يعيش المشهد السياسي في تونس الآن حالة استقطاب حاد وشديدة بين تيارين سياسيين الأول يتمثل في حركة النهضة الحاكمة والثاني يتمثل في حزب نداء تونس كقطب معارض. ورغم حدة هذا الاستقطاب الذي سيكون له تأثيراته على الساحة السياسية بشكل مباشر وغير مباشر فإن محور التوازن في الحياة السياسية ظل خارج هذا الاستقطاب وبعيدا عن قدرة كل من حركة النهضة الحاكمة وحركة نداء تونس المعارضة.
حوار
بصرف النظر عن قوة حركة النهضة الحاكمة والامتداد السريع لحركة نداء تونس الذي نلاحظه اليوم فإن خلق التوازن الحقيقي سيكون عبر طرف ثالث قوي وله تأثيره المباشر وغير المباشر في الساحة السياسية والساحة الاجتماعية ولدى الرأي العام.
ويرى المراقبون الآن أن الطرف القادر على خلق توازن وإدارة حوار وطني حقيقي في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس هو فقط الاتحاد العام التونسي للشغل. لكن لماذا الاتحاد العام التونسي للشغل؟
الأمر هنا لا يتعلق فقط بالتاريخ السياسي الطويل للاتحاد بل يتعلق بمدى قوة هذه المنظمة وبقدرتها الكبيرة على التحرك والتأثير عبر هياكلها و«مناضليها» وأنصارها. ثم إن الاتحاد العام التونسي للشغل ظل إلى الآن وطيلة أكثر من نصف قرن حاضنا لكل هموم الشعب التونسي السياسية والاجتماعية وكان طرفا في كل معادلة سياسية تهم الوطن.
مبادرة
الآن الاتحاد العام التونسي للشغل أطلق مبادرة تبدو المبادرة الجدية الوحيدة وسط كل هذه التجاذبات السياسية التي تعيشها الساحة وترتكز المبادرة كما أعلن الأمين العام حسين العباسي على تركيز مجلس الحوار الوطني بمشاركة كل الأطياف السياسية وكل التيارات وكل الأحزاب ومكونات المجتمع المدني. وستكون مهمة مجلس الحوار الوطني وضع خارطة طريق ملزمة لكل الأطراف الحاكمة والمعارضة وقادرة على ضمان وتحقيق الانتقال الديمقراطي. ويؤكد المراقبون أن في هذه الفترة يبدو الاتحاد العام التونسي للشغل هو الأقدر على انجاح وإدارة الحوار وأن مصداقيته ستكون الضامن لإلزام كل الأطراف بما تم الاتفاق عليه.
تجاذبات
لقد أكد الأمين العام للمركزية النقابية «حسين العباسي» في تصريح سابق ل «الشروق» ان الاتحاد فوق كل التجاذبات السياسية وأن الانتخابات لا تهمه بل يهمه تحقيق انتقال ديمقراطي حقيقي ويهمه الاعلان عن موعد الانتخابات وضبط خارطة طريق واضحة وملزمة تمكن من الخروج من الوضع السياسي الخانق الذي تعيشه تونس الآن.
وربما من أسباب نجاح مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل هو دعمها من طرف قوى فاعلة في المجتمع المدني من أهمها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان وعمادة المحامين. السؤال المطروح الآن هل تقبل حركة النهضة الحاكمة بالجلوس والحوار مع كل الأطراف تحت سقف الاتحاد.؟