عاد المسرحي حمّادي المزّي لاعتلاء خشبة المسرح بعد غياب طويل، في مسرحيته الجديدة «الاستعراض» التي عرضت مؤخرا لأول مرة بالعاصمة، في قاعة «الفن الرابع». المزّي يجسّد في مسرحيته الجديدة، وهو مخرجها، شخصية سيف ا& الذي يدرّس تاريخ الحضارة في احدى الجامعات التونسية. سيف ا& تزوّج منذ ما يزيد عن 20 سنة بربيعة وهي طبيبة نساء (يسر عيشاوية)، وفي المسرحية... التقى هذا الثنائي بنزل بمنطقة جبلية بالشمال الغربي التونسي أين كانت الاستعدادات حثيثة لتنظيم استعراض كبير على خلفية الاحتفال بالثورة.
التقى هذا الثنائي في النزل الذي قضّيا فيه أحلى الأيّام التي جمعتهما، وخاصة شهر العسل، هناك استعرضا بعض جوانب خلل علاقتهما التي آلت الى الفراق والقطيعة. فانكشفت شخصية سيف ا&، هذا الجامعي الذي يدرّس التاريخ ويدّعي العفّة، اتّضح أن تاريخه مغرق في الفساد، يراود طالباته، ليخرج في النهاية «زير نساء». كل هذه المعطيات تؤثّث الجانب الدرامي لمسرحية الاستعراض، لكن الواقع غير ذلك فالدراما ليست سوى رسالة ألبسها مخرج العمل حلّة كوميدية لتكون في شكل كوميديا سوداء، كما هو متعارف عليها.
وفي هذا الاطار برزت بالخصوص الممثّلة المسرحية فاتن الشويبي، فأبهرت الجمهور بأدائها الجيّد، واقنعت فأضحكت. فاتن السويسي جسّدت دور «وريدة» المضيّفة بالنزل كانت تعيش وتتحرّك على وقع ذكرى حبيبها «الشيفر» طوال «الاستعراض»، وهو شخصية افتراضية لا تتواجد بالعمل فحبيب «وريدة» عاطل عن العمل، مستواه التعليمي متواضع ولكنه أحبّ المسرح بعد تعلّقه بأستاذة مسرح متحرّرة، قلبت سلوك «الشيفر»...
استعراض داخل «الاستعراض»
ومع هذه الشخصيات الثلاث الموجودة على الركح (سيف الله وربيعة ووريدة) تظهر بين المشهد والآخر شخصية افتراضية غير معلنة تركّز في ظهورها على الحركة وتقدّمها الممثلة دارين بوغزالة.
هذه الشخصية أعادت الاعتبار لموظب الركح الذي ارتبطت علاقته بالركح بالسواد دائما وبعدم الظهور الا ان طبيعة هذا العمل المسرحي الجديد للمخرج حمادي المزي فرضت ظهورها لأن العرض عبارة عن استعراض داخل الاستعراض او هو تمثيل على تمثيل ان صح التعبير.
ثلاثية الأبعاد
مسرحية الاستعراض في النهاية بنيت على أبعاد ثلاثة وهي الشخصيات الثلاث المحورية فوريدة كانت المتنفس الكوميدي للجانب الدرامي للمسرحية وهو تفشي ظاهرة العلاقات الزوجية الفاشلة مع بروز ظاهرة الخيانة الزوجية او ما شابهها في حياتنا الاجتماعية.
وعلى صعيد آخر تبرز شخصية سيف الله الطريفة كخيط وصل بين الكوميدي والدرامي في «الاستعراض» فهذه الشخصية تستمد طرافتها من سلوكها مع الآخر وخاصة الزوجة السابقة ومن حيث تعبيرات الوجه وتحرّكات الجسد فتكون حلقة الوصل بين شخصية «ربيعة» المهمومة، وشخصية «وريدة» الطريفة.
نقائص
لكن المتابع لمسرحية «الاستعراض» والمطلع على نصها من قبل يلاحظ ان عرضها بقاعة الفن الرابع مؤخرا كان مبتورا نوعا ما وهو ما حصل فعلا. حسب تعبير موظب الفيديو والصوت في هذا العمل ياسين المزي، الذي أكد ان ظروف العرض الأخير في قاعة الفن الرابع حتمت على فريق العمل عدم عرض فيديو مصوّر بيد أن المقلق في العرض كان التأخير غير المقصود والممل أحيانا في الاضاءة حيث كان من المفترض على المهتمة بالاضاءة نورس العرفاوي ان لا تنتظر كثيرا عند صعود أحد الممثلين في اي مشهد، حتى تعطي الاشارة الضوئية في الوقت المناسب وهو خطأ من الأخطاء التقنية التي قد تردّ الى الارتباك الا انها اقلقت الحضور، ومططت زمنيا مدة العرض.
عموما المسرحية مازالت في بدايتها وهذه الأخطاء واردة في العروض الأولى وبمرور الزمن وتعدد العروض سيشتدّ عودها (المسرحية) وتكون أجمل.