطاع في المنطقة وإيجاد الحلول والالتفاف حوله.
واعتبرت دراسات جمعية قدماء السياحة أنه من المهم حث صغار الفلاحين على تحسين منتوجاتهم والعناية بواحاتهم قصد الحفاظ على خصائص المنطقة. كما تحتاج المنطقة إلى ترفيه واحياء لخصائصها الثقافية الموسيقية مثل «الطبال والزكار» والقيام بعروض أزياء خاصة الزي التقليدي وافطار أو عشاء في الخيمة إلى جانب احترام معمار المنطقة وخصائصها الفريدة.
عطلة.. وشريط
خلال حديث خاطف مع السيد عبد الرزاق شريط قال انه ستتم إعادة افتتاح دار شريط خلال شهرين وقد قام شريط بصرف حوالي مليار لإعادة احياء المتحف. وتعتبر دار شريط ودار زمان وشاق واق وغيرها من الأماكن التي يزورها السياح والتونسيون خلال زيارتهم إلى توزر كان عدد الزوار يبلغ 250 ألف زائر في السنة، لكن الثورة أتلفت أجزاء من هذه المتاحف الخاصة مما قضى على أحد أسباب زيارة المنطقة وأحد أبعاد انتعاشتها.
من جهة أخرى أكد السيد المندوب الجهوي للسياحة على وجود حجوزات وآفاق واعدة لارتفاع عدد السياح سواء في عطلة الشتاء أو في فترة عطلة رأس السنة. وتأمل أطراف وخبراء من الجمعية التونسية لقدماء السياحة مثل السيد اسماعيل حمزة في تجاوز معضلة الأمن والحفاظ على الاستقرار الذي يعتبر الشرط الأساسي لفتح أبواب السياحة.
وتعتبر فترة عطلة الشتاء فترة انتعاشة السياحة في المناطق الصحراوية، ولاسيما بفضل حركة السياحة الداخلية، وسياحة العائلات والرحلات نحو الجنوب، لكن ما تحتاجه المنطقة هو استمرار الحركة السياحية والمزيد من الثقة في المنتوج السياحي المقدم الذي يحتاج مزيدا من الترويج وتحسين مكوناته.