أعلنت قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل أنها غير معنية بأي تحوير وزاري وأن ذلك يبقى من مشمولات الحكومة وأن الاتحاد لا يعنيه الاشخاص والأفراد بل تعنيه الملفات والنجاح في التوصل الى حلول. تبدو الآن التجاذبات داخل الساحة السياسية أكثر بروزا بسبب «ضغوطات» التحوير الوزاري المنتظر لكن أيضا رغم موقف القيادة النقابية الا أن الساحة النقابية معنية بشكل واضح وجدّي بالواقع السياسي الذي يتجه نحو التعقيد...
لقد بات المشهد واضحا الآن فهناك أطراف سياسية لا تزال تعمل على التقليص من حجم ودور الاتحاد العام التونسي للشغل وتقليم أظافره وهو أمر يخضع في كل الحالات لحسابات سياسية وأيضا انتخابية في حين تدافع أطراف سياسية أخرى عن أن يكون للاتحاد العام التونسي للشغل دور بارز ومهم في تحقيق التوازن السياسي. قيادة الاتحاد العام التونسي للشغل تدرك جيدا تفاصيل هذا المشهد وتعي جيدا حقيقة التجاذبات التي تحكم الآن الساحة وتدرك أهمية دور الاتحاد خلال المرحلة القادمة.
اجماع
هناك اجماع الآن على نجاح الأمين العام حسين العباسي في التعامل مع مختلف «التجاذبات» القائمة حيث أكّد مرارا أن الاتحاد يلعب دوره الوطني وأن كل محاولات تحديد مربع تحرك الاتحاد لن يسمح بها.
السؤال المطروح الآن لماذا تخاف بعض الأطراف السياسية من دور الاتحاد على الساحة الوطنية؟ يدرك الجميع أن الاتحاد نجح منذ تأسيسه في لعب دور بارز ومؤثر في الساحة السياسية والوطنية وحتى في سنوات حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي حافظ الاتحاد على دوره في احتضان مختلف التيارات السياسية التي كانت تمنع من النشاط العلني لكن دون التخلي عن خطه النقابي الواضح وكان رغم كل شيء في مقدمة مكونات المجتمع المدني ولن ينكر أي طرف أن الاتحاد في السنوات الماضية كان دائما يطالب بالعفو التشريعي العام وبتحقيق الحريات الفردية والآن يبدو دور الاتحاد أكثر أهمية وأكثر دقة حيث صار مطالبا بتحقيق التوازن داخل الساحة دون التورط في دائرة الاستقطاب الاحادي والموجه...
بعض الأطراف السياسية لا تخفي ان النقابيين وبالتالي الاتحاد العام التونسي للشغل يمكن ان يكون منافسا قويا لهم في الساحة في الاستحقاقات القادمة خاصة بعد ان أعلن عدد من الوجوه النقابية انضمامهم رسميا الى احزاب سياسية (وأغلبها أحزاب معارضة) ونيتهم في الترشح للانتخابات القادمة وهو أمر يعني الكثير بالنسبة الى العارفين بحقيقة المشهد السياسي والمشهد العام في تونس.
تجربة
فالنقابيون اكتسبوا عبر عملهم ونشاطهم في الهياكل النقابية تجربة ميدانية مهمة ومعرفة بكل التفاصيل والخفايا إضافة الى قدرة كبيرة على التحرّك ونجاح في التواصل والتخاطب مع الأطراف المقابلة..
وتزداد أهمية مشاركة النقابيين في الاستحقاقات القادمة مع تزايد وتيرة غضب فئات كثيرة وعدم رضاها عن أداء الحكم الجديد واستفحال المشاكل الاجتماعية والاقتصادية وتواصل التهميش والعجز عن تحقيق الوعود خاصة في المناطق الداخلية الغاضبة.
أمام هذه الحقيقة وأمام هذه التفاصيل تتجه جهود الاحزاب السياسية (خاصة تلك التي هي خارج السلطة الآن) الى استقطاب الوجوه النقابية وبعضها يتحمل الآن مسؤولية قيادية فالمعركة الانتخابية القادمة تحتاج الى عناصر أكثر قدرة على التحرك وتملك خبرة احتراف أكثر وهو ما يتوفّر لدى النقابيين.. هل يكون النقابيون نجوم المعركة الانتخابية القادمة؟