ساعات تفصلنا عن نهاية 2012 هذه السنة التي ازدحمت بالأحداث تراوحت بين السلبية والايجابية في السنة الثانية التي تلت ثورة 14 جانفي، حيث جاءت حافلة بأحداث ثقافية متعددة.وماذا بقي منها؟ وماهي الاحداث التي ستحفظها الذاكرة الوطنية؟ مهرجانات وأحداث وفعاليات ثقافية وفنية.. واخفاقات وأحزان بالجملة... صورة لوّنت المشهد الثقافي والفني لسنة 2012.
بروز شخصيات وتراجع لأخرى
اضرابات واضطرابات واعتداءات على الفنانين والمثقفين ومنع وتكفير وتحريم.. وبروز لبعض الشخصيات الفنية وتراجع أخرى ولعل أهم هذه الشخصيات الممثل لطفي العبدلي الذي تعرض الى الاعتداء ومُنع عرضه في أكثر من مناسبة كما تعرضت الباحثة ألفة يوسف والأستاذ يوسف الصديق الى هجوم من طرف مجموعات متشددة خلال عرضهما لمحاضرة بدار الثقافة بقليبية. تكفير وتحريم
ولعل من أبرز وأهم أحداث 2012 ما عرف بأحداث العبدلية حيث عمدت مجموعة محسوبة على التيار السلفي الى اقتحام الفضاء الثقافي قصر العبدلية بالمرسى والاعتداء على بعض الأعمال الفنية المعروفة في إطار الدورة العاشرة لتظاهرة ربيع الفنون بالمرسى والملتئمة من 1 الى 10 جوان 2012 على خلفية أن هذه الأعمال تمسّ بالمقدّسات الاسلامية وقد قررت وكالة احياء التراث والتنمية الثقافية يوم 12 جوان 2012 غلق فضاء قصر العبدلية الى حين اعادة تنظيم التصرف فيه وضبط طرق استغلاله وتقديم قضية عدلية ضد جمعية ربيع الفنون التي تولّت تنظيم هذا المعرض، هذا القرار أثار حفيظة نقابة الفنانين التشكيليين التي أصدرت في ما بعد عدة بيانات تطالب فيها بمحاكمة المعتدين والمطالبة بتحصين حرية الفن.
قضية العبدلية تطوّرت الى أحداث عنف وتخريب بعديد الأحياء بالعاصمة وضواحيها وببعض الولايات الداخلية وتم على اثرها إيقاف 126 شخصا بتهمة المشاركة في هذه الأعمال وهو ما استوجب فرض حظر التجوّل ب 8 ولايات وتم رفعه يوم 15 جوان 2012.
تهم وأحكام بالسجن
وفي ما يعرف بقضية «كاكتوس» تم يوم 24 أوت إصدار بطاقة ايداع بالسجن في حق سامي الفهري مدير عام الشركة وصاحب قناة «التونسية» وإحالته على القضاء بتهمة الفساد المالي ويوم 30 أوت سلّم الفهري نفسه الى السلطات القضائية بعد ان راجت بعض الأخبار عن هروبه خارج البلاد. وبعد قضائه أشهرا في السجن تم يوم 28 نوفمبر الماضي النظر في القضية من طرف محكمة التعقيب التي قررت نقض قرار دائرة الاتهام والاحالة على الدائرة الجنائية، وبناء على ذلك تم إصدار قرار لسراحه لكن الوكيل العام لدى محكمة التعقيب أمر بعدم تنفيذ قرار السراح وهو ما دفع بسامي الفهري الى الدخول في إضراب جوع وحشي ألزمه المستشفى.
اعتصامات واعتداءات
كما شهدت مؤسسة التلفزة التونسية مجموعة من الأحداث سنة 2012 لعلّ أهمها ما عرف باعتصام التلفزة الذي انطلق يوم 2 مارس وتطور الى اشتباكات بين إعلاميين من التلفزة الوطنية والمعتصمين بعد رفعهم لشعارات مستفزة تدعو الى بيع القناة وتطهير التلفزة وخوصصتها، وذلك يوم 23 أفريل وبعد المفاوضات مع ممثل الحكومة تمّ تعليق الاعتصام يوم 25 أفريل وتكوين لجنة لمتابعة مطالبهم.
عودة المهرجانات
سنة 2012 شهدت أيضا عودة المهرجانات الصيفية بعد احتجابها نظرا الى الأوضاع الأوضاع الأمنية المتوترة التي عرفتها ا لبلاد في 2011 وانتظم مهرجان قرطاج الدولي من جديد وعادت المهرجانات الجهوية وبعض التظاهرات واللقاءات الثقافية.
كما انتظمت أيضا أيام قرطاج السينمائية واستقبلت تونس ضيوفا أجانب بعد تخوّف من انفلات أمني دام لأشهر، بقي أن نشير الى أن ما حصل للثقافة في ميزانية الدولة بعنوان 2013 كان سابقة في تاريخ تونس الحديث حيث احتلت المرتبة الأخيرة في الاعتمادات المرصودة لهذا القطاع الحيوي ما يقيم الدليل على التتفيه الذي طال وزارة كانت تعتبر استراتيجية لدى الحكومات التي تعاقبت على السلطة في تونس.
ينزل السّتار على 2012 هذه السنة التي شهدت أحداثا ثقافية وفنية لم تشهدها سنوات من قبلها لا يمكن اعتبارها إيجابية بقدر ما حملت عدة جوانب سلبية مسّت حرية التعبير فكثرت الاعتداءات الجسدية واللفظية على الفنانين والمثقفين وصلت الى حدّ تكفيرهم وتحريم الثقافة والفن من قبل جماعات كانت تحسب على التيار السلفي حدث ذلك في ظلّ غياب تام للقانون وصمت رهيب للحكومة.. فهل ستنقلب الأوضاع في 2013، وينقلب السّحر على السّاحر أم أن دار لقمان ستبقى على حالها؟! هذا ما ستكشفه السنة الجديدة.